الاستثمارات الكويتية في البوسنة: إسهامات تنموية من دون شروط مسبقة

حارث سيلاجيتش لـ «الشرق الأوسط»: الاستثمارات الكويتية كانت مدخلا مهما للحضور الدولي

TT

كانت الكويت سباقة في مجال الاستثمارات بالبوسنة، ولا سيما بعد الحرب التي دمرت أكثر من 90% من البنية التحتية، وقد توزعت الإسهامات الاقتصادية الكويتية في البوسنة بين المساعدات العينية والمالية المباشرة، والاستثمارات في مجال الحديد والصلب، وإعادة ترميم البنية التحتية، ومن ذلك تمويل جزء من مشروع طريق سريع بقيمة 30 مليون دولار.

وقالت الشخصية البوسنية الأكثر حضورا الدكتور حارث كامل سيلاجيتش لـ«الشرق الأوسط»: «إن الاستثمارات الكويتية كانت مدخلا مهما للحضور الدولي، كما أنها غير مشروطة أبدا» و«إن الكويت كانت من أول الدول التي ساهمت بعد الحرب مباشرة في إعادة بناء البوسنة، وقامت باستثمار 120 مليون دولار في مصنع الحديد والصلب في زينتسا، مما وفر 3800 فرصة عمل، ومولت الكويت مشروع قنوات الماء في سراييفو، وإعادة بناء الكثير من الجسور، مثل جسر لوشكي، وجسر مصلى في موستار»، مشيرا في الوقت ذاته إلى إمكانية زيادة تلك الاستثمارات في بلاده. وتابع «وكالة الاستثمارات الخارجية الكويتية التي لها استثمارات في الخارج تقدر بـ10 مليارات دولار، مهتمة بمجال الاستثمار في البوسنة» معتبرا زيارة رئيس الوزراء الكويتي الأخيرة إلى البوسنة حدثا تاريخيا، وسياسيا، واقتصاديا، سيكون له ما بعده على صعيد الاستثمارات الكويتية في البوسنة. وذكر أنه أجرى عدة اتصالات مع مدير وكالة الاستثمار الكويتية لهذا الغرض «الكويت دولة صديقة لنا، ولها استثمارات في دول العالم، ومن الأفضل أن يكون جزء من تلك الاستثمارات في البوسنة». ونوه الدكتور حارث سيلاجيتش، بالإسهامات التي قدمها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، ومنها منح 3 قروض للبوسنة بقيمة 14.3 مليون دينار كويتي، يهدف أولها إلى توفير التمويل اللازم لعمليات بنك الإعمار والتنمية بالبوسنة والهرسك، من خلال قرض بلغت قيمته نحو 6.1 مليون دينار كويتي لتمويل مشروعات الاستثمار وإعادة بناء القدرات الإنتاجية، وتوفير فرص عمل جديدة في الفيدرالية البوسنية (أحد كياني البوسنة والهرسك) للتخفيف من حدة البطالة المتفشية وما لذلك من آثار إيجابية لإنعاش القطاع الخاص وتنشيط الاقتصاد الوطني. يضاف إلى ذلك تمويل الصندوق الكويتي لمشروع تحسين 4 طرق وإعادة تشييد جسر المصلى في موستار، الذي تم تدميره أثناء العدوان على البوسنة، ويشمل المشروع تنفيذ 4 طرق طولها الإجمالي 20 كيلومترا وجسر طوله نحو 66 مترا في مدينة موستار وبتكلفة تقارب 3 ملايين دينار كويتي. كما يدعم الصندوق مشروع توفير مياه الشرب والصرف الصحي في سراييفو، وتسازين وتطوير شبكة الصرف الصحي في مدينة سربرينيك لدرء المخاطر البيئية الناجمة عن التلوث وبلغت تكلفة المشروع 5.2 مليون دينار كويتي. وهذا غيض من فيض ما قدمه الصندوق الكويتي للتنمية إلى البوسنة. وأعرب سيلاجيتش، عن اعتقاده بأن الاستثمارات الكويتية في البوسنة ستشهد نموا في المدة القادمة، ولا سيما في مجال الطاقة الكهربائية. وكانت وكالة الاستثمار الكويتية قد سبقت الجميع في مجال الاستثمار في قطاعي الحديد والصلب، بزينتسا (70 كيلومترا جنوب سراييفو) قبل بيعه لشركة «ميتال أرسيلور» الهندية. ولا تزال تدير مشروعا عقاريا كبيرا في وسط سراييفو، وهو مشروع «أونيتيك» التجاري الضخم في العاصمة البوسنية.

