التضخم.. «قنبلة موقوتة» تهدد الاقتصاد العالمي

تقارير تؤكد عودة دورة سعر الفائدة من جديد

TT

أظهرت بيانات النمو الاقتصادي العالمي علامات من التماسك والتعزيز؛ إذ كانت المؤشرات الاقتصادية الأخيرة متباينة، وإن كانت تميل إلى الجانب الإيجابي.

لكن التقارير الاقتصادية المحلية والدولية الصادرة هذا الأسبوع تشير إلى أن التضخم المرتفع والمستمر في اقتصاديات الأسواق الناشئة ومنطقة اليورو لا يزال يفرض مخاطر تراجع النمو الاقتصادي العالمي.

وخلصت هذه التقارير إلى أن البنوك المركزية في دول الاقتصاديات الناشئة مستمرة في تطبيق سياسات نقدية انكماشية متشددة، وسار على خطاها البنك المركزي الأوروبي في الشهر الماضي، بينما أصبحت البرتغال ثالث دولة في منطقة اليورو تتلقى حزمة مالية لإنقاذها من أزمة ديونها السيادية.

واتفق تقرير صادر عن إدارة البحوث في شركة «الراجحي» المالية التابعة لمصرف «الراجحي» مع ما أعلنه صندوق النقد الدولي في تقريره نصف السنوي، الذي يتوقع الصندوق أن يشهد نمو الاقتصاد العالمي في العام الحالي ماسكا بعد الانتعاش الحاد الذي شهده في العام الماضي.

ووفقا لتوقعات الصندوق، يتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 4.4 في المائة في العام الحالي، بعد أن نما بنسبة 5 في المائة في العام الماضي. ويتوقع أن تنمو الاقتصاديات المتقدمة بنسبة 2.4 في المائة، بينما يتوقع أن تنمو الاقتصاديات الناشئة والنامية بنسبة 6.5 في المائة خلال السنة الحالية. ويتوقع أن تنمو دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 4.1 في المائة، بينما يتوقع أن ينمو اقتصاد السعودية بنسبة 7.5 في المائة خلال 2011، حسب توقعات صندوق النقد الدولي.

وأوضح الدكتور صالح السحيباني، مدير إدارة البحوث لدى شركة «الراجحي» المالية، أنه على الرغم من أن أسعار السلع، وخاصة أسعار النفط الخام، هدأت نسبيا في الأسبوعين الأخيرين، فإن معدل التضخم المرتفع في اقتصاديات الأسواق الناشئة لا يزال يمثل عائقا كبيرا للنمو الاقتصادي في تلك الدول.

وقال إن عامل التضخم لا يزال يمثل مخاطرة رئيسية, ولا يزال معدل تضخم أسعار المستهلكين فوق نسبة 5 في المائة في الصين، وقريبا من 9 في المائة في الهند، وأعلى من 6 في المائة في كل من البرازيل وإندونيسيا و9.5 في المائة في روسيا.

وبحسب تقرير الشركة الذي حمل توقيع السحيباني، فإنه بالعودة لسعر الفائدة في الدول المتقدمة الرئيسية، بدأ التضخم المتصاعد عالميا في تغيير مسارات السياسات النقدية لاقتصاديات الأسواق الناشئة والاقتصاديات المتقدمة.

وذهب إلى أن التضخم المرتفع في الاقتصاديات الناشئة أجبر البنوك المركزية في هذه الدول على الاستمرار في بذل جهودها للتشدد في السياسة النقدية، واعتبر أنه من أجل كبح جماح التضخم المرتفع.

ومن جانب آخر، شرعت منطقة اليورو في تطبيق إجراءات للتشدد في مسار السياسة النقدية في أبريل (نيسان)، في أول إجراء للتشدد في السياسة النقدية في الدول الثلاث الكبرى في الاتحاد الأوروبي G - 3 بعد الأزمة الاقتصادية الأخيرة.

ووفقا لمدير إدارة البحوث، استمرت البنوك المركزية في دول الاقتصاديات الناشئة في بذل مجهوداتها لكبح جماح التضخم باتباع سياسة نقدية انكماشية. ففي الصين، رفع البنك المركزي نسبة المتطلبات الاحتياطية (نسبة من إجمالي الودائع لأجل، والودائع الادخارية التي يتم إيداعها لدى البنك المركزي) للبنوك التجارية إلى مستوى قياسي بلغ 21 في المائة (18.5 في المائة للبنوك الصغيرة)، وذلك في الـ12 من مايو (أيار) الحالي، وهي الزيادة الثامنة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على اعتبار أن الزيادات المتتالية أكثر أدوات السياسة النقدية فعالية للتحكم في سيولة النظام المالي.

وشدد على أن الاضطرابات السياسية في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدت إلى انخفاض في إمدادات «أوبك» من النفط الخام، على الرغم من رفع السعودية وعدد من الدول المنتجة كمية صادراتها النفطية لتعويض هذا الانخفاض.

من جانب آخر، أدى المزيد من الانتعاش في الاقتصاديات المتقدمة والنمو القوي المستمر في اقتصاديات الأسواق الناشئة، إلى زيادة التوقعات بزيادة الطلب على النفط الخام. وهو ما نتج عن عدة عوامل، أهمها ضغط الطلب الأساسي، وارتفاع علاوة المخاطر (احتمال انقطاع الإمدادات النفطية) وانخفاض الدولار، إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط الخام العالمية منذ منتصف فبراير (شباط) هذا العام.

وبهذا الخصوص، رجح التقرير استمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي مرتفعا في ظل توقع استمرار أسعار وإنتاج النفط الخام في الارتفاع، إذ يشكل القطاع النفطي ما نسبته 51 في المائة، فضلا عن أنه يمثل نحو 47 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في العامين الماضيين.

يشار إلى أنه بناء على ما جاء في نشرة «أوبك» الشهرية الصادرة في أبريل، فإن إنتاج «أوبك» من النفط الخام تراجع بمقدار 698 ألف برميل في اليوم في مارس (آذار) الماضي مقارنة بشهر يناير (كانون الثاني) من هذا العام، بينما انخفض إنتاج النفط الخام العالمي بأكثر من نصف مليون برميل في اليوم خلال نفس الفترة.