«جدوى للاستثمار»: نتائج الشركات السعودية الربعية تعكس الأوضاع الصعبة في المنطقة

أكدت أن ارتفاع أسعار النفط يدل على وجود علاوة مخاطر كبيرة

سوق الأسهم السعودية تشير إلى أن الفصل الأول كان صعبا على معظم القطاع الخاص («الشرق الأوسط»)
TT

قالت شركة «جدوى للاستثمار» السعودية إن نتائج الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية تشير إلى أن الفصل الأول كان صعبا على معظم القطاع الخاص، حيث سجلت الأرباح الصافية للشركات المدرجة ككل ارتفاعا بنسبة 23 في المائة مقارنة بالفصل المماثل من عام 2010 وارتفاعا بنسبة 13 في المائة مقارنة بالفصل الأخير من ذلك العام.

وأوضح تقرير صادر عن «جدوى» أن قطاع البتروكيماويات حقق أفضل أداء بفضل ارتفاع أسعار منتجاته وزيادة المبيعات العالمية بصفة عامة وليس نتيجة للظروف المحلية أو الإقليمية، مشيرا إلى أنه في حال تم استبعاد قطاع البتروكيماويات فإن ذلك يوضح أن نمو إجمالي الأرباح لم يتجاوز 3.7 في المائة على أساس المقارنة السنوية، بل تراجع بنسبة 2.3 في المائة مقارنة بالفصل السابق، في أول تراجع فصلي منذ الربع الأخير من عام 2009.

وسجلت الأرباح الفصلية لقطاع البتروكيماويات ككل و«سابك» أكبر شركات القطاع أعلى مستوى لها على الإطلاق، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المنتجات. وجاء ارتفاع أسعار البتروكيماويات نتيجة للارتفاع الحاد في أسعار النفط التي تجاوزت بكثير مستوياتها في الفصل الأول من العام الماضي.

وتابعت «جدوى» أن معظم القطاعات الأخرى تأثرت سلبا بالاضطرابات في المنطقة، فقد تراجعت أرباح 6 قطاعات على أساس سنوي وأرباح 6 قطاعات أخرى على أساس فصلي، وجاءت أشد التراجعات من نصيب الشركات المكشوفة بصورة مباشرة أمام الأحداث من خلال امتلاكها وحدات إنتاجية في الدول المتأثرة أو أنها تعتبر من المصدرين الرئيسيين لها، وخاصة مصر.

وقال التقرير إن العديد من الشركات في قطاعات الزراعة والتشييد والاستثمار المتعدد سجلت تراجعا حادا في العائدات، وقد أشار بعضها إلى أنه لا يتوقع النشاط للأوضاع الطبيعية على المدى القصير.

وشكلت الزيادة الكبيرة في أسعار المواد الخام بالنسبة إلى كثير من الشركات سببا رئيسيا لارتفاع تكاليف التشغيل، مما تسبب في تأكل الأرباح، وقد ارتفعت الأسعار العالمية لكثير من السلع بصورة حادة وسجل أسعار بعضها، مثل النحاس، أعلى مستوياته على الإطلاق خلال الفصل الأول على حسب ما ورد في التقرير.

وأضاف التقرير أن ارتفاع أسعار المعادن ومنتجات البتروكيماويات انعكس على أرباح شركات قطاعي الاستثمار المتعدد والبناء والتشييد، كما أشارت أكبر شركتين في إنتاج الألبان وصناعة الأغذية إلى أن ارتفاع تكاليف مواد التعبئة والتغليف، قد أضر كثيرا بأرباحها التي تأثرت أيضا بارتفاع تكاليف العلف المستورد مما يعكس بصورة جزئية الارتفاع القياسي للأسعار العالمية للأغذية إلى أعلى مستوياتها خلال الفصل الأول. من ناحية أخرى، أدى ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة تكلفة النقل في الدول الأخرى مما أدى إلى زيادة أسعار مدخلات الإنتاج المستوردة. ولا نعتقد أن التغير في سعر الصرف قد أثر على أسعار السلع المستوردة، ورغم أن سعر الدولار المرجح تجاريا يراوح حاليا عند أدنى مستوى له منذ 31 شهرا نجد أن متوسط سعره خلال الفصل الأول يتسق مع مستوياته في الفترة المماثلة من عام 2010.

وأوضح أن برامج الإنفاق الإضافي الضخم التي تم إقرارها عبر مجموعة من المراسيم الملكية في 24 فبراير (شباط) و18 مارس (آذار) الماضي لم تؤد إلى إحداث تأثير كبير على نتائج الشركات، ولا يشكل ذلك مفاجأة باعتبار أنه لم يتم تنفيذ إلا قدر ضئيل من برنامج الإنفاق الجديد خلال الفصل.

