ما حجم الضرائب الفعلية التي تدفعها شركات النفط الأميركية؟

الإعفاءات الضريبية التي تحصل عليها تثير جدلا وأوباما يريد إلغاءها

TT

ما حجم الضرائب التي تدفعها شركات النفط الكبرى على وجه التحديد؟

تقول شركة «إكسون موبيل» إنها تدفع ضرائب ضخمة تفوق حجم المكاسب التي حققتها في الولايات المتحدة العام الماضي.

ويرفض منتقدو صناعة النفط هذه المزاعم؛ حيث يشير مركز التقدم الأميركي إلى أن معدل ضريبة الدخل الفيدرالية الفعلية لعملاق النفط «إكسون موبيل» يقدر بنحو نصف نسبة الـ35 في المائة المعيارية للشركات الأميركية.

ويشير المركز البحثي ذو التوجه الليبرالي، مستشهدا بسجلات شركة «إكسون موبيل» لدى هيئة الأوراق المالية والبورصة، إلى أن الشركة لم تدفع أية ضريبة دخل فيدرالية في 2009. الأمر برمته يعتمد على الطريقة التي تحسب بها؛ فشركة «إكسون موبيل» تحسب كل شيء، ليس فقط ضرائب الدخل الفيدرالية، وإنما أيضا الضرائب العقارية المحلية وضرائب الولايات وضرائب الوقود والضرائب على الرواتب. لكن مركز التقدم الأميركي ومحللين آخرين يحسبون فقط ضرائب الدخل الفيدرالية الخاصة بالشركة.

«نحن ندفع نصيبنا العادل من الضرائب»، هذا ما قاله كينيث كوهين، نائب رئيس شركة «إكسون موبيل» للشؤون العامة، الذي جمع في مكالمة جماعية أجريت مؤخرا ضرائب مبيعات وضرائب ولايات وضرائب محلية تزيد عن 6 دولارات، مع كل 1 دولار من ضريبة الدخل الفيدرالي المدفوعة عام 2010.

غير أن معدل ضرائب «إكسون موبيل» يعتبر «أقل من متوسط الضرائب الأميركية»، بحسب دانيال فايس، خبير الطاقة في مركز التقدم الأميركي، الذي وقف في الصف المعارض في تحليل حدد معدل ضريبة الدخل الفيدرالية الأميركية للشركة عام 2010 بنسبة 17.2 في المائة فقط.

وربما يصبح الجدل بشأن الضرائب أكثر المواضيع المثيرة للغضب عند مثول كبار المسؤولين التنفيذيين من خمس شركات عملاقة في مجال النفط أمام لجنة من أعضاء بالكونغرس يوم الخميس.

ويرغب معظم أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين وإدارة أوباما في إلغاء المزايا الضريبية – أو الخصوم الضريبية – الممنوحة لشركات النفط أو وضع حد لها.

وتشمل القوانين المستهدفة استفادة الشركات العاملة في هذا المجال من خصم ضريبي والذي منذ عام 2004 قلل معدل ضريبة الشركات بالنسبة للشركات المصنعة للنفط، وكذلك من الخصومات الضريبية مقابل نفاد النفط التي تستفيد منها معظم كبريات الشركات في استرداد تكاليف التنقيب، وأحيانا في استرداد إجمالي هذه التكاليف؛ وحساب تكاليف التنقيب «غير الملموسة» بمعدل أعلى من ذلك الذي تستخدمه معظم الشركات الأخرى خلاف شركات النفط في استرداد تكاليف استثماراتها.

وقد ساعدت هذه الحوافز الاستثمارية في جعل صناعة النفط واحدة من أكثر الصناعات ربحا، عند تقدير الأرباح وفقا للتدفق النقدي وعائد الاستثمار. وقد أدت أسعار البنزين الآخذة في الارتفاع إلى تفاقم المشكلة؛ حيث وصل سعر الجالون يوم الأربعاء إلى 3.96 دولار بمختلف أرجاء الدولة.

تحدث السيناتور تشارلز إيه شومر (من ولاية نيويورك) يوم الأربعاء قائلا: «إن الشركات التي تحدد هذه الأسعار الباهظة تشق طريقها إلى جيوب أهل نيويورك من خلال النظام الضريبي، حيث تحصل مليارات الدولارات سنويا من إعانات غير ضرورية مقدمة لدافعي الضرائب. وأضاف قائلا: «هذا أمر غير مقبول تماما، ويجب أن تعلم شركات النفط الكبرى هذه أن اللعبة قد انكشفت ولم تعد تنطلي علينا هذه الخدعة».

غير أن تلك الحوافز الضريبية قد تخطت انتقادات سياسية سابقة. فأسلوب حساب تكاليف التنقيب غير الملموسة – بما فيها تكاليف الاستكشاف والتطوير – يرجع إلى 1916. وترجع الخصومات الضريبية مقابل نفاد النفط إلى 1926.

وليست فكرة إلغاء هذه الإعفاءات الضريبية جديدة. ففي عام 1984، ألغت مسودة الإصلاحات الضريبية الأولية التي أعدتها وزارة الخزانة في عهد حكومة ريغان هذه القوانين، ولكنها لم تتخذ مطلقا صورة قوانين رسمية. وقد تم تقييد بعض الإعفاءات في وقت لاحق. ولم تتأهل الشركات الكبرى، مثل «إكسون موبيل» للحصول على خصومات ضريبية مقابل نفاد النفط منذ السبعينات من القرن الماضي، غير أن شركات نفط كبرى أخرى تعرف بكونها مستقلة ما زالت تتمتع بهذه الإعفاءات.

