هل تستخدم الصين تريليوناتها في شراء الذهب؟

وسط توقعات أن ترتفع الأوقية إلى 2000 دولار بنهاية العام

بريق الذهب يعمي الدولار مع توجهات البنوك المركزية لشراء المعدن الأصفر
TT

توقعت مصادر في تجارة الذهب أن المعدن الأصفر ربما يصل سعره إلى 2000 دولار هذا العام مع توجه البنوك المركزية نحو زيادة رصيدها الذهبي وبيع رصيدها الدولاري. ولم تستبعد مصادر في تجارة الذهب أن تستخدم الصين تريليونات الدولارات التي تملكها في شراء الذهب لدعم عملتها (اليوان) وسط التدهور المتواصل في سعر العملة الأميركية. وحسب إحصائيات مجلس الذهب العالمي فإن البنوك المركزية كانت أكبر المشترين للذهب في عام 2010 وإن هذا التوجه سيستمر خلال العام الحالي. ومن بين العوامل التي تدعم هذا التوجه، حسب مصادر في تجارة الذهب، أن الدولار يقبع قرب أدنى مستوى في ثلاث سنوات أمام معظم العملات وسط ارتفاع حجم الدين الأميركي، وإشارة مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) إلى أن تكلفة الاستدانة بالدولار ستظل على حالها (0.25 في المائة) على المدى المتوسط، وكذلك ارتفاع معدل نمو الاقتصاد الصيني بنسبة 9.7 في المائة في الربع الأول من العام الحالي. ونسبت وكالة «بلومبيرغ» إلى روبرت ماكويغن، الرئيس التنفيذي لشركة «يو إس غولد كورب» قوله إن «الصين تتجه لاستخدام رصيدها الضخم في شراء الذهب، وكذلك تقوم روسيا بنفس عمليات الشراء». وأضاف ماكويغن أن الصين تريد أن تظهر أن عملتها تملك تغطية أكثر من أميركا. ويذكر أن الاحتياطي الأجنبي الصيني قفز خلال الشهر الماضي إلى 3 تريليونات دولار. وقالت تقارير، أمس، إن الصين تسعى لإنشاء صندوق خاص للاستثمار في الذهب. ويشكل الذهب نسبة 1.6 في المائة من الاحتياطي الأجنبي الصيني. ويقول مايكل بنتو، من مؤسسة «يورو باسفيك كابيتال» إن الصين ربما تستثمر تريليون دولار من احتياطاتها الأجنبية في شراء الذهب. ويذكر أن الصين أصبحت تحتل المركز السادس عالميا من ناحية حجم الرصيد الذهبي، حيث تمتلك أكثر قليلا من 1054 طنا من الذهب. وفي المقابل فإن الولايات المتحدة التي تحتل المركز الأول في الرصيد الذهبي، يشكل الذهب نسبة 74.8 في المائة من احتياطاتها، وهو ما يعادل 8133.5 طن من الذهب. وحسب إحصائيات مجلس الذهب فإن روسيا اشترت 8 أطنان من الذهب خلال الربع الأول من العام الحالي. وفي الصعيد ذاته، ذكرت إحصائيات مجلس الذهب العالمي المنشورة على موقعه في الإنترنت أن دول العالم الثالث اشترت خلال العام الماضي 87 طن متري من الذهب. ولم يستبعد خبير السلع الأولية فرانسسكو بلانش بمصرف «ميريل لينش بنك أوف أميركا» في مقابلة تلفزيونية أن تستهدف البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة رفع نسبة رصيدها من الذهب من إجمالي رصيدها الأجنبي بنسب تتراوح ما بين 2 و8 في المائة خلال العام الحالي.

ويبدو أن المخاوف الرئيسية تنصب على توجهات البنك المركزي الصيني. ويلاحظ أن اليوان واصل صعوده المستمر ضمن جهود الصين لتحريره كاملا وتحويله إلى عملة عالمية. وصعد اليوان الصيني، أمس (الجمعة)، مع تراجعه للمرة الأولى عن المستوى النفسي المهم 6.50 مقابل الدولار، مثيرا توقعات بأن بكين ستواصل السماح لعملتها بالارتفاع بشكل سريع لمكافحة زيادة مستمرة في التضخم. وفي حين أن مستوى 6.50 يوان مقابل الدولار ليس مهما من وجهة النظر الفنية، إلا أنه من المرجح أن تستخدمه وسائل الإعلام والخبراء الاقتصاديون الصينيون كدليل على المدى الذي ذهبت إليه الحكومة في السماح بارتفاع قيمة اليوان منذ إصلاحاتها المهمة لنظام سعر الصرف في 2005. ومنذ ذلك حين صعد اليوان بنسبة 27.5 في المائة. وقرار الصين تخفيف القيود على اليوان قد يشجع أيضا على مزيد من الزيادات في أسعار عملات اقتصادات صاعدة أخرى - خصوصا في آسيا - وهو ما يساعد في تهدئة آثار أسعار السلع الأولية المرتفعة مع سعي الحكومات من بكين إلى بانكوك إلى مكافحة التضخم الناتج عن الواردات. وصعدت العملة الصينية إلى 6.4898 يوان مقابل الدولار في التعاملات الصباحية في سوق البيع الحاضر، وهو ما يعني أن اليوان حقق حتى الآن مكاسب تزيد على 5 في المائة أمام العملة الأميركية منذ إنهاء ارتباطه الفعلي بالدولار في يونيو (حزيران) من العام الماضي.

ووسط هذه المخاوف، استقر الدولار قرب أقل مستوى في ثلاثة أعوام أمام سلة عملات أمس (الجمعة) في سبيله لتكبد أكبر خسارة أسبوعية منذ منتصف يناير (كانون الثاني) مع احتمال أن يشهد المزيد من التراجع بسبب الإقبال على بيع الدولار في نهاية الشهر. ونزل مؤشر الدولار 0.1 في المائة مما جعل اليورو قرب أعلى مستوى له في 17 شهرا. وكانت العملة الموحدة في طريقها لتسجيل 1.50 دولار، بينما حوم الدولار الأسترالي قرب ذروته في 29 عاما أمام العملة الأميركية. وشهد الدولار عمليات بيع واسعة بعد أن أوضح مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) للأسواق يوم الأربعاء، أنه لن يتعجل في تغيير سياسته النقدية الميسرة على الرغم من أن متعاملين قالوا إن حجم التداول كان ضعيفا بسبب العطلات في بريطانيا واليابان، الأمر الذي قد يحد من التحركات. وقال كارل هامر، محلل الصرف لدى «إس آي بي» في استوكهولم لـ«رويترز»: «لا يزال الدولار يعاني من الضغوط، لكنه كان تحركا سريعا للغاية، وقد يكون من الصعب التوسع في مثل هذا التحرك». وهبط مؤشر الدولار الذي يقيس أداءه أمام سلة من عملات رئيسية 0.1 في المائة عند 73.052، بعد أن سجل أدنى مستوى في ثلاث سنوات عند 72.871 يوم الخميس. وارتفع اليورو 0.1 في المائة إلى 1.4840 دولار ليتراجع عن أعلى سعر له في 17 شهرا عند 1.4882 دولار الذي سجله يوم الخميس على منصة التداولات الإلكترونية «آي بي إس». واستقر الدولار الأسترالي عند 1.0922 دولار أميركي قرب أعلى مستوى له في 29 عاما عند 1.0948 دولار. وأمام الين جرى تداول الدولار عند 81.57 ين قرب أقل مستوى له في الشهر الذي سجله في وقت سابق من الأسبوع عند 81.27 ين.