توزيع الثروة

علي المزيد

TT

لا أعرف كيف بدت لي الثروة مأزقا أو أزمة حقيقية، فنحن نجتهد كثيرا حتى نحصل عليها، فإذا حزناها وملكناها كان هاجسنا الحفاظ عليها، وإذا قمنا بالحفاظ عليها بنجاح كان هاجسنا عدم ضياعها وتقسيمها بين الورثة دون مشكلات حقيقية. وفي حقيقة الأمر قد ننجح وقد نخفق في التقسيم، ويبدو أن هذا هم أو هاجس إنساني تشترك فيه كل الديانات، والدليل على ذلك أن بيل غيتس تبرع بـ100 مليون دولار كل سنة ولمدة عشر سنوات.

لا أعرف لماذا تبادرت لي هذه الخاطرة وأنا أتلقى دعوة لجنة شباب الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض لحضور محاضرة رجل الأعمال الشيخ الجليل سليمان الراجحي الليلة وعند الساعة السادسة والنصف في أرض المعارض بالرياض. وسيتحدث الراجحي عن طريقته في توزيع ثروته.

والحقيقة أن سليمان الراجحي مميز وسباق وشفاف وصادق سواء في جمع الثروة أو توزيعها، وهو الليلة سيتحدث عن تجربة توزيع 25 مليارا فقط، ليسن سنة حسنة، وهي توثيق الأعمال التجارية التي تعاني من التوثيق، وإن كنا نعاني نقص التوثيق في كل شيء.

تقول الروايات التي تسترق السمع إن سليمان الراجحي جمع وارثيه وخيرهم بين أن يقسم بينهم الثروة ويوصي بأكثر من الثلث أو ينتظرون ويوصي فقط بالثلث. الورثة اختاروا القسمة الناجزة ليوصي الراجحي بنحو 40 في المائة إلى 45 في المائة من ثروته لأعمال الخير وليعود مفلسا لا يملك أي شيء سوى الإشراف على ما أوصى به من مال لأعمال الخير، ليجد فتوى تبيح له الأكل من هذا المال وأيضا هبة من يريد أن يحسن وضعه ويفعل له خيرا وينقله من فقر إلى كفاف في حياة الراجحي فقط، أما إذا قبض الله أمانته فإن الوصية تنفذ بالتزام وفق السبل المخصصة لها.

الحقيقة ما يعجبني في الراجحي أنه سباق سواء بالابتكار لعمل تجاري جديد أو لعمل خيري غير مسبوق، ومن ذلك شفافيته في توزيع ثروته وهو عمل غير تقليدي في مجتمع يخشى العين ويعتقد أن الكتمان جزء من الرجولة.. فشكرا للعم سليمان الراجحي على هذا الصدق، وشكرا لرئيس مجلس إدارة الغرفة عبد الرحمن الجريسي، وأمينها العام حسين العذل اللذين سمحا للجنة شباب الأعمال بأن تعمل بحرية بقيادة المايسترو الشباب فهد الثنيان، وإن كان الأمر التبس علي من نشاط هذه اللجنة، وهل هي للشباب، أم للشيوخ، أم هي تمزج بين التجربتين!

* كاتب اقتصادي