من يخلف ستروس ـ كان في منصب مدير صندوق النقد الدولي؟

التكهنات طرحت 10 شخصيات من بينها عربي وإسرائيلي

TT

على الرغم من أنه من المبكر الحديث عن خليفة محتمل للفرنسي ستروس كان، المدير العام لصندوق النقد الدولي الذي يخضع للتحقيق بتهمة اعتداء جنسي في نيويورك، فإن التكهنات في الأروقة الغربية بدأت تطرح أسماء بعض الشخصيات.

وحتى الآن طرحت التكهنات كوكبة من الشخصيات البارزة التي قد تخلف ستروس كان، من بين هذه الشخصيات رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون، وهو اقتصادي قدير قاد النظام العالمي بحنكة إبان الأزمة المالية في عام 2008. وقد وضع براون عدة خيارات في وقت كان هنالك ارتباك كبير في طريقة التعامل مع الأزمة المالية العالمية التي كادت أن تنهي الاقتصادات الغربية. وعرف غوردون براون بأنه من أهم وأذكى وزراء الخزانة البريطانية في العهد القريب. وقد أمضى براون 10 سنوات في عضوية لجنة السياسات بصندوق النقد، وهو ذو معرفة متميزة بسياسات الصندوق والشخصيات في المناصب العليا التي تدير عمليات الصندوق. ولكن مشكلة غوردون براون أنه لا يحظى بدعم من الحكومة البريطانية، حيث تعرض لانتقاد حاد من قبل رئيس الوزراء البريطاني الحالي ديفيد كاميرون حينما طرح اسمه خلال الشهر الماضي كخليفة لستروس كان في منصب المدير العام لصندوق النقد الدولي. ومن الأسماء الأخرى المرشحة للمنصب، وزيرة المالية الفرنسية كيرستين لاغارد، وهي شخصية متمرسة يعود لها الفضل في الحفاظ على سمعة فرنسا المالية وسمعة مصارفها طوال فترة اضطرابات الديون وأزمات الموازنة خلال العامين الماضيين. ولكن لاغارد قد تواجه بعض المشاكل في حال ترشيحها. ومن بين هذه المشاكل التحقيقات التي تجرى في فرنسا في الوقت الراهن حول دورها في بعض التعويضات التي منحت لرجل الأعمال الفرنسي بيرنارد تابي. وهنالك الاقتصادي العريق ربيب البنك الدولي التركي كمال درويش، وهو اقتصادي متميز قاد تركيا في فترة حرجة وأخرجها من براثن الإفلاس في عام 2000، ويقوم كمال درويش حاليا بإدارة البرنامج الاقتصادي العالمي في معهد «بروكيغنز إنستويت» للدراسات الاستراتيجية الأميركي، وهو معهد قريب من صنع القرار بالبيت الأبيض. ومن الميزات التي تؤهل كمال درويش للمنصب، إضافة إلى معرفته العميقة بالصندوق وسياساته وإدارته العليا، أنه يأتي من دولة من دول العالم الناشئ التي تطمح إلى تولي هذا المنصب الذي ظل لفترة طويلة حكرا على أميركا وأوروبا. وهنالك مطالبات بمنح المنصب إلى دولة من دول العالم الناشئ التي تزايدت أهميتها الاقتصادية منذ الأزمة المالية العالمية. كما أن من بين الأسماء المطروحة محافظ البنك المركزي المكسيكي أوغستين كارستينز، كما تطرح الأوساط الاقتصادية كذلك اسم رئيس البنك المركزي الإسرائيلي الحالي ستانلي فيشر، وهو اقتصادي عريق عمل في منصب كبير اقتصاديي صندوق النقد الدولي، وهو أستاذ اقتصاد مشهور في الجامعات الأميركية تخرج على يديه كبار الرؤساء التنفيذيين، ومن بين طلابه رئيس مصرف الاحتياط الفيدرالي الحالي بين بيرنانكي، وقد نال فيشر جائزة أفضل مصرفي في العام الماضي. كما أن هنالك وزير مالية جنوب أفريقيا تريفر مانويل، ولكن فرصه ليست كبيرة نظرا إلى أنه متهم بالعنصرية، وهذه التهم ربما تقلل من نصيبه لتولي منصب دبلوماسي. ومن الهند يطرح اسم شيري إس سيردهار، وهو شخصية مصرفية مرموقة، وربما إذا حصل سيردهار على دعم الحكومة الهندية سيجد دعما من الكتلة الآسيوية للدول الناشئة، وهي كتلة اقتصادية مؤثرة. وإضافة إلى هذه الشخصيات، طرحت مصادر أميركية اسم مدير شركة «بيمكو» العالمية ذا الأصل المصري محمد العريان. وهو اقتصادي قدير أثبت نجاحا كبيرا في إدارة «بيمكو» التي تعتبر من كبرى شركات الاستثمار في العالم، وهو خريج جامعة كمبردج البريطانية وعمل فترة طويلة في صندوق النقد الدولي. وعلى الرغم من التحقيق الذي يخضع له كان، فإن الأوساط تنظر له على أساس أنه أحيا سمعة صندوق النقد في الآونة الأخيرة من خلال عمليات إنقاذ ناجحة نفذها في أوروبا. ونسبت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس إلى سيمون جونسون، الاقتصادي البارز السابق بصندوق النقد الدولي والأستاذ حاليا بمعهد ماساتشوستس للتقنية، قوله إن الأزمة المالية العالمية أحيت ستروس - كان. وأضاف: «كان الأوروبيون متأخرين في النهوض لمستوى المشاكل الاقتصادية. واستخدم (ستروس - كان) الأزمة كفرصة لتحسين سمعة صندوق النقد الدولي من جديد، وجعله في المقدمة ومركز الأحداث بطريقة لم يكن عليها من قبل». وفي الواقع، فإن العثور على شخص لديه هذه القدرات داخل أوروبا سيمثل تحديا. ومن الناحية التقليدية، يذهب المنصب الأعلى بصندوق النقد الدولي إلى أوروبي، بينما يكون المنصب الثاني إلى أميركي. وفي الوقت الحالي، وعلى ضوء الثروات المتزايدة وتأثير الدول الناشئة، تتزايد الضغوط ليكون الرئيس المقبل من دولة مثل الصين أو تركيا أو البرازيل. وقال عضو بمجلس إدارة الصندوق لصحيفة «نيويورك تايمز»، طلب عدم ذكر اسمه، إنه من المبكر جدا النظر فيمن يخلف ستروس - كان، إذا استقال. وأضاف في الوقت الحالي، ستستمر إدارة الصندوق كما كان دائما عندما يكون رئيسه في الخارج – ويكون مسؤولا عنه المسؤول التنفيذي الثاني وهو جون ليبسكاي، وهو مسؤول سابق بوزارة الخزانة الأميركية ومصرفي سابق لدى «جي بي مورغان» كان يشرف على لوجيستيات البرنامج اليوناني. ومن موقعه كنائب أول للمدير، اختير ليبسكاي يوم الأحد ليكون القائم بأعمال رئيس الصندوق. وكان ليسكاي قد أعلن أنه سيغادر الصندوق خلال فصل الصيف من العام الحالي. ومن هذا المنطلق، قد تكون هناك حاجة لشغل منصبين في حال استقالة ستروس - كان من منصب المدير العام أو إدانته.

