هل تؤثر معدلات البطالة على فوز أوباما بولاية ثانية؟

الإدارة الأميركية تركز على ضرائب المؤسسات وزيادة الصادرات لإيجاد فرص عمل جديدة

هل يتخطى الرئيس أوباما عقبة البطالة في الانتخابات المقبلة؟
TT

لم يفز رئيس أميركي منذ فرانكلين ديلانو روزفلت بولاية ثانية عندما كانت معدلات البطالة في يوم الانتخاب تبلغ 7.2 في المائة. وقبل 17 شهرا من موعد الانتخابات المقبلة، يتضح بصورة متزايدة أن الرئيس أوباما يجب عليه تحدي هذا الاتجاه من أجل البقاء في منصبه.

ولا يجد قرابة 9 في المائة من الأميركيين الذين يرغبون في الذهاب إلى العمل مكانا يعملون فيه. وتقوم الشركات بتسريح أعداد أقل، لكن لا تزال عملية استعمال موظفين جدد ضعيفة. وعلاوة على ذلك فإن الأغلبية الواسعة من التوقعات الاقتصادية، بما في ذلك توقعات مستشارين للرئيس نفسه، لا تشير إلا إلى تقدم متواضع بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. ومن المتوقع أن تقدم آخر إحصاءات حول سوق العمل، والمقرر الكشف عنها يوم الجمعة، سببا جديدا للشعور بالقلق. وتشير مؤشرات أخرى إلى أن وتيرة النمو في تراجع. وقد دفعت بيانات التصنيع الضعيفة والقراءة الكئيبة لمعدلات التوظيف قبل تقرير يوم الجمعة والتراجع في مبيعات السيارات، الأسواق إلى أسوأ إغلاق لها منذ أغسطس (آب) الماضي، وتحركت هذه الانخفاضات إلى آسيا يوم الخميس.

لكن لا يجذب الواقع الكئيب لمعدلات البطالة المنتشرة استجابة كبيرة من جانب واشنطن. ويشير الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي) إلى أنه تعب. ولا توجد أسباب كافية لتوقع إجراء من جانب الكونغرس. ويرى الديمقراطيون والجمهوريون خطوات واضحة تساعد على خلق وظائف، لكنهم يحاولون التحرك في اتجاهات متضادة ولا يحققون تقدما يذكر. وحدد الجمهوريون بنود النقاش من خلال الضغط لخصومات كبيرة في النفقات الفيدرالية، ويقولون إن ذلك سيشجع الاستثمار الخاص. ووجد الديمقراطيون أنفسهم يكافحون من أجل تقليل أو إرجاء هذه النفقات، ويخشون من أن يتسبب ذلك في خسارة وظائف جديدة.

وقال جمهوريون بمجلس النواب للرئيس الأميركي إنهم لن يدعموا نفقات جديدة من أجل تنشيط النمو، وذلك خلال اجتماع داخل البيت الأبيض اليوم الأربعاء. وقال إريك كانتور، زعيم الأغلبية «في الواقع ركز النقاش على الاختلافات الفلسفية بشأن ما إذا كان يتعين على واشنطن الاستمرار في ضخ أموال في الاقتصاد أم يجب علينا تقديم حافز لرجال الأعمال والشركات الصغيرة كي تنمو». وأضاف قائلا «تحدث الرئيس عن حاجة لاستمرار الاستثمار بناء على وجهة نظر واشنطن، وبالنسبة للكثير منا فإن ذلك يعني المزيد من النفقات من جانب واشنطن، وهو ما لا يمكننا تحمله في الوقت الحالي».

ولم يعرض البيت الأبيض أي خطط موسعة جديدة، وبعد الموافقة على مد الخصومات الضريبية التي تعود إلى حقبة بوش وتقليل ضريبة الرواتب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تركز الإدارة على أفكار أصغر، مثل تسهيل ضرائب المؤسسات وزيادة الصادرات الأميركية لآسيا وأميركا اللاتينية.

ويقول غاريد بيرنشتاين، الذي كان مستشار السياسات الاقتصادية لنائب الرئيس جوزيف بايدن حتى أبريل (نيسان) «إنه مأزق صعب للغاية. هل هناك شهية سياسية لشيء ينظم حزمة تحفيز كبرى كينزية؟ من الواضح أن الإجابة بالنفي. يمكن أن تقول إن هذا ما يجب علينا القيام به، وربما تكون على صواب، لكنه أكاديمي نوعا ما».

