لماذا لا ندعم الطيران الخاص؟

سعود الأحمد*

TT

هناك من ينادي بفتح السوق السعودية لشركات الطيران الأجنبية.. من ذلك مقال للزميل الدكتور مقبل الذكير في جريدة «الاقتصادية» في 7/5/2011، تعرض فيه لبعض المصاعب التي تعاني منها الخطوط الجوية السعودية، وقناعته بعدم قدرتها على تلبية احتياج الطلب المحلي، إضافة إلى حاجة الحجاج والمعتمرين ورجال الأعمال والسياح من مختلف دول العالم.. وقدم فيه مقترحات، من بينها فتح السوق السعودية لشركات النقل الجوي الأجنبية.

ولعلي أتفق مع الدكتور مقبل في كل ما ذهب إليه، إلا في موضوع فتح المجال للطيران الأجنبي. وأعتقد أنه يمكن (عوضا عن ذلك) تبني توجه لتشجيع الخطوط الجوية المحلية التي حصلت على تراخيص سعودية، وبدأت بالفعل في العمل في السوق السعودية والدولية.. من منطلق أن دعم هذه الشركات الوطنية يحقق الكثير من المميزات للاقتصاد والمجتمع السعودي.

فهذه الشركات (أولا وأخيرا) عندما تحقق أرباحا أو نموا في رأسمالها، فإن ذلك يعني إضافة لبنات اقتصادية في قطاع حيوي، وهو النقل الجوي. إضافة إلى كونه دعامة جديدة لتنشيط الاقتصاد المحلي. لأن المنشآت الاقتصادية الأجنبية عندما تحقق أرباحا أو نموا في رأسمالها من مثل هذا النشاط، فهذا بالطبع يعود على الشركات الأم في الموطن الأصلي لها.

ومن باب آخر، فإنه من الطبيعي أن شركات النقل الأجنبية لن تدخل السوق السعودية، إلا بعد التحقق من الجدوى الاقتصادية لمثل هذا النشاط. ولذلك فإنه، ومن باب تشجيع الصناعات ورأس المال المحلي، فإن الجهات الرسمية معنية بمساعدة شركات الطيران المحلي للاستفادة من هذه الفرص. وأبواب الدعم والمساعدة كثيرة؛ حيث يمكن منح تسهيلات بقروض مصرفية طويلة الأجل تضمنها الدولة. ويمكن منح معونات مالية، على اعتبار أن مجال الطيران من الأنشطة غير المرغوب فيها على مستوى العالم.

والحكومة السعودية (بالمناسبة) تدفع إعانات مالية لبعض النشاطات التي كانت تحتاج لدعم، وبقيت تدعمها حتى مع تغير الجدوى الاقتصادية لها، مثل المدارس الأهلية. حيث تدفع الدولة مبلغ 500 ريال عن كل طالب بالمدارس الأهلية، ولديها تصنيفات وتفاصيل يستفيد منها متخصصون في اقتناص هذه الفرص.. والمعونات مستمرة سنويا. وقبل ذلك لعلنا نتذكر أن شركة «سابتكو» عندما أنشئت قبل قرابة ثلاثين عاما، كانت تحصل على معونة بمقدار 15 في المائة من القيمة الاسمية كربح مضمون للمساهمين فيها، تشجيعا لها، حتى نمت الشركة وحققت أرباحا منافسة لبقية الشركات المساهمة.

كما يمكن لدعم هذا النشاط، تحرير أسعار التذاكر محليا.. لتترك الفرصة والاختيار للراكب الداخلي؛ لأنه من غير المعقول أن يُفرض على شركات الطيران الحديثة الإنشاء أسعار غير مجدية اقتصاديا، ويترك الطلب المحلي والدولي على خدمات الطيران يفوق الخدمات المقدمة كما كيفا، دون حلول أو خيارات بديلة! وما المبرر لأن تكون أسعار تذاكر الرحلات الجوية من الرياض إلى أبها والقريات، لو تم حسابها بتكلفة إجمالية نجدها أقل من تكلفة السفر بالنقل البري باستخدام الحافلات أو سيارات الأجرة! وتكون الرحلة من الرياض إلى جدة أرخص من الرحلة من الرياض إلى المنامة.. مع أن المسافة أقل من النصف؟! ولا ننسى أن هذا الدعم سيسهم في تخفيف الضغط على الخطوط السعودية. ويسهم في دعم الاقتصاد، وبالأخص في مجال السياحة الوطنية، بتوفير بدائل نقل جوي بين المدن السعودية، ومن وإلى مدن المملكة. وأرجو أن لا يقترح البعض أن نبدأ بطيران الدول الخليجية، من منطلق الحاجة للتكامل الاقتصادي بين دول المجلس.. لأن التكامل هنا لن يكون فيه عدالة. بحكم تباعد مدن السعودية عن بعضها، مقارنة ببقية دول المجلس، وهو ما يعطي ميزة للسوق السعودية لا تتوفر بالدول الخليجية الأخرى.

* محلل مالي