وتابع «لكن يبدو أن بعض شركات المساهمة تأثرت جراء دفعها منحة راتب شهرين لموظفيها تأسيا بالمنحة التي قررها الملك لموظفي الدولة، حيث أحصينا 27 شركة من الشركات المدرجة قامت بمنح راتب شهرين لموظفيها وإن كان ليس واضحا في العديد من الحالات ما إذا كان الدفع قد تم في الربع الأول أم الثاني».

ولفت إلى أن القطاع الوحيد الذي ربما يكون قد استفاد من الإنفاق الحكومي الجديد هو قطاع التجزئة الذي سجل ثاني أسرع معدل نمو في الأرباح في الفصل الأول، حيث يرجح أن معظم منحة راتب الشهرين قد تم إنفاقها بمجرد تسلمها.

وتعتقد «جدوى» أن مخصص التطوير العقاري ضمن برامج الإنفاق الحكومي الجديد يتطلب عدة فصول حتى يبدأ تأثيره ينعكس على أداء الشركات، حيث يلاحظ أن شركات التطوير العقاري المدرجة ركزت بصفة عامة على أعمال تطوير محددة وقليلة رغم أن الجزء الأكبر من حزمة الإنفاق مخصص لبرنامج توفير المساكن، وتعتبر شركات الاستثمار الصناعي والتشييد والإسمنت في وضع أفضل لتحقيق مكاسب من برامج الإنفاق الحكومي.

وسجل القطاع المصرفي بصفة عامة نتائج مخيبة للآمال، فرغم تحقيق تسعة من البنوك الأحد عشر المدرجة في السوق زيادة في الأرباح جاء النمو السنوي في معظم الحالات من رقم آحادي ولم يتجاوز نمو الأرباح بالنسبة إلى القطاع ككل 8 في المائة.

وتابع «لا نستطيع، في ظل غياب تفاصيل دقيقة حول نتائج الأرباح، تحديد حجم التحسن الذي تحقق بفضل انخفاض مخصصات خسائر الائتمان، لكن نعتقد أن خفض المخصصات ساهم بصورة إيجابية في نتائج جميع البنوك، كذلك ارتفعت عمليات الإقراض ونمت محافظ القروض لدى البنوك المدرجة بنسبة 4.7 في المائة في الفصل الأول، لكن أسعار الفائدة المنخفضة لا تزال تعوق نمو الإيرادات من الأنشطة المصرفية الرئيسية».

وأوضح أنه بالنسبة إلى اثنين من القطاعات التي سجلت تراجعا في صافي الأرباح الربع سنوية جاء التراجع منسجما مع النمط الموسمي المعتاد، حيث من المعلوم أن قطاعي الاتصالات والنقل يحققان أفضل أرباحهما خلال موسم الحج، الذي درج على التزامن مع الفصل الرابع خلال السنوات الأخيرة، نتيجة للعدد الضخم من الحجيج الأجانب الذين يتنقلون بين مختلف المشاعر والمدن ويدفعون رسوم تجوال أعلى على استخدام هواتفهم الجوالة.

وقالت «جدوى» إن أسعار النفط على مسارها الصاعد خلال أبريل (نيسان) الحالي، حيث سجل خاما برنت وغرب تكساس أعلى مستوياتهما منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2008 ورغم عدم بلوغهما ذروة الأسعار التي كانا قد حققاها سابقا فإنهما مستمرين في الارتفاع حتى اللحظة من شهر أبريل الحالي، بل إن أسعارهما الحالية تتجاوز مستوياتهما في نهاية العام الماضي بكثير بنسبة 33 في المائة لخام برنت ونسبة 22 في المائة لخام غرب تكساس.

ويعكس تواصل ارتفاع الأسعار مخاوف المستثمرين والمستهلكين من الاضطرابات التي تسود المنطقة واحتمالات حدوث المزيد من الارتباك في الإمدادات النفطية أكثر مما يعكس المعطيات الأساسية للسوق في الوقت الحالي.

وأوضح تقرير «جدوى» أنه على الرغم من أن الوضع من ناحية العرض والطلب يعتبر مريحا، فإن الارتفاع الكبير في الأسعار يدل على وجود علاوة مخاطر كبيرة أضيفت إلى أسعار النفط، وتشير علاوة المخاطر هذه إلى أن المستهلكين والمستثمرين يرغبون في فائض إمداد يوفر حيزا أكبر مما اعتادوا عليه سابقا.

وفي ظل غياب إنتاج إضافي فمن المرجح أن تظل الأسعار تراوح عند مستوياتها الحالية على المدى القريب ما لم تظهر دلائل واضحة على تراجع في حجم الطلب، ورغم أن هيئة الطاقة الدولية كانت قد أشارت في تقريرها الأخير إلى أن ارتفاع أسعار النفط تتسبب في ضعف نمو الطلب خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير فإن الأسعار استمرت في الارتفاع.

