ملابسات مهمة تتكشف في قضية المتاجرة الداخلية بمصرف «غولدمان ساكس»

تسجيلات كشفت أن المتهم تاجر في أسهم المصرف بعد مدة وجيزة من مكالمة هاتفية

راج راجاراتنام (رويترز)
TT

خلال محاكمة راج راجاراتنام، التي كان يمكن أن ترفع إلى هيئة المحلفين بالأمس، كان هناك شخص مهم في قاعة المحاكمة؛ وهو راجات غوبتا. ولم يتم محاكمة غوبتا، الذي كان في يوم من الأيام واحدا من أكثر رجال الأعمال احتراما في العالم، كما لم تتم إدانته جنائيا. ولكن لم يمر بالكاد يوما لم يستمع فيه المحلفون في محاكمة راجاراتنام، وهي أكبر قضية متاجرة داخلية على مدى أجيال، إلى الرئيس السابق لشركة «ماكينزي وشركاه» الاستشارية.

وقد استمع المحلفون لتسجيل يتحدث فيه غوبتا، وهو مدير سابق في مصرف «غولدمان ساكس» مع راجاراتنام، الذي أدار صندوق التحوط في «مجموعة غاليون»، عن مناقشات سرية لمجلس إدارة البنك. كما استمعوا إلى شريط يتفاخر فيه راجاراتنام لزميل بأن أحد مديري «مصرف غولدمان» كان قد رشحه لإدارة أرباح المصرف قبل الإعلان عن ذلك بشكل عام. وفي مكالمة أخرى مسجلة، أخبر راجاراتنام زميله التجاري بأنه كان قد تلقى كلمة مفادها بأن شيئا جيدا سوف يحدث في «مصرف غولدمان».

وقدم مدعون عموميون أيضا فواتير هاتفية وسجلات تجارية تثبت أن راجاراتنام كان قد تاجر في أسهم «مصرف غولدمان ساكس» بعد فترة وجيزة جدا من مكالماته الهاتفية مع غوبتا.

ولكن اسم غوبتا لم يذكر في إدانة الحكومة لرجل الأعمال راجاراتنام. وقد أعلن مكتب المدعي العام في ولاية مانهاتن، الذي كان يحقق في دور غوبتا بهذه القضية لمدة ثلاث سنوات على الأقل، أنه اشترك في التآمر مع راجاراتنام، ولكن لم يتم إدانته جنائيا. وبدلا من ذلك، كان مدعون عموميون قانونيون قد بنوا تهمهم الرسمية ضد راجاراتنام حول خمسة شهود متعاونين كانوا قد أقروا بذنبهم واعترفوا بمشاركتهم في عمليات التآمر التجارية الداخلية مع المدعى عليه.

ويقول خبراء قانونيون إن هناك الكثير من الأسباب التي تجعل المدعين العموميين يجرون تحقيقا جنائيا لإدانة بعض المتآمرين المشتركين بينما لا يدينون آخرين. وقال أنطوني سابينو، أستاذ القانون في جامعة سان جونز: «ما يدفع هذه القرارات هو قوة الدليل ضد كل متآمر مشترك فردي بالإضافة إلى اعتبارات تكتيكية».

ولم يكن هناك أي مؤشر على أن غوبتا سيلعب أي دور في قضية راجاراتنام خلال الشهور التي تسبق المحاكمة. ولكن في بداية شهر مارس (آذار)، وقبل أسبوع من اختيار هيئة المحلفين، أرسلت لجنة السندات والبورصة موجات صدمة في الأوساط التجارية بالولايات المتحدة الأميركية عندما رفعت دعوى إدارية مدنية ضد غوبتا. واتهمت الوكالة غوبتا بتسريب المناقشات التي جرت في قاعة اجتماعات مجلس الإدارة لمصرف «غولدمان» وشركة «بروكتر آند غامبل»، حيث كان يعمل أيضا كمدير قبل استقالته خلال الشهر الماضي، إلى راجاراتنام.

وقال غاري نافتاليس، محامي غوبتا، في ذلك الوقت: «اتهامات لجنة السندات والبورصة لا أساس لها من الصحة تماما. وسجل غوبتا الذي يمتد لمدة 40 عاما من السلوك الأخلاقي والنزاهة والالتزام بحماية مشاعر الثقة لعملائه لا تشوبه شائبة».

ويعتبر غوبتا، وهو مواطن هندي من ولاية كولكاتا وخريج كلية التجارة في جامعة هارفارد، أبرز مسؤول تنفيذي تورط في التحقيق واسع النطاق الذي تجريه الحكومة الفيدرالية الأميركية بشأن المتاجرة في المعلومات السرية لصناديق التحوط. وقد أدى سقوطه المفاجئ فيما يتعلق بالشرف لإصابة العالم التجاري بذهول. وكان غوبتا، البالغ من العمر 62 عاما، وهو مدير إداري عالمي لشركة «ماكينزي»، مستشارا موثوقا فيه لكبار المسؤولين التنفيذيين، ومن بينهم جيفري إيميلت، من شركة «جنرال إلكتريك» وهنري كرافيس من شركة «كوهلبيرغ كرافيس روبرتس» للسندات الخاصة. وكان غوبتا، وهو رجل إحسان بارز، قد شغل وظيفة استشارية بارزة في مؤسسة «بيل آند ميليندا غيتس».