إلى ذلك، ازدادت الضغوط الدولية لإقالة شتراوس كان، من منصب مدير صندوق النقد الدولي أو دفعه لتقديم استقالته، خاصة مع قيام شرطة نيويورك بإعادة التحقيق في الشكاوي المقدمة من سيدات أخريات تعرضن لهجوم من شتراوس منذ عدة سنوات.

وأشار مصدر مسؤول في صندوق النقد الدولي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاجتماعات مستمرة لمناقشة مصير المنصب، وكيفية تفادي تأثيرات فضيحة مدير الصندوق على السمعة العالمية للصندوق، خاصة في وقت يتم خلاله الإعداد لخطة لإنقاذ الاقتصاد البرتغالي والاقتصاد اليوناني من السقوط، ولا يمكن تحديد المسار الذي سيأخذه الصندوق في ما يتعلق بحرب العملات ومصير العملة الأوروبية الموحدة. وأضاف المصدر: «هناك ضغوط متزايدة لدفع شتراوس كان لتقديم استقالته، كما تجري المناقشات لوضع معايير مشددة لمن يتولى هذا المنصب». وأشار إلى أن شتراوس كان، كان مقررا أن يترك منصبه في شهر أغسطس (آب) المقبل.

وقد جاءت اجتماعات وزراء مالية المجموعة الأوروبية في بروكسل أمس لتلقي مزيدا من الضغوط لإجبار شتراوس كان على التنحي، وقالت وزيرة المالية النمساوية ماريا فيكتور: «مع الوضع الحالي ورفض الإفراج عنه بكفالة، فإن على شتراوس كان أن يفكر في التنحي لأنه يؤذي سمعة المؤسسة المالية». وأظهرت وزيرة المالية الإسبانية تعاطفها مع خادمة الفندق التي اعتدى عليها شتراوس وطالبته بتقرير مصيره في صندوق النقد لأن وضعه «خطير للغاية».