الإقبال الكبير على «لينكيد إن» يفتح الباب أمام طرح «شركات التواصل الاجتماعي» للاكتتاب العام

«فيس بوك» في الطريق لطرح أسهمها خلال الـ 12 شهرا المقبلة

TT

إنه ليس عام 1999، لكن عادت شركات الإنترنت إلى طرح أسهمها للاكتتاب العام. فقد تضاعف سعر أسهم «لينكيد إن»، شبكة التواصل الاجتماعي، خلال أول يوم تداول لها وهو ما يعد أمرا مفاجئا يشير إلى الازدهار التكنولوجي الحديث ويتنبأ باشتراك شركات إنترنت رأسمالها مليارات الدولارات مثل الـ«فيس بوك» والتي من المتوقع أن تطرح للاكتتاب خلال الـ12 شهرا المقبلة.

وكان الاكتتاب العام الأولي الذي يعد الأكبر الذي تقوم به شركة إنترنت أميركية منذ اكتتاب «غوغل» عام 2004 بمثابة اختبار هام لطلب المستثمرين على الموجة الجديدة من شركات مواقع التواصل الاجتماعي. ارتفعت قيمة الشركات الناشئة مثل «غروابون» و«فيس بوك» و«تويتر» و«زينغا» في الأسواق الثانوية خلال الأشهر القليلة الماضية. وأوضحت تداولات البورصة يوم الخميس الماضي عدم تراجع إقبال المستثمرين على مثل هذه المواقع رغم التساؤلات بشأن ما إذا كانت مثل هذه القيم مبررة.

وبلغ سعر سهم «لينكيد إن» عند افتتاح بورصة نيويورك 83 دولارا، بعد أن كان سعره عند بداية الاكتتاب 45 دولارا، ثم ارتفع إلى 122.70 دولار قبل الانخفاض، حيث بلغ سعر السهم عند الإغلاق 94.25 دولار مما جعل القيمة السوقية للشركة 9 مليارات دولار تقريبا أي 4 أمثال قيمة شركة «إيه أو إل» التي كانت في السابق من كبرى شركات الإنترنت. لكن هذا الانتعاش الذي يشهده مجال الإنترنت يختلف عن الانتعاش السابق، فالشركات التي تطرح أسهمها في اكتتاب عام لديها ما هو أهم من مستخدمي الإنترنت، وهي التقارير الخاصة بالأرباح والعائدات. فقد حققت شركة «لينكيد إن» على سبيل المثال من الإعلانات والاشتراكات وخدمات التوظيف عائدات قدرها 15.4 مليون دولار العام الماضي على 243.1 مليون دولار. وعلى عكس ما حدث في أواخر فترة التسعينات، لم يكن هناك أي ظهور لشركات جديدة في السوق. ويمكن أن يعود التحمس لشركة «لينكيد إن» إلى بيع عدد قليل من الأسهم وإرجاء المستثمرين الطلب إلى حين تجاوز الأزمة المالية قبل ضخ أموال في شركات إنترنت أميركية ناشئة. وباعت الشركة من خلال الاكتتاب أسهما بقيمة 7.84 مليون دولار، أي أقل من 10% من أسهم الشركة مع وجود خيار لبيع أسهم إضافية بقيمة 1.1 مليون دولار. لم يحصل نحو 95% من المستثمرين من الذين رغبوا في الحصول على أسهم على حصة كاملة على حد قول أحد المصادر المطلعة على الاكتتاب والذي رفض الإفصاح عن هويته.

قال لو كيرنير، محلل أوراق مالية في «ويدبوش»: «هناك عدد محدود من الأطراف الفاعلة في مجال المواقع الاجتماعية الآن. هناك طلب كبير من المستثمرين على كل ما هو اجتماعي بسبب احتمال أن يشهد نموا».

لكن يظل ما حدث يوم الخميس الماضي مذهلا لأن قليلين هم من توقعوا أن تحقق شركة «لينكيد إن» نجاحا في الاكتتاب العام. فآخر شركة أميركية تحقق أكثر من 100% خلال اليوم الأول من التداول كانت شركة «نايميكس»، التي تعمل في سوق السلع عام 2006 بحسب البيانات الواردة من شركة «رينيسانس كابيتال» الاستشارية. قبل الشهر الحالي، لم تجذب الشركة انتباها كبيرا مقارنة بشركات الإنترنت الكبرى مثل «فيس بوك» و«غروابون» التي حصلتا على تمويل من المستثمرين بمليارات الدولارات وشهدتا ارتفاعا في قيمتيهما.

خلا الأسبوع الأول من شهر مايو (أيار)، حددت شركة «لينكيد إن» سعر السهم المستهدف خلال اكتتابها بما يتراوح بين 32 و35 دولارا وهو ما يجعل قيمة الشركة نحو 3 مليارات دولار. ثم رفعت الشركة هذا الحد بنسبة 30% يوم الثلاثاء الماضي ليتراوح بين 42 و45 دولارا. وأدى هذا الازدهار الذي شهدته البورصة يوم الخميس الماضي إلى اندفاع المستثمرين وأصحاب المشروعات الصغيرة زيادة تقديراتهم. وتساءل بيتر فالفي، المدير التنفيذي بشركة «مورغان كيغان»: إذا وصلت قيمة شركة «لينكيد إن» إلى 10 مليارات دولار، فما قيمة شركة مثل «فيس بوك»؟ كانت شركة «لينكيد إن» تعد خامس أكبر شركة مواقع تواصل اجتماعي حتى وقت قريب.

