نتائج محاربة البطالة في المغرب لا تزال ضعيفة

دراسة رسمية: غير المتعلمين استفادوا بشكل أكبر.. والرجال أكثر من النساء

TT

كشفت دراسة رسمية عن ضعف وتفاوت الإنجازات التي حققها المغرب في مجال العمل خلال الـ10 سنوات الماضية، وذلك على الرغم من نجاحه في تقليص حجم البطالة. وأبرزت الدراسة، التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، وهي هيئة دستورية مستقلة عن الحكومة، أن الاقتصاد المغربي خلق بمعدل 156 ألف وظيفة في السنة خلال الفترة بين عامي 2000 و2010، وانتقل حجم العمل في المغرب من 8.84 مليون شخص عام 2000 إلى 10.4 مليون شخص عام 2010. غير أن الدراسة أشارت إلى أن أغلبية الوظائف التي خلقت خلال هذه الفترة تركزت في مجالات لا تتطلب أي كفاءة، مثل قطاعات البناء والأشغال والزراعة والخدمات. وأشارت الدراسة إلى أن غير المتعلمين استفادوا بشكل أكبر من المتعلمين من هذه الوظائف، كما استفاد الرجال أكثر من النساء؛ إذ توزعت فرص العمل المتاحة بنسبة 75% للرجال و25% للنساء، كما تركزت في بعض المناطق الجغرافية الأكثر نشاطا مثل الدار البيضاء.

إضافة إلى ذلك، أشارت الدراسة إلى عدم ملاءمة شروط العمل لما هو مفترض؛ إذ إن 65% من بين العمال لا يتوافرون على عقود عمل، وتصل هذه النسبة إلى 90% في قطاعات البناء والأشغال والزراعة التي تعتبر أكثر القطاعات توفر عملا خلال العقد الماضي. كما أن 80% من العمال لا يتوافرون على تغطية صحية. وأبرزت الدراسة استمرار ظاهرة العمل غير المؤدى عنه، التي قدرتها بنحو 23%.

وعزا أحمد الحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط (بمثابة وزير)، هذا الواقع إلى النموذج الاقتصادي الذي اعتمده المغرب خلال العقد الماضي، والذي تمحور حول مشاريع البنى الأساسية الكبرى وردم الهوة التي يعرفها في مجالات الطرق والكهرباء والماء والموانئ وغيرها من البنى الأساسية.

وقال الحليمي، الذي كان يتحدث خلال لقاء صحافي خصص، أول من أمس بالدار البيضاء، لتقديم نتائج الدراسة حول واقع العمل في المغرب: «خلال العقد الماضي اجتزنا مرحلة انتقالية على جميع المستويات، الاقتصادية والسياسية والديموغرافية. وخلال هذه المرحلة بذل المغرب مجهودات كبيرة في مجال الإصلاحات وكذلك في مجال الاستثمارات؛ إذ إننا أصبحنا نتوافر على نسبة استثمار تعتبر من بين النسب الأعلى عالميا، لكن هذه الاستثمارات كانت موجهة لمشاريع البنية التحتية والسكن، أي لقطاعات البناء والأشغال، وهي قطاعات لا تتطلب كفاءات كبيرة، كما أنها توظف الرجال أكثر من النساء». غير أن هذه الاستثمارات، يضيف الحليمي، كانت ضرورية لبناء مرتكزات التنافسية الاقتصادية وتأهيل البنى الأساسية وإعداد المغرب لإحداث طفرة اقتصادية.

وأضاف أن الاستثمارات الكبرى التي عرفها المغرب خلال العقد الماضي هي بطبيعتها ضعيفة المردودية المباشرة، وأن جني ثمارها يتطلب إعادة توجيه السياسة الاقتصادية في المغرب من أجل الاستثمار في المشاريع الصناعية والزراعية والخدماتية التي تتطلب كفاءات كبيرة، وذات قيمة مضافة عالية.

ودعا الحليمي إلى إصلاح التعليم والتكوين لمسايرة التوجهات الجديدة، وشدد على ضرورة المرونة في التعليم العالي لتمكين الطلبة من إعادة التوجيه والتكيف مع المتطلبات، بالإضافة إلى ضرورة إصلاح منظومة التكوين المهني. وقال الحليمي: إن المغرب بصدد دخول مرحلة جديدة على جميع المستويات، خاصة مع إطلاق العاهل المغربي مسلسل الإصلاحات السياسية الكبرى التي أعلن عنها العاهل المغربي الملك محمد السادس في مارس (آذار). وأضاف أن على المغرب أن يضع استراتيجية شاملة وعدم الاقتصار على البرامج التنموية القطاعية المعزولة، كما فعل خلال العقد الماضي. وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية عليها أن تأخذ بالاعتبار التحولات الديموغرافية والمجتمعية التي عرفها المغرب، والظرفية العالمية الصعبة والحبلى بالتهديدات الأمنية والاقتصادية والحضارية.