الزناكي لـ «الشرق الأوسط»: صندوق التنمية السياحية سينطلق هذه السنة بقيمة 14.5 مليار دولار

وزير السياحة المغربي: دعوة الرباط للانخراط في «الخليجي» تكريس للشراكة القوية القائمة .. وإلغاء الحجوزات بعد تفجير مراكش لم يتجاوز 23 ألفا

ياسر الزناكي
TT

قال ياسر الزناكي، وزير السياحة والصناعة التقليدية المغربي، إن الأمور تتقدم بطريقة إيجابية جدا بخصوص الصندوق المغربي للتنمية السياحية. وعبر عن سروره إزاء التفاعل المتفائل والإيجابي لدى الشركاء الخليجيين، خصوصا بعد الأحداث التي طرأت في الأشهر الأخيرة على منطقتي شمال أفريقيا والشرق الأوسط، مشيرا إلى أنها أحداث لم تغير أي شيء في عزيمتهم ورغبتهم في الاستثمار في المغرب. وقال إن ذلك يبرهن على قوة الأسس الاقتصادية في بلاده.

وأوضح الزناكي، في تصريحات أدلى بها لـ«الشرق الأوسط» خلال زيارته مؤخرا للندن، عزم بلاده على المضي قدما في جهودها من أجل جلب الاستثمار السياحي، وذلك في إطار استراتيجية 2020 التي تروم جعل المغرب من بين أحسن الوجهات السياحية العشرين في العالم، ومضاعفة المداخل الاقتصادية للقطاع السياحي ثلاث مرات، وخلق أكثر من مليون منصب شغل، وبناء 200 ألف سرير سياحي، مشيرا إلى أن تحقيق ذلك يتطلب جهدا كبيرا للاستثمار، وخاصة في بيئة اقتصادية دولية صعبة.

وذكر الزناكي أن ارتباط الشركاء الدوليين، وخاصة الشركاء في منطقة الخليج العربي، بهذا الجهد المغربي الطموح، يعكس الثقة التي يتمتع بها المغرب كوجهة للاستثمار، مشيرا إلى أن العمل على تحقيق هذا المشروع بدأ منذ عقد المناظرة الوطنية للسياحة في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث انطلقت الأعمال والهندسة المالية والترتيبات. وقال إن بلاده تعمل يدا في يد مع كل الإخوان في الدول العربية التي استجابت لهذا الطلب ولهذه الدينامية الاستثمارية في القطاع السياحي المغربي.

وقال وزير السياحة المغربي إن هذا الصندوق الذي تبلغ قيمته 10 مليارات يورو (14.5 مليار دولار)، سينطلق في غضون هذه السنة باستراتيجية محكمة وجدول أعمال محدد.

وحول ما إذا استطاع المغرب أن يؤمن للصندوق مبلغ 10 مليارات يورو، قال الزناكي إن الأمر لا يتعلق بجمع مبالغ مالية بقدر ما يتعلق ببرنامج استثماري هدفه التعاقد بشأن التزامات استثمارية على امتداد 10 سنوات. وأضاف أن هناك مبالغ كبيرة أعلن عنها، ولكن سيتم الإعلان عن كل المبالغ والأرقام يوم ينطلق هذا الصندوق ويتم تفعيله.

إلى ذلك، قال الزناكي إن دعوة المغرب إلى الانضمام لمجلس التعاون الخليجي تكرس العلاقات الجيدة التي كانت دوما قائمة بين المملكة المغربية وهذه المنطقة من العالم العربي.

وزاد قائلا: «إن ما يجري اليوم من دعوة المغرب للانخراط في مجلس التعاون الخليجي هو تفعيل وتكريس للشراكة القوية القائمة بين المغرب وهذه البلدان»، مشددا على ضرورة «استغلال هذه الشراكة والعلاقة، وخصوصا التكامل الاقتصادي القائم بيننا، لتشكيل قوة اقتصادية عربية». وأشار إلى أن الدول العربية عليها أن تتفهم أن مستقبل العالم العربي هو في الوحدة والتكامل، وخاصة أن العالم «ينظر إلينا كدولة واحدة لأنه بمجرد أن طرأت مشكلات في دولة واحدة اعتبر أن كل العالم العربي فيه مشكلات».

