النمسا تحذر: الأصوات القلقة على مستقبل اليورو أقوى من المدافعين عنه

رئيس «المركزي الإيطالي» يطالب بتخفيض أكبر للإنفاق

TT

وافقت المفوضية الأوروبية ببروكسل، على تمديد فترة خطط الضمانات لمؤسسات الائتمان في آيرلندا وإسبانيا لمدة ستة أشهر حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2011، وذلك وفقا لقواعد الاتحاد الأوروبي التي تتعلق بمساعدات الدول الأعضاء للمؤسسات المالية. وقال بيان للجهاز التنفيذي الأوروبي، إن التمديد يأتي تمشيا مع التدابير التي تتخذ لدعم البنوك والمؤسسات المالية أثناء فترة الأزمات المالية، وهي خطط تمثل وسائل مناسبة لمعالجة اضطرابات في الاقتصاد الآيرلندي والإسباني، وفي العام الماضي أعطى الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لإسبانيا والبرتغال لتمديد إجراءات الدعم الحكومي للبنوك في البلدين حتى نهاية 2010 في تحرك لمساعدة المؤسسات المالية على مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية. وقالت المفوضية الأوروبية وقتها إن برنامج الضمانات البرتغالي الذي تم تمديده، والذي يشترط أن تدفع البنوك علاوات سعرية أعلى مقابل الضمانات الممنوحة من الدولة يتماشى مع لوائح الاتحاد الأوروبي. ومددت المفوضية أيضا العام الماضي برنامج إعادة الرسملة الإسباني للمرة الثانية حتى نهاية السنة. وفي العام نفسه حصلت كل من السويد وألمانيا والنمسا ولاتفيا وآيرلندا والدنمارك وهولندا وبولندا وسلوفينيا واليونان بالفعل على موافقة الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بإجراءات مساعدة البنوك. وفي الصدد نفسه اعترفت النمسا، إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو التي تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة، بأن الأصوات التي تشعر بالمخاوف حول مستقبل اليورو توسعت وأصبحت أقوى من الأصوات التي تدافع عن اليورو، ويأتي ذلك فيما طالب رئيس البنك المركزي الإيطالي بضرورة أن تعمل حكومة بلاده على تخفيض الإنفاق لدعم نمو الاقتصاد الإيطالي، بينما استمر التحسن في الاقتصاد الألماني من خلال الأرقام التي أشارت إلى تراجع معدلات البطالة في البلاد. وأظهرت البيانات الأوروبية، تراجع وتيرة نمو القطاع الصناعي في المنطقة الأوروبية خلال الشهر السابق، وهو الأمر الذي يزيد المخاوف بشأن مستويات النمو ليضاف ذلك إلى المخاوف المتعلقة بأزمة الديون السيادية التي تحيط بالمنطقة. والقراءة النهائية لمؤشر مديري المشتريات الصناعي عن منطقة اليورو انخفض في مايو (أيار) ليصل إلى 54.6 من 54.8 للقراءة السابقة والتي كانت متوافقة مع التوقعات، وفي الوقت نفسه تراجع أداء القطاع الصناعي في ألمانيا - أكبر اقتصاديات منطقة اليورو - ليصل إلى 57.7 من 58.4 للقراءة السابقة. وتراجعت وتيرة نمو القطاع الصناعي على الرغم من انخفاض قيمة اليورو أمام الدولار الأميركي خلال شهر مايو هذا في الوقت الذي يدعم فيه الصادرات والتي تسهم في دعم مستويات النمو بالمنطقة. وحققت منطقة اليورو نموا بنسبة 0.8 في المائة في الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالربع الأخير من عام 2010، والذي سجلت فيه نموا بنسبة 0.3 في المائة. حتى على المستوى السنوي سجلت اتساعا للنمو بنسبة 2.5 في المائة من 2 في المائة للقراءة السابقة. بينما في ألمانيا التي تعد الداعم الرئيسي للنمو في المنطقة حققت نموا بنسبة 1.5 في المائة في الربع الأول ومرتفعا عن الربع الأخير من العام السابق لنسبة 0.4 في المائة.

بالتزامن مع صدور هذه البيانات قال الرئيس النمساوي هاينز فيشر إن الاتحاد الأوروبي يمر حاليا بوضع صعب، بسبب اختلافات وجهات النظر من القضايا السياسية والاقتصادية المتعددة، داعيا إلى بذل جهود كبيرة لمواجهة التحديات التي تعترضه. ونقلت وكالة الصحافة النمساوية عن الرئيس فيشر قوله إن أعضاء الحكومة النمساوية على وعي تام بأهمية التعاون داخل الاتحاد الأوروبي، واصفا التكهنات التي تحدثت عن احتمال مغادرة النمسا لمنطقة اليورو بأنها «غريبة».