وزاد تقرير شركة «جدوى للاستثمار»: «على ضوء استمرار ارتفاع أسعار النفط فقد عدلنا توقعاتنا بشأن أسعار النفط بالرفع، حيث نقدر متوسط سعر خام برنت عند 101 دولار للبرميل مقابل 93 دولارا لخام غرب تكساس رغم أن هذه الأسعار تقل عن المستويات التي يتوقعها معظم المحللين. وبما أن السوق مشبعة حاليا بكميات كافية من النفط وفي ظل احتمالات تراجع حدة التوترات في المنطقة تدريجيا، فمن المنتظر انكماش علاوة المخاطر في أسعار النفط خلال النصف الثاني من العام».

إضافة إلى ذلك، تتوقع «جدوى» حدوث تباطؤ في نمو الطلب، هذا فضلا عن أن من شأن حدوث تراجع عام في أسعار السلع أن يرفع من احتمال هبوط أسعار النفط.

إلى ذلك أوضحت «جدوى» أن حجم عمليات مقايضة مخاطر الائتمان كان حتى وقت قريب ضئيلا جدا في السعودية، لكنها آخذة في الانتعاش بحيث أضحى تداولها يوفر صورة تقريبية لنظرة المستثمرين الأجانب إلى مخاطر الديون السيادية.

وتستخدم أسعار عقود مقايضة مخاطر الائتمان في قياس نظرة المستثمرين إلى مخاطر الديون السيادية لبلد ما في معظم أنحاء العالم، وقد تزايد الاستشهاد بها مؤخرا في وقت تشهد فيه دول المنطقة أحداثا متسارعة.

ويستخدم سعر عقود مقايضة مخاطر الائتمان كمعيار لقياس المخاطر ويمثل في الواقع تكلفة التأمين ضد تعثر دولة ما في سداد ديونها، وهناك فترات زمنية (آجال) متعددة لعقود مقايضة مخاطر الائتمان أكثرها رواجا بين المستثمرين المقايضات بآجال خمس سنوات.

وأوضح التقرير أن سعر مقايضة مخاطر الائتمان السعودي لأجل خمس سنوات يبلغ 115 نقطة أساس حاليا، أي أن تأمين دين حكومي سعودي بقيمة 10 آلاف دولار أجله خمس سنوات يكلف 115 دولارا، أما في واقع الأمر فلا تصدر المملكة أي دين خارجي بأجل خمس سنوات، بل لا تصدر أي دين خارجي على الإطلاق.

وقال «لا تستخدم السعودية ودول أخرى عديدة عقود مقايضة مخاطر الائتمان بصورة مباشرة للتأمين ضد التعثر، لكنها تستخدم من قبل الشركات لحماية استثماراتها في المملكة ومن قبل المستثمرين الذين يرغبون في التعرض لمخاطر الدين السيادي السعودي»، ويشهد الأخير تناميا في السوق لأنه يتعذر على المستثمرين الأجانب التعرض للمخاطر السعودية نتيجة لانعدام الأدوات المالية.

وأوضحت «جدوى» أنه بالنسبة إلى المحللين يوفر سعر مقايضة مخاطر الائتمان مؤشرا حول نظرة المستثمر الأجنبي إلى مخاطر الدين السيادي لدولة ما، وتوفر التصنيفات الائتمانية مؤشرا مشابها للمقايضات إلا أنها لا تتغير بصفة منتظمة، بينما تعتبر مخاطر الائتمان قابلة للتداول مما يجعلها تعكس الأحداث بصورة فورية.

ولفتت إلى أن فائدة عقود مقايضة مخاطر الائتمان تعتمد في إعطاء مؤشر حول مخاطر الديون السيادية على مدى كثافة تداول تلك العقود، مشيرة إلى أنها كانت – «جدوى للاستثمار» - حذرة إزاء إعطاء اهتمام كبير لعقود مقايضة مخاطر الائتمان في المملكة بسبب ضآلة حجم السيولة المتداولة فيها.

وتابعت «لكن يبدو أن هذا الوضع آخذ في التغير، حيث حلت عقود مقايضة مخاطر الائتمان السعودي خلال الأسبوع المنتهي في 25 مارس لأول مرة ضمن أعلى 100 عقد تم تداولها حسب بيانات الهيئة الأميركية لائتمان ومقاصة الودائع، وهي الجهة المسؤولة عن مقاصة وتسوية معاملات الأوراق المالية».

وكان عدد العقود القائمة لمقايضة مخاطر ائتمان سعودية قد بلغ نحو 233 عقدا بتاريخ 15 أبريل الحالي بلغت قيمتها 1.8 مليار دولار، ورغم ذلك لا يزال تداول هذه المخاطر ضعيفا، فعدد العروض المتاحة للمستثمرين الذي يسعون لبيع أو شراء مخاطر ائتمان سعودية يعتبر قليلا، كما أن الفروقات بين أسعار البيع وأسعار الشراء تعتبر كبيرة حيث تبلغ 4 في المائة مقارنة بنسبة 1.6 في المائة لمقايضات مخاطر ديون إسبانيا التي تعتبر في الوقت الحالي عقود مقايضة مخاطر الائتمان الأكثر تداولا.