هل توزع الحكومة البريطانية أكثر من 100 مليار دولار على المواطنين؟

مقترح قدمه معهد استراتيجي قريب من حزب المحافظين

TT

هل تقسم الحكومة البريطانية حصة أسهمها في البنوك البريطانية البالغة 66 مليار جنيه إسترليني على المواطنين ويحصل كل دافع ضرائب في بريطانيا على أسهم مجانية قيمتها 1000 جنيه إسترليني خلال الشهور المقبلة؟ سؤال مشروع، والإجابة عليه قد تكون بنعم وفقا لدراسة نشرها معهد قريب من حزب المحافظين الشريك الأكبر في حكومة الائتلاف. وأشارت الدراسة التي كتبها 3 شركاء في صندوق بوتمان الاستثماري ونشرها معهد دراسة السياسات «سي بي إس» المحسوب على حزب المحافظين ونشرت أمس، إلى إعطاء دافع الضرائب البريطاني نصيبه العادل من الأموال التي دفعتها الحكومة البريطانية لإنقاذ البنوك البريطانية التي شارفت على الانهيار إبان الأزمة المالية الأخيرة في عام 2008. ودعا معهد الدراسات الاستراتيجية اليميني والقريب من حكومة المحافظين إلى أن تمنح الحكومة البريطانية كل دافع ضرائب بريطاني حصص أسهم في البنكين اللذين تم إنقاذهما، وهما مصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند» ومصرف «لويدز بنك». ويذكر أن الحكومة ضخت في رأسمال المصرفين 66 مليار جنيه إسترليني «أكثر من 100 مليار دولار» في عام 2008. وذلك عبر شراء حصص أغلبية من أسهم البنكين. وقال معهد دراسة السياسات الذي يطلق عليه اختصارا اسم «سي بي إس» القريب من وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن ورئيس حزب المحافظين السابق موريس ساتشي «لقد منحنا أموالنا للحكومة لكي تستثمرها في البنوك وإذا كانت هنالك أرباح من هذه الأموال المستثمرة في البنوك فهي أرباحنا ومثل جميع المستثمرين نريد أن تودع هذه الأموال وبشكل فوري ومباشر في حساباتنا». وأضاف «بكل بساطة إذا كانت هنالك أرباح تحققت في أسهم البنوك، نرغب في الحصول عليها ولا نريد أن تضيع هذه الأرباح في مشاريع حكومية وبرامج أخرى». يذكر أن حصة الحكومة في كل من البنكين، تبلغ 83% في مصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند» و41 % في «لويدز بنك». وربما تأخذ عملية تسييل هذه الحصص سنوات نسبة لضخامتها وظروف السوق غير المواتية في الوقت الحالي. واقترح معهد دراسة السياسات «سي بي إس» أن يمنح كل دافع ضرائب بريطاني حصة 1450 سهما من أسهم «رويال بنك أوف سكوتلاند» و450 سهما من أسهم «لويدز بنك». ومن المتوقع أن تعود هذه البنوك البريطانية للربحية مع عودتها للقطاع الخاص وتحررها من ملكية الدولة مثلما هو الحال الآن في الولايات المتحدة، حيث بدأت وزارة الخزانة الأميركية حصاد أرباح عمليات الإنقاذ التي نفذتها في البنوك الأميركية. وتشير آخر التقارير إلى أن وزارة الخزانة الأميركية حققت أرباحا فاقت 80 مليار دولار خلال العام المالي الماضي من عمليات الإنقاذ.

وقالت الدراسة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها إن عملية الإنقاذ لكل من مصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند» ومصرف «لويدز» لأمر مؤسف حيث كلفت عملية الإنقاذ دافع الضرائب في المملكة المتحدة 66 مليار جنيه إسترليني «أكثر من 100 مليار دولار». وأضافت أن احتفاظ الحكومة بحصتها في البنكين أمر غير جذاب بالنسبة للبنكين وغير مفيد بالنسبة للحكومة وبالتالي غير مفيد لدافع الضرائب. وبررت عدم الجاذبية بقولها إن احتفاظ الحكومة بحصة أغلبية في المصرفين يؤدي إلى إعاقة صنع القرار بالبنكين ويقود إلى هبوط أسعار أسهمهما وبالتالي يعرقل مشوار تنافسيهما عالميا في ظل الصراع الشرس بين البنوك لزيادة حصتها من السوق المصرفية العالمية. من هذا المنطلق نصحت الدراسة الحكومة بضرورة الإسراع بالتخلص من حصتها في البنكين واسترجاع الأموال التي دفعتها. ولكن الدراسة قالت إن حصة الحكومة في البنكين حصة كبيرة وبالتالي فإن أي عملية بيع لهذه الحصة في أي من البنكين ستعني بيع الأسهم بخصم كبير مقارنة بالسعر الحقيقي لهذه الأسهم. وقدرت الدراسة أن وزارة الخزانة البريطانية ستتكبد دفع مصاريف تصل قيمتها 750 مليون جنيه إسترليني «نحو 1.2 مليار دولار» إذا لجأت إلى بيعها عبر المزادات المفتوحة التي تحتاج إلى بنك استثماري وكيل لعرضها وبيعها. وهو ما يعني أن الحكومة ستتكبد خسائر من استثمارها بدلا من تحقيق أرباح. وبالتالي قالت الدراسة إن أفضل الحلول هو أن تلجأ الحكومة إلى توزيع هذه الحصص على دافعي الضرائب في بريطانيا وتفرض قيمة معينة مقابل كل سهم. مشيرة إلى أن مثل هذا الحل سيضمن للحكومة الحصول على عائد ضرائب ثابت بقيمة 18% على ربح السهم في كل سنة مالية إضافة إلى الرسوم التي ستجنيها من حقوق الملكية. وقالت إن هذا الحل تفرضه ظروف السوق في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن الحل صمم لتعظيم قيمة الفائدة العائدة لدافع الضرائب من عملية الإنقاذ للبنكين. وأشارت إلى أن هذا الحل يوفر 3 ميزات، وهي زيادة العائد الذي ستجنيه وزارة الخزانة البريطانية من استثماراتها في المصرفين وإعادة البنكين إلى حظيرة القطاع الخاص ومنح حوافز لدافع الضرائب على عملية المساهمة في إنقاذ البنكين من الانهيار. وأشارت إلى أن كل عملية بيع للأسهم ينفذها دافع الضرائب المتملك للحصص ستؤخذ منها ضرائب 18%، وهذا سيمنح وزارة الخزانة نصيبا من زيادة سعر أسهم البنكين.