وعلى مدار العقد الماضي، أصبح غوبتا، وهو داعم مالي كبير لكلية التجارة الهندية، وهي كلية مرموقة جدا ساعد غوبتا على تأسيسها، أكثر قربا من راجاراتنام. وفي وقت تقاعده من شركة «ماكينزي» في عام 2007، دخل في علاقة تجارية مع راجاراتنام، وأسس شركة سندات خاصة، كما استثمر غوبتا أيضا مع راجاراتنام.

وكانت الحكومة الأميركية قد تنصتت على الهاتف الجوال لراجاراتنام خلال فترة الانكماش الاقتصادي التي استمرت لمدة تسعة أشهر في عام 2008. وقد ساعدت هذه التسجيلات الحكومة على تقديم تهم ضد 26 شخصا، أقر 20 منهم بالتهم.

وبدا أن المدعين العموميين كان لديهم دليل أضعف ضد غوبتا مقارنة بالأدلة الموجودة ضد بعض المتآمرين الآخرين مع راجاراتنام. وعلى سبيل المثال، يمكن الاستماع إلى شاهدين متعاونين، وهما أنيل كومار وراجيف غويل، في تسجيلات متعددة وهما يتبادلان نصائح مع راجاراتنام. وفي قضية غوبتا، اعتمد المدعون العموميون على تسجيل واحد فقط كشف فيه غوبتا المناقشات التي جرت في اجتماع مجلس إدارة مصرف «غولدمان ساكس» للمدعو راجاراتنام. وفي اتصال تليفوني جرى خلال شهر يوليو (تموز) عام 2008، أخبر غوبتا زميله راجاراتنام بأن مجلس إدارة البنك كان يدرس شراء شركة «واشوفيا» أو المجموعة التجارية الأميركية.

ولكن المدعين العموميين لم يقدموا دليلا على أن راجاراتنام اعتمد على هذه النصيحة. وقد تمنع قواعد معينة المدعين العموميين من استخدام أكثر التسجيلات إدانة التي تم تشغيلها خلال المحاكمة، حسبما ذكر خبراء قانونيون.

وفي مكالمة، قال راجاراتنام لأحد زملائه: «سمعت بالأمس من أحد الأشخاص الذين حضروا اجتماع مجلس إدارة مصرف (غولدمان ساكس) أنهم سوف يخسرون دولارين لكل سهم». وفي المكالمة الأخرى، قال راجاراتنام لتاجرة: «تلقيت اتصالا يقول إن شيئا جيدا سوف يحدث لمصرف (غولدمان ساكس)».

ولأن هذه المحادثات جرت بين راجاراتنام وموظفيه، كان بمقدور القاضي أن يعلن عن أنها تقوم على شائعات غير مقبولة، وهو ما يعني أنها غير مباشرة جدا أو تأملية لكي يتم استخدامها ضد غوبتا. ولكن المدعين العموميين كان يمكنهم محاولة استخدام المحادثات ضد غوبتا تحت ما يعرف باسم استثناء المتآمر المشترك لقاعدة الشائعات. وتكمن النظرية في أن بيانات راجاراتنام عن مصرف «غولدمان ساكس» كانت قد صدرت تعزيزا للمؤامرة المشكوك فيها بين راجاراتنام وغوبتا. ومن دون هذين البيانين الصادرين عن راجاراتنام، اللذين يشيران إلى نصائح بشأن مصرف غولدمان، سوف يطلب من المدعين العموميين الاعتماد على دليل مفصل غير مباشر، مثل فواتير هاتف السجلات التجارية للتحقق من إدانة غوبتا.

وفي القضية المدنية للجنة السندات والبورصة، تمتلك الوكالة عبء إثبات أقل مقارنة بما يفعله المدعون العموميون في القضايا الجنائية. ولا يخضع القاضي الإداري للجنة السندات والبورصة أيضا لأي قواعد تتعلق بالشائعات. وفي تطور غير عادي، رفع غوبتا قضية ضد لجنة السندات والبورصة خلال الشهر الماضي، مؤكدا على أن إجراءات المرافعة الإدارية بشكل غير عادل قد منعته من الخضوع لمحاكمة أمام هيئة محلفين في محكمة فيدرالية. وسوف يحصل غوبتا على أوجه حماية أكبر هناك مقارنة بالمرافعات الإدارية، بما في ذلك الحق في مراجعة أدلة لجنة السندات والبورصة. ولم يصدر أي قاض حكما في هذه القضية بعد.

وإذا انتصرت لجنة السندات والبورصة، يمكن أن يفرض أحد القضاة عقوبات مالية على غوبتا ويمنعه من العمل كمسؤول أو مدير في شركة عامة.

* خدمة «نيويورك تايمز»