وزير الخزانة الأميركي يطالب بتخلي ستروس ـ كان عن منصبه وإدارة السجن تضعه تحت رقابة مشددة

الدول الناشئة تتصارع للفوز بمنصب مدير صندوق النقد وانتزاعه من الأوروبيين

TT

يجد مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس-كان نفسه أمام أصوات متعالية تطالب بتنحيه عن منصبه بعد 3 أيام من مكوثه في سجن في نيويورك بعد اعتقاله بتهمة اعتداء جنسي ضد موظفة من فندق «سوفياتيل» في نيويورك. ويمثل ستروس-كان، السياسي الفرنسي الشهير، أمام المحكمة مجددا غدا، بعد أن رفضت مطالبه بدفع كفالة. وفي الوقت الراهن، يواجه ستروس-كان سبعة اتهامات يمكن أن تؤدي في حالة الإدانة إلى السجن لمدة تصل إلى 25 عاما. وأعلن البيت الأبيض أن ستروس-كان لا يمكنه الاستمرار في منصبه، وطالب وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايثنر بإقالة رئيس صندوق النقد من منصبه خلال اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي. وقال: «من الواضح أنه ليس في وضع يسمح له بإدارة الصندوق، ومن المهم أن يقوم مجلس إدارة صندوق النقد الدولي رسميا بوضع شخص مكانه ليمارس عمل مدير الصندوق».

وساندت النمسا وإسبانيا المطالبات لستروس-كان للتنحي والاستقالة عن منصبه بسبب الاتهامات التي يواجهها، في الوقت الذي يتولى نائبه جون ليبسكي القيام بأعمال مدير الصندوق لكن ليبسكي (الأميركي الجنسية) قد أعلن سابقا نيته ترك عمله بالصندوق في أغسطس (آب) المقبل.

ووسط هذه الضغوط الأوروبية لإقالة ستروس-كان، أضافت الدول النامية ضغوطا أخرى مطالبة بالتوقف عن إعطاء هذا المنصب إلى الأوروبيين بعد أن ظلت فرنسا مسيطرة على هذا المنصب وحدها لمدة 33 عاما. بدأت الدول النامية في الضغط على صندوق النقد الدولي للتوقف عن إعطاء منصب مدير الصندوق إلى الأوروبيين، وبدأت معركة تدور رحاها بين الدول المتقدمة والنامية من جانب، وبين الدول النامية وبعضها البعض من جانب آخر، طمعا في الفوز بمنصب مدير صندوق النقد الدولي.

وحثت الصين والبرازيل وتركيا الصندوق إلى النظر في معايير الجدارة الإدارية وليس المعايير الجغرافية، وطالبت بإنهاء هذا التقليد الذي ضمن هذا المنصب الهام للأوروبيين طوال ستة عقود.

وأعلن وزير المالية التركي محمد شيمشك بشكل مباشر أنه «مؤهل ليحل محل ستروس-كان في تولي هذا المنصب».

ودعت جنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية إلى ترشيح شخص من الأسواق الناشئة لتولي هذا المنصب، وطرحت اسم مرشحها وزير المالية في جنوب أفريقيا برافين جوردهام، واسم وزير المالية السابق تريفور مانويل.

وطرحت كوريا الجنوبية اسم محافظ البنك المركزي كيم شونغ سو. وطرحت سنغافورة وزير ماليتها تارمان شانموجاراتنام.

وقال وزير المالية برافين في بيان صحافي: «إن إصلاح مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي يجب أن تكون له مصداقية وأن تعكس المصداقية مصالح وأصوات جميع البلدان وليس فقط مصالح وأصوات عدد قليل من الدول الصناعية». في الجانب الآخر، لمحت البرازيل أنها لن تضغط لتحقيق هذا التبديل، واكتفت الحكومة الصينية بالمطالبة أن تتم عملية الاختيار لمنصب مدير الصندوق بشفافية وعدالة تضمن إيجاد أفضل شخص لهذا المنصب.

ويجري اختيار مدير صندوق النقد من خلال حصص تمثيلية للدول، حيث تمثل الولايات المتحدة حاليا نسبة 16.8 في المائة من الأصوات في الصندوق وتمثل كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا معا نسبة 14.4 في المائة.

وقد جرت بورصة التكهنات بالمرشحين لتولي منصب مدير صندوق النقد، وطرحت عدة أسماء كان أبرزها اسم وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد ورئيس الوزراء البريطاني السابق غوردن براون، ويواجه كل من لاغارد وبراون تحديات تعوق وصول أي منهما للمنصب، فوزيرة الاقتصاد الفرنسية تواجه اتهامات باستغلال نفوذها للتوصل إلى تسوية مع رجل الأعمال برنارد تابي، ونفت لاغارد هذه الاتهامات وقالت إنها ليس لها أساس من الصحة أمام لجنة تحقيق قضائية فرنسية. ولا يجد رئيس الوزراء البريطاني السابق دعما من الحكومة البريطانية، وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: «إن براون ليس الأنسب لمنصب رئيس صندوق النقد، لأن العمل يحتاج إلى شخص يتفهم خطورة الديون المفرطة».

ودافعت الدول الأوروبية عن حقها في الاحتفاظ بالمنصب وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «إن هناك أسبابا وجيهة لأوروبا للحفاظ على هذا المنصب». وقال اندرس بورغ وزير المالية السويدي: «نحن في وضع صعب جدا في أوروبا، ومن الطبيعي أن يكون لنا تأثير أوروبي قوي داخل صندوق النقد الدولي». وقال وزير المالية الأيرلندي مايكل نونان: «أي بديل لستروس-كان لا بد أن يكون أوروبيا». وبينما تدور مناقشات سياسية حول مستقبل صندوق النقد الدولي، وتتزايد الأصوات المتخلية عنه، تواصل زوجته، المذيعة المشهورة آن سينكلير، دفاعها عنه. وقد وصلت إلى نيويورك بداية الأسبوع من باريس إثر العلم باعتقال زوجها، وكان من المرتقب أن تلتقيه اليوم في السجن. ولمح جيفري شابيرو، محامي الموظفة التي تنحدر من غيني وانتقلت إلى الولايات المتحدة قبل 7 أعوام، إلى احتمال أن يعترف ستروس-كان بأنه مارس الجنس مع خادمة الفندق (32 عاما) لكنه سيصر أن هذا الفعل تم بالتراضي. ويرفض شابيرو ذلك، مؤكدا أنه كان اعتداء. وفي الوقت نفسه قررت إدارة سجن نيوروك وضع ستروس-كان تحت المراقبة خوفا من قيامه بالإقدام على الانتحار، على الرغم من أنه لم يحاول إيذاء نفسه.