نائب رئيس غرفة قطر لـ«الشرق الأوسط»: المنظومة الخليجية مؤهلة لتصبح أكبر مركز عالمي للطاقة والغاز

محمد الكواري قال أن خادم الحرمين الشريفين أكد على معاملة القطريين كرجال الأعمال السعوديين

محمد بن أحمد بن طوار الكواري («الشرق الأوسط»)
TT

أوضح محمد بن أحمد بن طوار الكواري، نائب رئيس مجلس غرفة تجارة وصناعة قطر، أن دول الخليج مؤهلة لتصبح منظومة اقتصادية ومركزا عالميا للطاقة والغاز، وذلك لمواردها الطبيعية الهائلة وتجانس شعوبها التي تمثل شعبا واحدا.

وطالب الكواري القطاع الحكومي في دول مجلس التعاون بأن يعطي القطاع الخاص دورا مهما في المسيرة التنموية والاقتصادية دون أن يكون منافسا، على أن يتبنى الدور الرقابي والتشريعي والدعم والمساندة، لخلق قطاع صناعي يدعم المسيرة الاقتصادية للبلدان الخليجية.

وبين أن تباطؤ التكامل الاقتصادي الخليجي يعود إلى الدور المعوق لبعض الأجهزة الحكومية، والمشكلات العالقة التي يواجهها رجال الأعمال على الحدود فيما يتعلق بنقل بضائعهم، مشيرا إلى أن المدينة الصناعية المزمع إنشاؤها في منطقة سلوى الحدودية - شرق السعودية - ستدعم التكامل الاقتصادي السعودي - القطري، بل ستمثل نافذة مهمة للقطريين على السوق السعودية التي تعد الأكبر في المنطقة.

وأكد الكواري أن المسيرة الاقتصادية المتسارعة في دول الخليج تحتاج إلى زيادة الإنفاق الحكومي لمواكبة التطور، واستثمار الموارد الطبيعية وإيجاد صناعات كبيرة في المنطقة، مشيرا إلى أنه مطروح الآن إنشاء مشروع بتروكيماويات كبير في قطر.

وأشار إلى أن الحكومة القطرية رصدت مليارات الدولارات بهدف تسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية في إطار الملف القطري 2022.

وتطرق الكواري إلى كثير من الجوانب الاقتصادية الخليجية في حوار لـ«الشرق الأوسط»:

* كان لرجال الأعمال القطريين حضور لافت في منتدى الأحساء الاستثماري.. فما تعليقكم؟

- الأحساء لها مكانة خاصة لدى القطريين من زمن طويل بحكم القرب الجغرافي والامتداد الاجتماعي، أما فيما يتعلق بالحضور في المنتدى فهذا ليس مستغربا لكون الأحساء من المناطق الجاذبة استثماريا وتتميز بالعديد من المقومات الاستثمارية، عطفا على أنها نافذة مهمة على سوق السعودية الكبيرة لكل المستثمرين، قطريين كانوا أو خليجيين.

* وكيف ترون الحوافز الاستثمارية في الأحساء؟

- أعتقد أن طرح فكرة المدينة الصناعية في سلوى قوبل بارتياح كبير في الأوساط الاقتصادية الخليجية ورجال الأعمال القطريين والتي سوف تتيح خيارا للقطريين للوصول إلى السوق السعودية، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يقع في متناول جميع رجال الأعمال، كما أننا في غرفة قطر تلقينا الكثير من ردود الفعل من رجال الأعمال الذين لديهم الرغبة للمشاركة والاستثمار في هذه المدينة، بعد أن منح الجانب السعودي من خلالها الفرصة للقطريين والخليجيين للوجود في هذه المنطقة وهم يشكرون على هذه الخطوة، في حين تدعم مدينة سلوى الصناعية التكامل الاقتصادي بين السعودية ومحافظة الأحساء، وهي شبه منطقة مشتركة ومتاحة للجميع ويعامل فيها رجال الأعمال القطريون كمعاملة السعوديين.

* وماذا عن نصيب المستثمرين الخليجيين في المشاريع القطرية ضمن الملف القطري 2022؟

- لا أخفيك أننا في غرفة قطر نشجع المستثمر الخليجي على الاستفادة من كل الفرص الاستثمارية في قطر، خاصة فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية، لكون المستثمر الخليجي سيكون إضافة إلى الجانبين سواء فيما يتعلق بتوافر الخدمات اللوجستية أو سهولة التنقل والقدرة على التعامل مع كل الظروف وحل بعض المعوقات في أسرع وقت ممكن.