وكان أكثر من 13.7 مليون أميركي غير قادرين على العثور على عمل في أبريل، وظل المعظم يبحث عن عمل لأشهر عدة. وتوقف الملايين عن البحث عن العمل. ويمثل العجز عن الحصول على مصدر رزق كارثة شخصية، وتظهر دراسات أن فرص العثور على عمل جديد تتراجع مع مرور الوقت. كما يمثل ذلك أيضا عنصر ضغط على عائلاتهم والمؤسسات الخيرية وبرامج الدعم العامة. ولدى الاحتياطي الفيدرالي الوسائل والتفويض ليقلل معدلات البطالة من خلال ضخ أموال في الاقتصاد.

ومع تعرض الأسواق المالية لشبه انهيار في عام 2008، أطلق الاحتياطي الفيدرالي سلسلة من البرامج غير المسبوقة، وكان يهدف من ذلك أولا إلى وقف الأزمة، ثم بعد ذلك تعزيز تعاف اقتصادي، واستثمر خلال ذلك أكثر من تريليوني دولار. وينتهي القسط الأخير، وهو برنامج شراء سندات تكلفته 600 مليار دولار، في يونيو (حزيران).

لكن يقول حاليا قادة المصرف المركزي إنهم مترددون في اتخاذ خطوات إضافية. وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي، في أبريل، إن المزيد من الأموال قد لا تؤدي إلى زيادة النمو، لكن هناك مخاطرة متزايدة تشير إلى احتمالية زيادتها لمعدلات التضخم. لقد كلف الكونغرس مجلس الاحتياط الفيدرالي في عام 1978 بتقليل معدلات البطالة ومعدلات التضخم. لكن غالبا ما تكون هذه الأهداف في حالة تنازع، وقد أوضح «الاحتياط الفيدرالي» أن معدلات التضخم تمثل أولوية بالنسبة له. ويقول مسؤولون بـ«الاحتياط الفيدرالي» إن المحافظة على معدلات تضخم بطيئة تمثل أساسا لتوسع اقتصادي مستمر.

وقال إريك روزنغرين، رئيس «الاحتياط الفيدرالي» داخل بوسطن، خلال مقابلة أجريت معه مؤخرا، إن الاحتياطي الفيدرالي وصل إلى أقصى حد للسياسة المسؤولة. وقال روزنغرين «لقد قمنا بأشياء غير معتادة نوعا ما، ونستخدم وسائل لدينا خبرة قليلة معها. وتركز معظم النقد حول أننا مجاملون بصورة مبالغ فيها. وهذا مبعث قلق يجب أن نركز عليه».

وقالت هيثر بوشي، الاقتصادية البارزة في «مركز التقدم الأميركي» وهو مؤسسة بحثية ليبرالية، إن الاحتياطي الفيدرالي حذر بصورة مبالغ فيها بشأن معدلات التضخم، وقاسية في ما يتعلق بمعدلات البطالة. وأضافت «لدينا مشكلة بطالة كبيرة داخل هذه البلاد في الوقت الحالي، وتتفاقم هذه المشكلة. ولا يعد ذلك وضعا جيدا لاقتصادنا، وليس جيدا لمجتمعنا. ولدينا وسائل كي نصلح ذلك». وقالت «نحتاج بالتأكيد إلى أن نشعر بالقلق بشأن ما سيحدث، لكن ألا يجب أن نهتم بإعادة الاقتصاد الأميركي إلى طريقه؟».

لقد سعى عشرة رؤساء للفوز بولاية ثانية منذ روزفلت، وفي أربع حالات كانت معدلات البطالة أعلى من 6 في المائة يوم الانتخاب. وخسر ثلاثة رؤساء، وهم جيرالد فورد وجيمي كارتر وجورج إتش دبليو بوش. لكن فاز رونالد ريغان على الرغم من بلوغ معدلات البطالة 7.2 في المائة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1984، لأن المعدلات كانت تتراجع، ورأى الناخبون أنه يعالج المشكلة. وتأمل إدارة أوباما في أن تمضي على النسق نفسه.

* خدمة «نيويورك تايمز»

* أسهم في التقرير جاكي كالمز