واشنطن تضغط على بكين لرفع سعر اليوان وسط قلق صيني على استثماراتها في أميركا

في ثالث لقاء استراتيجي بين القوتين

TT

مع بداية مفاوضات اقتصادية هامة بين الولايات المتحدة والصين هنا، أمس، قال مصدر في السفارة الصينية في واشنطن إن الصين قلقة على زيادة ديون الولايات المتحدة، وعلى تأثير ذلك على الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة، وعلى الوضع الاقتصادي العالمي. في الجانب الآخر، قال مصدر في وزارة الخزانة الأميركية إن المشكلة الأكبر هي انخفاض سعر العملة الصينية التي تجعل الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة أرخص كثيرا من المنتجات الأميركية المماثلة.

وقال مراقبون في واشنطن إن أهمية المحادثات تزيد لأن أسبوعا واحدا فقط بقي على موعد موافقة الكونغرس على رفع الحد القانوني لاستدانة الحكومة الأميركية من البنوك، لمواجهة العجز المستمر في الميزانية السنوية، وإن العجز في الميزانية لهذه السنة وصل إلى تريليون ونصف التريليون، بينما وصلت جملة ديون البنوك على الحكومة الأميركية 14 تريليون دولار.

وقال متحدث باسم الوفد الصيني، الذي كان قد وصل إلى واشنطن أول من أمس، إنهم يراقبون المحادثات بين الرئيس باراك أوباما وقادة الحزب الجمهوري في الكونغرس حول رفع الحد القانوني للاستدانة. وأضاف: «نأمل أن الولايات المتحدة ستقدر على اتخاذ تدابير فعالة» لمواجهة مشكلة الاستدانة. وقال مسؤول في وزارة الخزانة إنهم وضعوا قائمة من المطالب التي تشمل تقديم تسهيلات إلى الشركات الأميركية، والإسراع في تنفيذ إصلاحات في السوق المالية الصينية، وتنفيذ مرونة في نظام صرف العملات الأجنبية، ورفع سعر الفائدة في البنوك الصينية، ورفع قيمة العملة الصينية. ونقلت وكالة «رويترز» من بكين تصريحات على لسان جين تسان رونغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة رنمين في بكين، قال فيها إنه لا يتوقع اختراقات في المفاوضات، لكن، ربما ستنزع المفاوضات فتيل انفجارات في العلاقات بين البلدين، وأضاف: «هناك صراعات هيكلية في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة. على الرغم من أن هذه العلاقات بدأت في بداية العام بداية جيدة، فلا تزال هناك المشكلات الجذرية القديمة. هذه يمكن أن تنفجر في أي وقت، وإذا انفجرت يمكن أن تؤدي إلى خطوات إلى الوراء في العلاقات». وكان وزير الخزانة الأميركي، تيموثي غيثنر، أقام على شرف نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، وانغ تشي شان، حفل عشاء مساء أول من أمس، الأحد، قبل بدء المحادثات الرسمية، أمس. وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن المفاوضات ذات شقين: اقتصادي، واستراتيجي. وسيترأس الجانب الاستراتيجي للحوار هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية، وفي الجانب الآخر، عضو مجلس الدولة الصيني، داي بينغ قوه.

وقال مصدر في الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تعتزم الضغط على الصين بشأن قضايا حقوق الإنسان. وقال: «هذا الموضوع صار الآن حساسا، بسبب القلق الصيني من أن الانتفاضات في الدول العربية قد تثير اضطرابات في الصين»، ولكن قال المصدر إن هذا المسار ليس هاما بالمقارنة مع المسار الاقتصادي، وإن التركيز سيكون على مواجهة الاختلافات لمنعها من الغليان. وكان نائب وزير الخارجية الصيني، تسوي تيان كاي، قال إن مفاوضات واشنطن ستسير بنفس روح المحادثات في بداية هذه السنة بين الرئيس باراك أوباما ونظيره الصيني هو جينتاو. وأضاف: «نأمل أن الحديث في العالم الخارجي عن حقوق الإنسان في الصين سوف يتمسك بالحقائق. أو باستخدام عبارة شعبية صينية معروفة: إن العالم الخارجي سوف يتصرف تصرفا أكثر إشراقا».

قال مراقبون في واشنطن إن وزير الخزانة الأميركية، تيموثي غيثنر، يريد أن يثير انتباه قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس باستغلال زيارة الوفد الصيني. وذلك بأن يكرر أن الكونغرس يجب أن يرفع الحد القانوني لاستدانة الحكومة الأميركية من البنوك حتى لا يزيد غضب الصينيين. وكان الوزير هدد بأن عدم رفع حد الاستدانة سوف يثير المخاوف، في الداخل والخارج، بأن الحكومة الأميركية فشلت في حل مشكلة ديونها.

وقال اسوار براساد، خبير اقتصادي في معهد بروكنغز في واشنطن، إنه لا يتوقع «نتائج دراماتيكية» من مفاوضات واشنطن التي بدأت أمس، والتي ستستمر ليومين. وأضاف: «تحول التركيز من الجانبين الأميركي والصيني إلى تقديم حلول لمشكلات هامشية، وهذا ممكن، وإلى إرجاء حل الصراعات الكبرى».