الاتحاد الأوروبي يقر حزمة إجراءات تفرض عقوبات صارمة على دول «الديون والعجز»

على أمل معالجة المشكلات المالية

TT

رحبت الرئاسة المجرية الحالية للاتحاد الأوروبي، بموافقة البرلمان الأوروبي على تمرير حزمة إصلاحات من ست خطوات تعزز التشريعات الخاصة بالإصلاح النقدي والاقتصادي، وقالت رئاسة الاتحاد في بيان، تلقينا نسخة منه، إنه بات من المكن التوصل إلى اتفاق بشأن إصلاح الإدارة الاقتصادية الأوروبية والتي تهدف إلى تعزيز الثقة في منطقة اليورو، وذلك قبل أن تتسلم بولندا رئاسة الاتحاد في بداية شهر يوليو (تموز) المقبل.

وحصلت حزمة الإصلاحات على موافقة المجموعات المختلفة فيما عدا مجموعة يسار الوسط خلال عملية التصويت التي جرت في مقر البرلمان ببروكسل، ورحبت رئاسة الاتحاد الأوروبي بنتائج هذا التصويت وشددت على أن الإصلاحات المقترحة تظل «عنصرا حاسما» في معالجة المشكلات التي تواجه منطقة اليورو وتعهدت بالقيام بقصارى جهدها للتوصل إلى اتفاق بين المؤسسات قبل يونيو (حزيران) 2011. وحزمة الإصلاحات الجديدة تنص على فرض عقوبات أكثر صرامة على بلدان الاتحاد الأوروبي المتسيبة في الديون والعجز وتطالب بالتعامل بمستويات غير مسبوقة من التدقيق في السياسات الاقتصادية الوطنية لكل دولة وهو نمط لم يكن متعاملا به حتى الآن. وفي منتصف مارس (آذار) الماضي، اتفق مجلس وزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي، على نهج عام بشأن حزمة الإدارة الاقتصادية، وبعدها بدأت الرئاسة المجرية للاتحاد، التفاوض مع البرلمان الأوروبي حول هذا الصدد. حسب ما ذكر وزير الاقتصاد المجريري جيورجي ماتولكيس ورئيس المجلس الحالي، الذي أضاف أن الرئاسة ستتولى هذه المهمة وأن الحل جاء في الوقت المناسب، بعد مناقشات لقادة الدول والحكومات الأوروبية. ويستند النهج العام على المقترحات التي قدمتها المفوضية الأوروبي في 22 سبتمبر (أيلول) 2010، والحزمة التي قدمها فريق العمل الذي قاده رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، وتتضمن تحقيق الإصلاح، والاستقرار، والنمو، وتعزيز المراقبة المالية، وإحكاما بشأن الأطر المالية الوطنية، وتدابير الإنقاذ بالنسبة للدول الأعضاء غير المتوافقة مع الآخرين، والكشف المبكر عن وجود عدم اتساق لمنع أي اختلالات في الاقتصاد الكلي للاتحاد الأوروبي، وهي أمور جرى حسمها بعد مفاوضات ثنائية ومتعددة الأطراف، واجتماعين لمجلس الايكوفين، وأربعة اجتماعات على مستوى السفراء، وعشرة لقاءات لفريق العمل الأوروبي الاقتصادي. وفي النهاية جرى اعتماد مقترحات الرئاسة الحالية للاتحاد، للتوصل إلى النهج العام لحزمة الإدارة الاقتصادية، وعرضت بعد ذلك على البرلمان الأوروبي ولم يتبق سوى عرض الأمر على اجتماع الايكوفين في يونيو القادم لإقراره بشكل نهائي. من جهته قال المجلس الوزاري الأوروبي، إنه جرى الاتفاق على نهج عام لمجموعة من التدابير الرامية إلى تعزيز الإدارة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي بشكل عام، وفي منطقة اليورو بشكل خاص، لمواجهة التحديات وأبرزها الاضطرابات الأخيرة في الديون السيادية، والأسواق، وقال المجلس إن الحزمة تتضمن تعزيز الانضباط في الميزانية في الدول الأعضاء، وتوسيع نطاق مراقبة السياسات الاقتصادية، وترجمة ما صدر عن فريق مجموعة العمل التي يرأسها هرمان فان رومبوي، والتي قالت في توصياتها، إن الاتحاد النقدي يحتاج على المدى البعيد إلى زيادة التنسيق الاقتصادي.

وسبق أن شرح فان رومبوي رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هذا الأمر وقال إن التوصيات والمقترحات التي تتضمنها الحزمة تتضمن السير في 5 اتجاهات وهي توسيع نطاق المراقبة الاقتصادية، بإنشاء آلية للمراقبة الاقتصادية تعطي إنذارا في وقت مبكر للكشف عن مخاطر اقتصادية تؤثر على التنمية المستدامة أو الموازنات أو مجال المنافسة وهي مخاطر لم يجر الاهتمام بها بالشكل الكافي خلال العقد الأول من انطلاق التعامل باليورو، «وقد أظهرت الأزمة الأخيرة أن الموازنات السليمة ليست كافية لضمان نمو اقتصادي مستدام»، والاتجاه الثاني زيادة الانضباط المالي وتقوية ميثاق الاستقرار والنمو، وأشار فان ريمبوي إلى الاتفاقات السابقة التي جرى التوصل بشأنها وتتعلق بتدابير وعقوبات، و«جرى التوافق مؤخرا بشأن المبادئ العامة». والاتجاه الثالث هو تنسيق أعمق وأوسع نطاقا، وخاصة فيما يعرف باسم الفصل الدراسي الأوروبي الذي بدأ العمل به في العام الجاري. أما الاتجاه الرابع فهو إدارة أكثر قوة للأزمات من خلال مصداقية القرار، ومعالجة الضائقة المالية، ومنع انتقال العدوى إلى دولة أخرى، والاتجاه الخامس هو تقوية المؤسسات على الصعيد الوطني، مع استخدام أو إنشاء مؤسسات الهيئات العامة لتوفير تحليل مستقل والتوقعات بشأن السياسة المالية المحلية. وتريد الدول الأعضاء في منطقة اليورو استخلاص الدروس من الأزمة المالية التي ضربت اليونان وبعدها آيرلندا وهددت مقومات اليورو بشكل خطير. وسبق لاجتماعات الايكوفين أن بحثت فرض عقوبات جديدة وأكثر تلقائية ضد البلدان التي تسجل مستويات مرتفعة جدا في مجالي العجز أو الديون. وتستوجب معايير عقد الاستقرار والنمو النقدي والاقتصادي الأوروبي حاليا أن يكون العجز العام أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي والديون لا تزيد على 60 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، ولا تلتزم عمليا بهذه القواعد سوى دول قليلة في منطقة اليورو. وبينما قال فان ريمبوي «إن الاتحاد الأوروبي قدم خطوة كبيرة إلى الأمام في مجال الإدارة الاقتصادية» لكن رئيس منطقة اليورو جان كلود جونكر أبدى حذرا، وقال إنه يجب معاينة التفاصيل وإن المفاوضات ستستمر لتحسين الآلية الجديدة المتفق عليها التي تنص على منح الدول المقصرة والمتسيبة مهلة 6 أشهر قبل إلحاق عقوبات بها. كما أن فرض أي عقوبات لن يتم سوى عبر التصويت بالأغلبية وليس بشكل تلقائي، مما يحد من فرص فرضه الفعلية.