وارتفعت قيمة شركة «فيس بوك»، التي من المتوقع أن تطرح أسهمها في اكتتاب عام العام المقبل، في الأسواق الثانوية مع بلوغ قيمة التداول 80 مليار دولار خلال الأشهر القليلة الماضية. ويقال إن موقع الشراء الاجتماعي «غروابون» الذي حقق أرباحا قدرها مليار دولار من المستثمرين في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي يتفاوض مع مصرفيين بشأن اكتتاب عام بقيمة تزيد على 20 مليار دولار. لكن ينظر إلى ما حققته شركة «لينكيد إن» خلال يوم الخميس الماضي بأنه مؤشر هام بالنسبة إلى الشركات العاملة في هذا المجال والشركات الناشئة التي تتطلع إلى طرح أسهمها في اكتتاب عام. وقال توني زينغال، الرئيس التنفيذي لشركة «جيف سوفتوير» الخاصة التي تقدم برامج للتواصل اجتماعي، إنه يتابع أداء شركة «لينكيد إن» باعتباره مؤشرا لأداء الأسواق. وأوضح قائلا: «نحن متحمسون للغاية. يبدو أن الأمور تسير على ما يرام، حيث يبدو أن هناك إقبالا كبيرا على اكتتاب شركات المواقع الاجتماعية».

وبدا أن الضجة المثارة حول شركة «لينكيد إن» تؤثر على الأسواق الثانوية التي يتم فيها تداول الأسهم الخاصة من خلال دعم الطلب على الشركات الناشئة في هذا المجال. وصرحت شركة «ساكند ماركيت» التي تعد من أكبر الشركات في البورصة بأن النشاط على موقعها الإلكتروني تضاعف يوم الخميس الماضي مقارنة بمتوسط المعدل اليومي للتداول. لكن مع تزايد إقبال المستثمرين على أسهم شركات المواقع الاجتماعية، يتزايد القلق من أن تنفصل التقييمات عن القيم الأساسية.

فمع وصول قيمة شركة «لينكيد إن» إلى 9 مليارات دولار، تفوق قيمة تداول أسهم الشركة أرباح العام الماضي بمقدار 584 مرة عائدات العام الماضي بمقدار 37 مرة. ويقدم الموقع الذي بلغ عدد أعضائه نحو 100 مليون نموذج مجاني في هذا المجال، حيث يستطيع مستخدمو الموقع عمل حساب مجاني أو دفع مقابل رسوم اشتراك للحصول على حساب متميز. وتقدم الشركة حلولا بشأن التوظيف لكل من أصحاب الأعمال والباحثين عن عمل. رغم استمرار نمو الشركة بسرعة كبيرة، تواجه منافسة شرسة من المواقع الإلكترونية الأخرى التي تقدم خدمات التوظيف مثل «مونستار» و«كارير بيلدر».

يقول كيم أوزكايناك، أحد مؤسسي شركة «تريفيس» للأبحاث المالية: «إنهم يقدمون معلومات ذات جودة عالية»، لكنه أضاف: «على شركة (لينكيد إن) الحفاظ على تحصيل الرسوم من العملاء في الوقت الذي تعمل فيه على توسيع قاعدة بيانات العملاء من بضعة آلاف إلى عشرات الآلاف خلال الأعوام القليلة المقبلة».

كذلك هناك قلق من أن يكون ارتفاع قيمة الشركة في الأسواق العامة، رغم أن هذا يفيد حاملي الأسهم، عائقا أمام نجاح الشركة التي أنشئت منذ 8 أعوام والتي لا تزال تصارع من أجل تحقيق ربحية.

وشهدت الشركة العام الماضي تحقيق أرباح كبيرة، في حين شهدت خسائر عام 2008 و2009. والآن مع الإعلان عن قوائمها المالية، ربما تتعرض شركة «لينكيد إن» لضغوط لتحقق توقعات حاملي الأسهم المتقلبة الذين يبحثون عن أرقام تتناسب مع قيمة الشركة التي تقدر بـ9 مليارات دولار.

يمكن أن يمثل هذا تحديا كبيرا أمام الشركة التي عبرت مرارا عن التزامها بالاستثمار في مكانتها على حساب الأرباح قصيرة الأمد. وربما يجعل تمويل السوق من الصعب على الشركة الاحتفاظ بمهندسين ماهرين أو تعيين مهندسين جدد يتمتعون بالكفاءة والموهبة الذين يمثلون موردا ثمينا في وادي السليكون.

يقول فلافي: «عليهم الآن تحقيق أرباح كل 90 يوما إلى الأبد. فإذا حققت أرباحا ضخمة في يوم واحد، سيحصل المتداولون على مبالغ كبيرة بحيث تغنيهم عن الاشتراك في عملية التداول مرة أخرى. على الجانب الآخر، عليك أن تثبت للمتداولين المحتملين أن البورصة ما زالت تحتوي على عوامل جذب».

شعر المسؤولون التنفيذيون في شركة «لينكيد إن»، الذين ذهبوا إلى بورصة نيويورك حتى يشهدوا افتتاح سوق التداول، بالحماسة من ظهور الشركة في السوق لأول مرة. لكن يسعى جيف وينر، الرئيس التنفيذي للشركة، نحو التقليل من شأن الأرباح، حيث قال في مقابلة: «إنه يوم مثير، لكننا لا نركز على وضع السهم، فلن تكون هذه التقلبات قصيرة المدى ذات معنى على المدى الطويل».

* خدمة «نيويورك تايمز»