وقال السفير الكويتي في البوسنة، محمد فاضل خلف «عند زيارة رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر بن محمد الصباح سراييفو، في وقت سابق، تم توقيع عدة اتفاقات سياسية بين وزيري خارجية البلدين الشيخ محمد صباح السالم الصباح، ونظيره البوسني سيفن ألكلاي، واتفاقات اقتصادية من بينها اتفاق مع الجانب البوسني على تمويل طريق سريع بين كاكان وودوني جرادتشانيتسا، (وسط وشمال غربي البوسنة) بقيمة 30 مليون دولار كمرحلة أولى». وتابع «أثناء الزيارة التقى الشيخ ناصر الصباح والوفد الكبير المرافق له، والذي ضم نائب رئيس الوزراء، ووزير الخارجية محمد صباح السالم الصباح، ووزير المالية مصطفى جاسم الشمالي، ووزير العدل راشد عبد المحسن الحمد، ووزير الصناعة والتجارة أحمد راشد الهارون، أعضاء مجلس الرئاسة، وكذلك أعضاء البرلمان البوسني». وأردف «تعتبر الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء إلى البوسنة مرحلة جديدة في العلاقات الكويتية البوسنية وعلى كافة المستويات، ومن دون شروط مسبقة، ومن ذلك بحث التعاون في المجال الصحي، حيث تزخر البوسنة بالكثير من الكوادر المدربة، والتي تمتلك خبرات عالية محصتها التجربة، ومن ذلك العلاج الطبيعي، المشهور في البوسنة، والذي له مراكز معروفة عالميا كفوينيتسا وإليجا وغيرهما، وقد زار رئيس الوزراء المستشفى الجامعي بسراييفو، واطلع على الإمكانيات المتوفرة على عين المكان، إضافة لمجال الاستثمار في السياحة، والرياضة وهناك فرص كثيرة للتعاون التجاري من خلال فتح الأسواق للبضائع البوسنية» وقال مساعد وزير الخارجية البوسنية للشؤون الدبلوماسية أدهم باشيتش، الذي كان سفيرا لبلاده في الكويت «كانت زيارة رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر بن محمد الصباح أول زيارة رسمية يقوم بها مسؤول كويتي على هذا المستوى للبوسنة» وتابع «البوسنيون يولون أهمية قصوى وصادقة للعلاقات مع الأشقاء ولا سيما دولة الكويت، وقد فتحت تلك الزيارة آفاقا واسعة من التعاون بيننا» وعن قيمة تمويل الطريق السريع بين كاكان، ودوني غراتشانيتسا، قال: «قيمة المرحلة الأولى 30 مليون دولار، وهناك مراحل أخرى للمشروع». وذكر أن الرئيس حارث سيلاجيتش «تربطه علاقات صادقة مع رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر محمد الصباح، ووقف إلى جانب الكويت إبان الغزو الغاشم، ويحظى باحترام وتقدير جميع الكويتيين». تجدر الإشارة إلى أن للكويت عدة استثمارات في البوسنة، تتركز أساسا في العقار. كما ساهمت في إعادة تشغيل الكثير من المنشآت في البوسنة ولا سيما مصنع الحديد والصلب في زينتسا. وتعمل مؤسسات الإغاثة الكويتية في البوسنة منذ بواكير العدوان الذي تعرضت له في بداية تسعينات القرن الماضي. وقد بلغت قيمة المساعدات الإغاثية الكويتية إلى البوسنة نحو مليار دولار، وهو ما يحظى بالتقدير والاحترام من قبل جميع ضحايا ذلك العدوان. وقال مدير بنك البوسنة الدولي عامر بوكفيتش «لمؤسسة (الزامل) الكويتية مشاريع في البوسنة منها مشروع بتكلفة 125 مليون دولار، ولديهم مشاريع ربحية في مجال العقار والتعليم. وللكويتيين مشاريع كثيرة منها برجا يونيتيك القريبان من فندق الهوليداي إن». وتابع «قدمت الحكومة الكويتية 35 مليون دولار لتعبيد طريق سريع، بشروط ميسرة ونحن بصدد تدشين عهد جديد من العلاقات الاستثمارية بين دول الخليج من جهة والبوسنة من جهة أخرى». وحول الأسس التي يمكن للمستثمرين البناء عليها للحفاظ على رؤوس أموالهم، وتحقيق أرباح تشجعهم على المجيء إلى البوسنة وإقامة مشاريع أو المشاركة مع شركات بوسنية، أوضح بوكفيتش أن «بنك البوسنة الدولي ومصادره في المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، الضمانات الكافية للمستثمرين الذين ينسقون معنا أو يأتون عبر البنك وبالتعاون معه».