* ولكن يتردد أن هناك اتجاها قطريا لوضع الأولوية للشركات الأجنبية؟

- لا بد أن يكون هناك وجود لشركات أجنبية كبيرة، ولكننا دائما نطالب بشراكة حقيقية بين الشركات الأجنبية والشركات المحلية، وهذه الشراكة تصب في مصلحة الجانبين، لكون الشركة الأجنبية ستساهم بالتكنولوجيا والخبرات والشركات المحلية سوف تقدم لها الخدمات اللوجستية، كما أنه من خلال تجاربنا وجدنا أن الشركات الخليجية بما اكتسبته من خبرات أصبحت مؤهلة لأن تلعب دورا كبيرا في طفرة المشاريع التي تشهدها قطر، خاصة فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية والتطوير التي تعد إضافة إلى الاقتصاد الوطني. من خلال تجربة حديثة، فإن كثيرا من الشركات الأجنبية التي أتت إلى قطر أصبح لديها قناعة بأن يكون لها شريك محلي، لأنه أكثر دراية وخبرة بظروف السوق، وفي الوقت نفسه نجد أن شركات المقاولات الخليجية لديها خبرات وإمكانات كبيرة ويجب أن نستفيد منها في تنفيذ الكثير من المشاريع المطروحة في الملف القطري.

* كغرفة تجارية، ما دوركم في دعم شراكات ثنائية بين رجال أعمال سعوديين وقطريين؟

- أعتقد أن مجلس رجال الأعمال السعودي والقطري يقوم بدور كبير في هذا الجانب، ونحن في قطر ننتظر وصول وفد يضم أكثر من 150 رجل أعمال سعوديا برئاسة عبد الرحمن العطيشان، ومن المهم الدخول في شراكات لرجال الأعمال القطريين مع سعوديين وخليجيين لتبادل الخبرات فيما بيننا وخلق منافسة قوية مع الشركات الكبيرة، وخاصة أن كثيرا من الشركات السعودية في قائمة الشركات العالمية الناجحة، كما أنها جزء من التكامل الخليجي، لذلك من الأولى قيام شراكات بيننا في ظل ما نلمسه من تفهم لدى الجهات الرسمية لهذه الشراكات.

* لكن حتى الآن لم تفعل هذه الشراكات على أرض الواقع؟

- هناك بعض من رجال الأعمال السعوديين مستثمرين في قطر منذ فترة طويلة، في حين أن الكم والنوع للمشاريع القادمة، سيعطي فرصة أكبر لدخول رجال أعمال سعوديين آخرين في السوق القطرية، والاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة في قطاعي الصناعة والغاز، كما أننا خلال زيارة الوفد نتطلع إلى شراكات وتفعيلها.

* وما تقديرك لحجم الاستثمارات في قطر؟

- من الصعب الآن تقدير حجم الاستثمارات، ولكنها استثمارات مفتوحة خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الصناعية وتعد سوقا كبيرة، في حين أن مشاريع البنية التحتية تقدر بالمليارات، وحجم الأعمال القادمة مفتوح، كما أن الدولة رصدت نحو 100 مليار دولار وتعمل على تنفيذ الكثير من المشاريع المطروحة حاليا في أقصر فترة زمنية ممكنة، ومنها مشروع المطار الذي سيكون واحدا من أكبر المطارات في المنطقة وكذلك الميناء، وهذا يحتاج إلى تضافر الجهود، وأعتقد أن الاستفادة من خبرات دول الخليج مهمة بالنسبة إلينا خلال هذه المرحلة.

* وما هي أهم الفرص الاستثمارية في قطر الآن بعد مشاريع البنية التحتية؟

- هناك الكثير من المشاريع وفي مقدمتها الصناعات المكملة للغاز، كما طرح علينا الآن مشروع بتروكيميكال.

* ما هي معوقات الاقتصاد في قطر؟

- هناك كثير من المعوقات التي هي في طريقها للحل إلى حد ما وهي متمثلة في البنية التحتية التي تدعم الجوانب الاقتصادية في البلاد، في حين أن دول الخليج بدأت تهتم بالمرافق العامة التي تخدم الصناعات من موانئ وطرق، وفي قطر يتم الآن بناء ميناء عالمي ومطار عالمي، ولن تبقى معوقات النقص في الأراضي والتمويل، ودائما القطاع الخاص متطور وسريع، ولكنه يحتاج إلى دعم من الجهات الرسمية، وعلى غرف التجارة أن تلعب دورا كبيرا لتفعيل الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وأعتقد أن القطاع العام ترك دوره كمشرع ومنظم بل دخل منافسا للشركات المحلية..

