«مادوف عقاري» جديد في أميركا زور السندات والتحويلات

تسبب في انهيار بنك وخدع الحكومة الفيدرالية

TT

أدين مؤسس الشركة التي كانت تعرف في يوم من الأيام بأنها أكبر جهة تسليف للرهون العقارية في الولايات المتحدة بتهمة الاحتيال أمس (الأربعاء) بسبب تدبيره لمخطط أسهم في غش مستثمرين أميركيين وخداع الحكومة الفيدرالية والاستيلاء على مليارات الدولارات. وهذه إحدى الملاحقات القانونية القليلة الناجحة التي تلت مرحلة الأزمة المالية.

وبعد مداولات استمرت لأكثر من يوم، أدانت هيئة محلفين فيدرالية في مدينة فيرجينيا، لي بنتلي فاركاس، الرئيس السابق لشركة «تايلور وبين & وايتيكر» في 14 تهمة تتعلق بتزوير السندات والمعاملات والتحويلات المصرفية والتآمر لارتكاب جرائم احتيال. ويواجه فاركاس (58 عاما) عقوبات قد تصل لقضاء عقود في السجن بسبب دوره في مخطط الاحتيال والحصول على مبلغ 2.9 مليار دولار، فيما يقول عنه مدعون قضائيون إنه كان واحدا من أكبر وأطول مخططات الاحتيال المصرفية في التاريخ الأميركي، وإنه أدى إلى انهيار مصرف «كولونيال بنك» في عام 2009.

وقال لاني بروير، مساعد المدعي العام للقسم الجنائي في وزارة العدل: «ليس هناك شك في أن هذه قضية خطيرة ومهمة للغاية».

ومثلت المحاكمة التي استمرت لمدة 10 أيام انتصارا نادرا للمدعين الفيدراليين في أعقاب الأزمة المالية. وما زال يتعين على وزارة العدل الأميركية أن تلقي تهما على مسؤول تنفيذي أدار شركة كبرى في بورصة وول ستريت أدت إلى هذه الكارثة. وتجدر الإشارة إلى أن قضية سابقة ضد مديري صندوق التحوط في شركة «بير ستيرنز» كانت قد انتهت بالتنازل عن هذه القضية. وأسقط المدعون العموميون تحقيقاتهم في قضية أنغيلو موزيلو، الرئيس السابق لشركة «كانتري وايد فاينانشيال» التي انهارت تقريبا تحت وطأة قروض الرهون العقارية المتعثرة للمنازل.

وقد أقر ستة مسؤولين تنفيذيين آخرين في شركة «تايلور وبين & وايتيكر» بأنهم مذنبون. ووافق بعضهم على الشهادة ضد فاركاس في محاكمته. واتخذ فاركاس موقفا خلال محاكمته للدفاع عن تصرفاته وإنكار ارتكابه لأي مخالفة. ولم يرد محام عن فاركاس على طلب للتعليق.

يقول المدعون العموميون إن المخطط بدأ في عام 2002 عندما تحرك مسؤولون تنفيذيون في شركة «تايلور وبين & وايتيكر» لإخفاء خسائر الشركة، وسحب حساباتها من مصرف «كولونيال بنك» بشكل سري، في أوقات بأكثر من 100 مليون دولار. ومن أجل تغطية الأعمال، قال المدعون العموميون إن شركة التسليف العقارية باعت لمصرف «كولونيال بنك» رهونا عقارية «مزيفة» و«عديمة القيمة» بمبلغ نحو 1.5 مليار دولار، بعضها كان قد تم شراؤه بالفعل من قبل مؤسسات استثمار أخرى. وبدورها، ضمنت الحكومة، هذه القروض المنزلية المزيفة. وفي خطة متصلة، استحدث فاركاس ومسؤولون تنفيذيون آخرون عملية تسليف منفصلة للرهون العقارية، تعرف باسم «شركة أوكالا للتمويل». وباعت الشركة الفرعية أوراقا تجارية لشركات مالية كبرى من بينها مصرف «دويتشه بنك» وشركة «بي إن بي باريباس». وعندما انهارت شركة «تايلور وبين & وايتيكر»، لم تتمكن البنوك من استرداد كل أموالها.

وأثناء عملية الاحتيال، استولى فاركاس على نحو 20 مليون دولار، استخدمها في شراء طائرة خاصة وعدة منازل ومجموعة من السيارات الفارهة. وقال بروير: «صب مخططه القذر بشكل صادم الزيت على النار، وأسهم في حدوث الأزمة المالية». ومع تفاقم الأزمة الائتمانية، أقنع فاركاس ومسؤولون تنفيذيون آخرون في شركة «تايلور وبين & وايتيكر» مصرف «كولونيال بنك» بطلب الحصول على مبلغ 570 مليون دولار من اعتمادات الإنقاذ المالية الفيدرالية عبر برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة.

ووافقت وزارة المالية على اعتمادات الإنقاذ، بشرط تمكن مصرف «كولونيال بنك» من جمع مبلغ 300 مليون دولار أميركي من الأموال الخاصة. وفي نهاية الأمر، لم تقدم الحكومة الفيدرالية أي أموال لمصرف «كولونيال بنك».

وبعدها بفترة وجيزة، خلال شهر أغسطس (آب) عام 2009، أعلن مصرف «كولونيال بنك» إفلاسه، وهو نفس الوقت الذي انهارت فيه شركة «تايلور وبين & وايتيكر». وقالت كريستي روميرو، القائمة بأعمال المفتش العام لبرنامج إنقاذ الأصول المتعثرة في بيان صحافي: «يضمن حكم اليوم أن فاركاس سوف يدفع ثمن جريمته، من جراء هذا المخطط غير المسبوق للاحتيال على المنظمين خلال ذروة الأزمة المالية وسرقة أكثر من 550 مليون دولار من دافعي الضرائب عبر برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة».