مصر: فرض ضرائب على الأرباح يثير مخاوف المستثمرين.. والأسهم تهبط 2.6%

رئيس البورصة: الإجراء يعد ازدواجا ضريبيا وسيؤثر على سوق الأسهم

محمد عبد السلام رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، خلال مؤتمر صحافي عقد أمس («الشرق الاوسط»)
TT

تراجعت البورصة المصرية، أمس، إلى أدنى مستوى لها منذ سبع جلسات، تأثرا بإعلان وزير المالية، أول من أمس، عن فرض ضريبة بنسبة 10 في المائة على الأرباح الرأسمالية على توزيعات شركات الأموال والأشخاص والدمج والاستحواذ وإعادة تقييم الأصول، وذلك أثناء مناقشته لبنود الموازنة العامة للبلاد، خلال العام المالي الجديد، الذي سيبدأ مطلع الشهر المقبل، الأمر الذي أربك تعاملات المستثمرين في البورصة، وأدى إلى تراجع مؤشرها الرئيسي «جي إكس 30» بنسبة 2.65 في المائة ليغلق عند 5361.88 نقطة، وانخفضت أسهم 151 شركة مقابل ارتفاع أسهم 25 شركة فقط، وسط اتجاه بيعي من قبل المؤسسات الأجنبية، مقابل اتجاه شرائي من قبل المتعاملين الأفراد الذين استحوذوا على 85 في المائة من إجمالي تعاملات السوق.

وقال مصدر مسؤول بوزارة المالية لـ«الشرق الأوسط» إن الضرائب على الأرباح الرأسمالية لا تتضمن هامش الربح من عمليات المتاجرة الناتجة من بيع وشراء الأسهم، وإنما تفرض الضريبة فقط على توزيعات أرباح الشركات المقيدة؛ سواء نقدية أو عينية، التي تكون في صورة أسهم مجانية.

وقال محمد عبد السلام، رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، خلال مؤتمر صحافي عقد أمس، إن وزارة المالية لم تتشاور مع البورصة قبل فرض تلك الضريبة، فتطبيقها يعني أن الشركات ستقوم بدفع الضرائب مرتين، وهو ما يعد «ازدواجا ضريبيا»، الأمر الذي سيؤثر سلبا على السوق، لا سيما في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البورصة المصرية من انخفاض نسبي لمستويات السيولة في أعقاب الثورة.

وتابع: «نحن الآن بصدد إعداد مذكرة لإبداء الرأي في القرارات الأخيرة بالتنسيق مع هيئة الرقابة المالية، فلا يزال هذا القرار مشروع قانون ستتم مناقشته مع جمعيات رجال الأعمال في مصر، لبحث أفضل السبل لتطبيقه بشكل لا يؤثر على حركة الاستثمار الأجنبي في البلاد».

وتخوف متعاملون في البورصة المصرية من تأثير هذا القرار على الاستثمار في البورصة، وقال محمد عزب، سمسار في البورصة: «في الوقت الذي كنا ننتظر فيه قرارات تشجيعية لجذب مستثمرين جدد إلى سوق المال المصرية، تأتي قرارات جديدة لتحد من جاذبيته، وسيمتد تأثير هذا القرار على عدد الشركات المدرجة في البورصة، وسيؤثر سلبيا على توجه الشركات الكبرى الراغبة في إدراج أسهمها في البورصة، فالشركات غير المقيدة بالبورصة ستدفع الضريبة على الأرباح مرة واحدة فقط، أما نظيرتها المقيدة في البورصة فستقوم بدفع الضرائب مرتين».

أما محسن عادل، العضو المنتدب بشركة «بايونير» لإدارة صناديق الاستثمار، فيرى أن التأثير المالي للقرار ليس قويا كما حاول البعض تصويره، وقال: «بمراجعة توزيعات أرباح آخر 3 سنوات، فإن متوسط الأثر على توزيعات الأرباح السنوية (نقدي + مجاني) سيتراوح ما بين مليار جنيه و1.5 مليار جنيه فقط».

وتابع: «هذه الضريبة مطبقة في أغلب أسواق العالم، والتأثير على تعاملات المؤسسات الأجنبية لن يكون كبيرا، ولكن هذا لم يمنع من إمكانية أن تقوم تلك المؤسسات بإعادة النظر في حجم استثماراتها في سوق غير معفية بصورة كاملة ضريبيا، لكنني أتصور أن هذا لن يكون مؤثرا، وسيكون وقتيا فقط».

إلا أن المشكلة الرئيسية من وجهة نظر عادل هي التأثير النفسي للقرار على المتعاملين الأفراد، خاصة المصريين، خاصة أن القيود الضريبية عادة لا تتماشي مع مبدأ حرية الاستثمار في أسواق المال.

وبحسب تقديرات محسن عادل، فإن السوق ستتمكن من استيعاب متغيرات السياسة الضريبية الجديدة، خاصة أن الفترة حتى مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل ليست فترة توزيعات، وستقتصر على عدد ضئيل جدا من التوزيعات النقدية والعينية الصادر بشأنها قرارات سابقة، أما الجانب السلبي في هذا القرار، فسيتمثل في اتجاه الشركات إلى تقلص حجم التوزيعات، مما يؤدي إلى إضعاف جاذبية الاستثمار للشركات التي تقوم بإجراء توزيعات أرباح، وهو اتجاه سيحد من مورد مهم لضخ السيولة داخل السوق خلال الفترة المقبلة، وسيؤدي إلى نماذج من التحايل على القانون.

وتابع: «هذا القرار له آثار محاسبية وضريبية دقيقه، فالضريبة ستفرض على الأرباح التي يتم توزيعها عينا علي شكل أسهم أو سندات أو حصص تأسيس، وهو أمر يثير التساؤل، خاصة أن الضريبة هنا ستكون مفروضة على زيادة رأس المال، وهذا لا يتماشى مع النظم المحاسبية والضريبية الحالية، لأنه سيتسبب في ازدواج ضريبي جديد بفرض ضريبة على مصدر تمويل زيادة رأس المال، وعلى ناتج تشغيل رأس المال (صافي الأرباح السنوية للشركة)، ثم على توزيعات الأرباح، لهذا فهناك ضرورة لإعادة النظر في هذا القرار، خاصة فيما يتعلق بالتوزيعات العينية للأسهم.

وفيما يتعلق بقيمة الحصيلة المتوقعة للدولة من هذا القرار، فيرى العضو المنتدب بشركة «بايونير» لإدارة صناديق الاستثمار أن هذا القرار لا يتماشى مع حجم خسائر الاستثمار التي قد تترتب على تأثيراته، خصوصا أن الفترة الحالية تستلزم زيادة حوافز الاستثمار لرفع المعدلات التشغيلية في قطاعات اقتصاد الدولة، وليس فرض قيود جديدة على الاستثمار.

إلا أن تخوفات المتعاملين في البورصة بدأت تتزايد مع فرض تلك الضرائب، فخلال الفترة الماضية ظهرت شائعات عن اتجاه حكومي لفرض ضرائب على أرباح رأسمالية على عمليات المضاربة والمتاجرة في البورصة، واستبعدت الحكومة وقتها الاتجاه إلى اتخاذ هذا الإجراء، إلا أن فرض تلك الضريبة بدأ يثير شكوك المتعاملين حول إمكانية اتجاه الحكومة إلى فرض مزيد من الضرائب على تعاملات البورصة خلال الفترة المقبلة.