عمليات تلاعب في الأسعار وتهريب تفقد روسيا 60 مليار دولار في 4 أشهر

رئيس «المركزي الروسي»: هذا رقم خطير.. واقتصادي: موسكو قد تضطر إلى السحب من الاحتياطي

إدانة ميخائيل خودوركوفسكي، قطب النفط السابق الذي خسر شركته وحريته بعد أن تحدى بوتين، زرعت الرعب في رجالات المال والشركات
TT

تندفع أموال الاستثمار إلى خارج روسيا، على الرغم من ارتفاع أسعار النفط وارتفاع قيمة الروبل. ولم ير مثل هذا المزيج من قبل، ويهدد ذلك بإلحاق ضرر دائم للاقتصاد الروسي ولجهود التحديث التي يقوم بها الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف.

وللمرة الأولى يقوم أصحاب الشركات داخل روسيا بإبقاء الأموال خارج البلاد، فيما يعتقد علماء اقتصاد داخل روسيا أنها علامات على الضبابية والتشاؤم الكبير.

ويقول يفغيني جونتماخر، نائب مدير معهد التنمية المعاصرة في موسكو: «يعد ذلك اتجاها خطيرا جدا حيث يظهر على نطاق واسع». وبلغ صافي هروب رأس المال داخل القطاع الخاص، الذي بدأت وتيرته في الارتفاع العام الماضي، نحو 30 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأول من 2011. وقال سيرجي إغناتيف، رئيس المصرف المركزي الروسي، أمام مؤتمر مصرفي يوم الخميس: «هذا رقم كبير للغاية». وفي الواقع ربما يمثل ذلك المبلغ نصف الهروب الفعلي لرأس المال، حيث تأتي النسبة الباقية من خلال عمليات تحويل غير قانونية غير رسمية.

ويمكن تحرك المال إلى الخارج في شكل استثمارات كبيرة داخل شركات أجنبية. أو قد يحدث ذلك عندما يظهر مشتر وحيد في مكتب عقارات داخل لاتفيا أو الجبل الأسود معه حقيبة ممتلئة بالنقد ولديه نية شراء منزل ثان. ويمكن للشركات التي تشارك في التجارة التلاعب في الأسعار حتى تترك النسبة الأكبر من أرباحها خارج روسيا. ويقوم آخرون بالتلاعب في سجلاتهم من خلال بند «السهو والخطأ» - بلغت قيمة الاحتيال في هذا البند 8 مليارات دولار خلال 2010، بحسب ما ذكرته لجنة اتحاد الجمارك الروسية وبيلاروس وكازاخستان هذا الأسبوع – أو تعاملات أوراق مالية وهمية (14 مليار دولار أخرى).

ولا يعرف أحد متى سيتوقف ذلك. وتوقع بنك روسيا مطلع العام الحالي أن رأس المال سيعود إلى داخل البلاد بنهاية مارس (آذار). ولكن لم يحدث ذلك. وقدر المصرف أن ملياري دولار غادرت البلاد في مارس. والآن يورد المصرف أن الهروب بلغ نحو 6.2 مليار دولار ذلك الشهر – وارتفع إلى 7.8 مليار دولار خلال أبريل (نيسان).

ولا يزال لدى روسيا فائض الحساب حاليا، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى دخلها من النفط المرتفع سعره. ولكن في الماضي كانت الزيادات في عوائد النفط تؤدي إلى زيادات نسبية في الأموال المتاحة لاستثمارات رأس المال، بحسب ما يقوله إفسي غورفيتش، رئيس مجموعة الخبراء الاقتصاديين داخل موسكو. وهذه المرة ما لم تستمر أسعار النفط في الارتفاع للأبد، ستضطر روسيا في نهاية المطاف إلى بدء السحب من احتياطي عملتها. ومن الواضح أن ثمة عاملين في هذا الأمر.

يتمثل العامل الأول في عدم الوضوح السياسي، حيث تشهد روسيا العام المقبل انتخابات رئاسية ولا يعرف أحد ما إذا كان ميدفيديف أم رئيس الوزراء فلاديمير بوتين سيخوض الانتخابات. وقال الاثنان إنهما سيقرران هذا الأمر فيما بينهما. وفي الواقع لا توجد اختلافات بينهما تذكر في السياسات، ولكن أي استثمار كبير هنا يتطلب موافقة من أحدهما، وفي الوقت الحالي لا تريد الشركات أن تراهن على المرشح الخاطئ.

ويقول غورفيتش: «في دولتنا ما زالت الضمانات الشخصية والعلاقات الشخصية أكثر أهمية للشركات الكبرى من القوانين والقواعد واللوائح التنظيمية الرسمية».

وقال المستشار الاقتصادي الرئيسي بالكرملين اركادي دفوركوفيتش، يوم الثلاثاء إن علامة الاستفهام السياسية ستجعل رأس المال يستمر في الخروج من البلاد على الأقل خلال الوقت المتبقي من هذا العام.

ولا تعد هذه نقطة واضحة المعالم، ففي المرة الماضية واجهت روسيا ضبابية سياسية في عام 1996 عندما كان بوريس يلتسن يخوض الانتخابات للفوز مرة أخرى وبدا أنه قد يخسر – وارتفعت معدلات الفائدة نتيجة لذلك وجذب ذلك أموالا إلى داخل البلاد. ويتمثل العامل فيما يسميه غورفيتش بدقة «أوجه الضعف في بيئة قطاع الأعمال». وهذه وسيلة أخرى للحديث عن الفساد والنزوات البيروقراطية والمحاكم التي تأخذ أوامرها من أعلى.

وربما يترجم إعادة التأكيد هذا الأسبوع على إدانة ميخائيل خودوركوفسكي، قطب النفط السابق الذي خسر شركته وحريته بعد أن تحدى بوتين، إلى «عدة مليارات أخرى من الدولارات تهرب من روسيا»، بحسب ما يقوله جونتماخر. ويخضع مطار دوموديدوفو، وهو المطار الوحيد الخاص داخل موسكو، لضغوط مستمرة من جانب السلطات، ويقول جونتماخر إن ذلك يعد نموذجا واضحا جدا و«بشعا».