من جهة أخرى، قال الوزير المغربي إن التفجير الإرهابي الذي تعرضت له مدينة مراكش نهاية الشهر الماضي لن ينتقص من سمعتها كوجهة سياحية عالمية أساسية، مشيرا إلى أن هذا الاعتداء المعزول كان له تأثير محدود خلال الأسبوعين الأخيرين باعتبار أن لا أحد من السياح قام بقطع إقامته السياحية عقب حادث الانفجار.

وكشف عن أن عدد إلغاء الحجوزات على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة لا يتجاوز 23 ألف حجز، وهو ما يمثل 2.8 في المائة من إجمالي تدفق السياح في مراكش. وشدد الزناكي على القول إنه «تأثير ضئيل جدا»، مبرزا أن وزارته تراقب الوضع عن كثب، وأنها وضعت في سياق ذلك، خطة عمل تروم تعزيز مكانة مراكش كوجهة سياحية أساسية ورائدة. وتشمل الخطة القيام بحملة ترويجية تحت شعار «أنا أحب مراكش» والقيام بعمليات استقبال في المطارات الرئيسية، إضافة إلى إسهام شبكة الإنترنت والمواقع الاجتماعية في هذه الحملة من أجل تعزيز إشعاع مراكش السياحي.

وذكر الوزير المغربي أنه تقرر تنظيم عدد من الفعاليات الثقافية والفنية في مراكش، وخصوصا في ساحة جامع الفنا التي تعرض أحد مقاهيها للتفجير الإرهابي، موازاة مع الاحتفال نهاية الشهر الحالي بالذكرى السنوية العاشرة لتصنيف الساحة من قبل منظمة اليونيسكو كتراث إنساني وعالمي.

وقال الزناكي إن الكثير من الشخصيات من عالم السياسة والثقافة والفنون، ومنظمي الرحلات السياحية في جميع أنحاء العالم، ومسؤولي منظمة السياحة العالمية سيحضرون إلى مراكش للاحتفاء بالمدينة الإمبراطورية ودعمها في مواجهة أولئك الذين يريدون تقويض صورتها كملاذ للسلام ومكان للتلاقي بامتياز، مشيرا إلى أن كل هذه المبادرات ستمكن مراكش من أن تكون أقوى من ذي قبل.

وبخصوص النتائج التي حققها المغرب في السوق البريطانية في مجال الأسفار خلال السنوات الأخيرة، قال الزناكي إنه على الرغم من الظرفية السياسية الصعبة التي تجتازها المنطقة العربية، فإن المغرب سجل ارتفاعا بنسبة 17 في المائة على مستوى استقبال السياح في الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) حتى أبريل (نيسان) الماضيين.

وأضاف أن هذا النشاط شكل نسبة 37 في المائة خلال شهر أبريل وحده، مشيرا إلى أن هذه النتائج تبرز المؤهلات البالغة الأهمية التي ينوي المغرب استثمارها عبر مجموعة من الشركات الإعلانية والبرامج الثقافية والسياحية، مشيرا أيضا إلى أهمية تعزيز الرحلات الجوية بين المغرب وبريطانيا.

وقال الوزير المغربي، إن «الوجهة نحو المغرب واعدة بمستقبل براق في بريطانيا»، مشيرا إلى دراسة أظهرت أنه من بين 17 و19 في المائة من البريطانيين الذين يودون زيارة المغرب، اتجهت نسبة واحد في المائة فقط فعلا صوب المغرب.

وأضاف الزناكي «هذا يبرز المؤهلات الهائلة التي ينبغي استغلالها للرفع من عدد السياح البريطانيين في المغرب»، مشيرا إلى أن بريطانيا تحتل مكانة بارزة داخل الاستراتيجية المغربية لتنمية القطاع السياحي.

يذكر أن إيرادات السياحة في المغرب بلغت العام الماضي نحو 57 مليار درهم (7.3 مليار دولار) أي 40 في المائة تقريبا من إيرادات التصدير مقارنة مع 53 مليار درهم في 2009. وسجلت أعداد السياح الذين زاروا المغرب حتى نهاية أبريل الماضي زيادة بلغت أكثر من 10 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.