يا رجال الأعمال.. إليكم هذا الكنز

سعود الأحمد

TT

وأنا أراجع بعض كتيبات دراسات الجدوى للمشاريع الاقتصادية، التي تقدم لبعض رجال الأعمال، خصوصا من مكاتب بيوت الخبرة المشهورة؛ محلية، وأجنبية، ومشتركة، تستوقفني أجزاء «مزركشة» بالصور والإيضاحات تتضمنها هذه الدراسات، وهي في الحقيقة لا تمت لجدوى هذه المشاريع بصلة، وهناك أجزاء مهمة غائبة وكان يجب أن تتضمنها! وهناك حشو كلام وخرائط ومنحنيات تجميلية بعضها منسوخ عن مواقع جهات رسمية ومراكز إحصائية هدفها إبهار القارئ وتكبير حجم محتوى الدراسة! لكنها بعيدة عن فعالية وجودة دراسة الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع.

والمشكلة أنه لا توجد معايير أو مقاييس محكمة لمستوى جودة جدوى الدراسات الاقتصادية. حتى إن بعضها يركز على الجانب التسويقي ويهمل التوريد، والعكس بالعكس؛ هناك من يركز على توفير البضاعة ويهمل جانب التسويق. بل إنني أجد في معظم دراسات الجدوى التي تقدم لمشاريعنا الجديدة؛ أنها مجرد تكرار لدراسات قديمة عفا عليها الزمن، مع بعض التعديلات، وهي للأسف لا تعدو «قص ولزق»، أو دراسات جدوى اقتصادية معدلة، هدفها الحقيقي الحصول على قروض وتصنيفات للملاءات المالية.

والذي أنصح به رجال الأعمال ومعدي ودارسي الجدوى الاقتصادية للمشاريع الجديدة «والقديمة» وكل من يفكر في فتح نشاط ومجالات عمل جديدة أو حتى الذين يفكرون في إغلاق مجالات عمل قائمة. أن يستفيدوا قدر الإمكان من كنوز ما يحتويه «نموذج بورتر» Porter Form ومعلوماته. فهذا النموذج «بحق» أعتبره كنزا لكل رجل أعمال وصاحب صناعة وكل العاملين في قطاع المال والأعمال. ففيه مختصر مفيد وشامل وإطار لأي دراسة جدوى اقتصادية، يجمع بين التطبيق العلمي والعملي، ويسمى نموذج التحليل الهيكلي أو الاستراتيجي للصناعات أو نموذج القوى التنافسية الخمس، ومنه يمكن معرفة رؤية وضع الصناعة ومخاطرها، وكيفية دخول المنافسة في أي مجال أو صناعة، ومنه يمكن تحديد العقبات والموانع وإمكانية الدخول في الصناعة حتى يمكن التغلب عليها بطريقة علمية وعملية. ومن خلال هذا النموذج يمكن تقدير مستوى التحكم في توفير مدخلات الصناعة من مواد خام وغيرها والقدرة على السيطرة على الموردين مع تحديد البدائل المتاحة لكل احتياجات الصناعة؛ بداية من توريد المواد الخام، ثم بعد ذلك التحكم في المشترين والتسويق والتوزيع على العملاء الموزعين. وخامسا، وهي الاستراتيجية الخامسة (والأخيرة)، هي كيفية التحكم في العوامل والقوى التنافسية في سوق الصناعة. وفي بعض الأحيان، يضاف ركن أو استراتيجية سادسة، وهي الخيارات البديلة، واستراتيجية سابعة، وهي الحكومة. وإن كنت أعتبر القرارات الحكومية كالأحداث والعوامل الطبيعية الخارجة عن السيطرة Unsystematic Factors شأنها شأن الفيضانات والأحداث والكوارث الطبيعية التي يمكن التنبؤ بها والحذر منها، والتي قد تستفيد منها بعض الصناعات وقد تعصف بالبعض الآخر.

وفي الختام، أقترح على أمانات الغرف التجارية والصناعية أن تعقد محاضرات وندوات وورش عمل تناقش كيفية تطبيق محتوى «نموذج بورتر» على الصناعات المتاحة. بحيث يدعى لتقديمها أحد أساتذة الجامعات المتخصصين «الفطاحل» في هذا المجال، أمثال أستاذ إدارة الأعمال الدكتور صنهات العتيبي ممن أبحروا وتعمقوا في فهم محتوى هذه الدراسات بتطبيق هذا النموذج. وأن تقدم بشكل دوري ومع حدوث الأحداث المهمة.

* كاتب ومحلل مالي