وليس من السهل تحديد كيف يؤثر كل هذا على المحصلة النهائية. فشركات البترول تحصل على ائتمانات في الولايات المتحدة على الضرائب وعوائد النفط المدفوعة للدول الأجنبية، حيث تنتج النفط الخام. وقال ألان تي جيفرز، المتحدث باسم «إكسون»، إن هناك 35 موظفا بمصلحة الضرائب يعملون بنظام الدوام الكامل في مراجعة سجلات الشركة.

وبعيدا عن ذلك، تتفق «إكسون» ومركز التقدم الأميركي على العديد من الأرقام. وأشار جيفرز إلى أن الشركة قد حصلت على خصم على صافي ضريبة الدخل الفيدرالية قدره 156 مليون دولار عام 2009، ولكنه يقول إن ذلك كان نتيجة لمراجعات العائدات الإيجابية التي تعود إلى عقد مضى أو أكثر.

وحدد كوهين «إجمالي ضرائب ورسوم الحكومة الأميركية» بقيمة 9.8 مليار دولار في 2010. غير أن مبلغ 1.3 مليار دولار فقط منها وجه إلى ضرائب الدخل الفيدرالي، حسبما ذكرت الشركة في كشوف هيئة الأوراق المالية والبورصة التي يستخدمها مركز التقدم الأميركي. وبينما يعتبر ذلك رقما كبيرا، فقد بلغت قيمة الدخل قبل خصم الضرائب في كل أنحاء العالم 57 مليار دولار هذا العام، في حين قدر الدخل الأميركي بقيمة 7.7 مليار دولار.

ولا ترتبط فكرة إلغاء الخصوم الضريبية بدرجة كبيرة بالضرائب العقارية أو بحجم ما تحصله الشركات وتقدمه للحكومة في صورة ضرائب على الوقود والمبيعات والدخول، كما يقول إريك تودر، خبير ضرائب في المعهد الحضري.

وقال تودر: «كل الشركات تقوم بتحصيل كم كبير من الضرائب. ليست تلك هي القضية فعليا».

وتشكو شركات النفط، ويتفق تودر معها، في أنه حينما يتعلق الأمر بخصم ضريبي للشركات المصنعة للنفط، فإنه يتم استهداف هذه الشركات بشكل غير عادل في شيء تتمتع به غيرها من الشركات الأخرى (على الرغم من أن تودر يتساءل عما إذا كانت ثمة أية شركات يجب أن تحصل على هذا الخصم الضريبي بالأساس).

قال كورت غلوبيتز، متحدث باسم شركة «تشيفرون»: «نحن لا نتعامل معها على أنها إعانات. فهي متاحة لجميع الشركات العاملة في صناعة النفط ومماثلة لتلك التي يتم منحها للشركات في الصناعات الأخرى». وذكر أن الخصم الضريبي الممنوح للشركات المصنعة للبترول يقلل معدل الضريبة على شركة «تشيفرون» بنسبة اثنين في المائة.

إلا أن تودر يرى أن الحوافز الضريبية الأخرى غير ضرورية نظرا لأنها مصممة لتمويل الاستثمارات الممولة بالفعل بكثافة، خاصة مع وضع أسعار البترول المرتفعة في الحسبان.

وتقول شركة «إكسون» إن أرباحها متوازية مع الأرباح التي تحققها شركات أخرى وإنها تحقق مكسبا قيمته 9 في المائة فقط على كل دولار من المبيعات. وهذا، على حد قول كوهين، هو «رقم لن تسمعه في واشنطن».

وذكر كوهين في مدونة خاصة بالشركة: «يمثل ذلك نحو نصف (أو أقل) النسبة التي تحققها الشركات العاملة في مجال الصناعات الدوائية أو إنتاج أجهزة الكومبيوتر، على سبيل المثال لا الحصر». وأضاف قائلا: «غير أنه من الغريب أنه لا يتم الحديث كثيرا عن تقليل خصوماتها الضريبية».

غير أن محللي وول ستريت لا يولون اهتماما في العموم لذلك – وعندما تتحدث شركة «إكسون» إلى المستثمرين، تقول لهم إنهم لا يجب أيضا أن يوجهوا اهتماما له. فهي توجههم إلى مراقبة «عائد الشركة على رأس المال المستخدم». إن تلك العائدات ضخمة؛ حيث بلغت نسبتها 34 في المائة عام 2008.

وأوضحت «إكسون» في سجل لها بهيئة الأوراق المالية والبورصة أن «الشركة قد طبقت بشكل مناسب مفهوم العائد على رأس المال المستخدم لعدة سنوات وتنظر إليه باعتباره الإجراء الأمثل لحساب إنتاجية رأس المال التاريخية في سياق صناعتنا طويلة الأجل كثيفة الرأسمال، من أجل تقييم أداء الإدارة ولكي نظهر للمساهمين أننا قد وظفنا رأس المال بحكمة على المدى الطويل».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»