ونحن في الغرف ننظم ندوات للقطاعين كي يعرف كل واحد دوره حيث في السابق كان كلا القطاعين في القطاع العام، أما الآن برز دور القطاع الخاص ويحتاج إلى الدعم من القطاع العام، وخاصة أن اقتصادات الدول الكبيرة تعتمد على القطاع الخاص، والمطلوب من الدول إيجاد المرافق والتسهيلات والتشريعات وتترك الحرية لرجل الأعمال لأنه يعرف دوره جيدا ولديه القدرة على سرعة اتخاذ القرار، في ظل الفرص الاستثمارية الكبيرة في دول الخليج، التي تملك مؤهلات وموارد طبيعية تجعلها مركزا عالميا.

* وكيف ترى الإنفاق الحكومي في دول الخليج؟

- في الواقع الإنفاق الحكومي يختلف من دولة إلى أخرى، ولكن يظل حجم المشاريع والمتطلبات أكثر بكثير من الإنفاق الحكومي، وفي الغالب نجد أن وزراء المالية لهم دور في تقييد الإنفاق الحكومي، على الرغم من أن الأمور متسارعة وتتطلب إنفاقا وتسهيلات أكثر في بلدان لديها كل عوامل النجاح للصناعة متى أوجدت الدعم والتمويل. مع الوضع في الاعتبار أن إنشاء القطاع الصناعي يجب ألا ننظر لعوائده بالمنظور القريب، بل إن الربح يأتي على المدى البعيد، والأهم هو إيجاد قطاع مهم لاقتصاد البلد، وهو ما يحتاج إلى إعادة تفكير، والأهم على الدولة أن تتفهم أكثر دور القطاع الخاص وخلق تجانس وانسجام ودعم لأن هذا سيكون رافدا كبيرا ومهما للاقتصاد الوطني. ودول كثيرة تعتمد في ميزانياتها على القطاع الخاص والقطاعات الصغيرة والمتوسطة، وهذه أمور لا تخفى على رجال الاقتصاد.

* ألا ترى أن هناك تباطؤا في مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي؟

- لا شك أن بعض الجهات الرسمية لها دور في تباطؤ التكامل الاقتصادي، وهناك مشكلات أزلية على الحدود يشتكي منها الجميع، ولكن خصخصة المشاريع في الفترة القادمة وعملها على أساس تجاري، على أن يكون هناك دور أكبر للرقابة الحكومية، ربما يسرع بعجلة هذا التكامل، ونحن كرجال أعمال قطريين وسعوديين نطالب الجهات الرسمية في قطر والسعودية بالتسريع في بعض الإجراءات على الحدود.

* دول الخليج مؤهلة لتكون منظومة على غرار المنظومة الأوروبية.. ماذا ينقصها حتى تصل إلى هذا المستوى؟

- أعتقد أنه لا ينقصها شيء بل لديها مقومات كبيرة تجعلها المنظومة الأهم، بدفعها في ذلك تجانس الشعب الخليجي كشعب واحد وثرواته الطبيعية، أما التكنولوجيا فممكن أن تستقطبها من مراكز مختصة في العالم وهي متاحة للجميع، مع دعم القطاع الخاص وإعطائه دورا مهما بعيدا عن التنافس مع القطاع العام الذي يستحوذ على كل شيء. ولو تم تحرير القطاع الخاص لحقق نجاحات كبيرة ستعود بالنفع والفائدة على الاقتصادات الخليجية.

* قرار قادة دول مجلس التعاون الخليجي بالسماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول الخليج تعامل معاملة الشركات المحلية، لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن.. لماذا؟

- المكتوب على الورق يختلف في التنفيذ أحيانا، وفي السعودية أسس بعض رجال الأعمال بعض الشركات وكانت الإجراءات متقاربة، وإن كان يعتريها بعض الغموض في جوانب أخرى، ولكن هناك توجه من خادم الحرمين الشريفين بتسهيل الإجراءات لرجال الأعمال الخليجيين، حيث تشرف نحو 120 رجل أعمال قطري بزيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وشدد على أن تتم معاملتنا كمعاملة رجال الأعمال السعوديين، كما أن هناك نقلة في التكامل بين البلدين، وإن كانت تؤخذ ببطء، وتحتاج إلى نظرة أشمل وأهم.