غير أنه أضاف في الوقت ذاته وبلهجة انتقاديه «أن الأصوات التي تشعر بالمخاوف حول مستقبل اليورو توسعت وباتت تبدو كأنها أقوى من الأصوات التي تدافع عن اليورو وتبرز أهمية وقيمة العملة الأوروبية». ورأى الرئيس النمساوي أنه ما دامت مخاوف الناس في تصاعد فإن ذلك يعني أننا لم نفعل الكثير لمد المواطنين بالمعلومات المتعلقة باليورو. وقال إن الأمر لا يتعلق بنقص المعلومات فحسب وإنما أيضا بالسياسة ذاتها المتبعة في هذا المجال التي تفتقر إلى الوضوح، خاصة في هذا الظرف الذي نشهد فيه تنامي الشعور القومي المتطرف وما ينتج عنه من نزاعات قومية متطرفة ما يدل على أننا لم نقم بما فيه الكفاية لتوضيح أهمية التعاون على النطاقين الأوروبي والعالمي. وأكد فيشر (72 عاما) أنه شخصيا على قناعة تامة بضرورة الاندماج الأوروبي وأنه يأمل أن يعيش أحفاده مع جميع الأوروبيين تحت سقف أوروبي صلب، مشددا على ضرورة العمل بكل جد لتحقيق هذا الهدف المنشود. واستعرض فيشر في ختام تصريحه الكثير من المشكلات التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن، ومن بينها على سبيل المثال المشكلات الاقتصادية التي تجلت مؤخرا في المواقف المختلفة من المساعدات التي قرر الاتحاد تقديمها إلى كل من اليونان والبرتغال وكيفية التعامل مع كوسوفو والموقف من الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا علاوة على الخلافات التي ستطفو على السطح أيضا حول موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفي برلين تقول الأرقام إن الاقتصاد الألماني في تحسن مستمر. إذ أظهرت البيانات التي أصدرتها وزارة العمل أن البطالة تهاوت في مايو الحالي للمرة الرابعة على التوالي، ما يجعل نسبة البطالة تتراجع إلى أدنى مستوى لها منذ توحيد شطري البلاد قبل نحو عشرين عاما. بيانات وزارة العمل أظهرت أن نسبة البطالة انخفضت إلى سبع نقاط مئوية، أي بثلاثة أعشار نقطة قياسا بأبريل (نيسان) الماضي. قالت وزيرة العمل الألمانية أورسولا فون دير لاين: «سوق العمل الألمانية في وضع جيد جدا. نحن الآن بحاجة لتعزيز هذا الوضع والتحضير للمستقبل. لكن في الجهة المقابلة، هناك مليون وظيفة من الوظائف ذات الاختصاصات العالية الشاغرة التي تعاني الشركات لملئها. هذا أمر مثير للقلق». يشار إلى أن ألمانيا وفرنسا تقودان نمو اقتصاد منطقة اليورو رغم ضعف اقتصادات بلدان الأطراف التي لجأ بعضها إلى طلب مساعدة دولية لتجاوز أزمة الديون. وفي روما قال مسؤول مالي إيطالي إنه يجب على الحكومة الإيطالية تخفيض إنفاقها لدعم نمو اقتصاد البلاد. هذه النصيحة أسداها محافظ بنك إيطاليا ماريو دراغي في آخر خطاب له عن حالة الاقتصاد الإيطالي قبل تعيينه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل رئيسا للبنك المركزي الأوروبي. قال ماريو دراغي: «لإخراج البلاد سريعا من الأزمة علينا أولا أن نحقق التوازن في الموازنة وهذا أمر ضروري لتحفيز النمو الاقتصادي. علينا أن نسرع بإعادة تنظيم الإنفاق الحكومي. ونحتاج إلى تقليص الضرائب التي تضغط على أجور الموظفين وعلى استثمارات رجال الأعمال». ويتوقع نمو الاقتصاد الإيطالي هذه السنة بنقطة مئوية، وأن يبلغ عجز الموازنة أربع نقاط ونصف نقطة مئوية، وأن ترتفع الديون إلى نسبة مائة وعشرين في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وبعد مروره بكساد عميق، يواصل الاقتصاد الإيطالي مسيرة التعافي ولكن ببطء شديد. إيطاليا تعتمد على الصادرات لتحفيز النمو الاقتصادي لكن الخبراء يرون أن هذا لا يكفي لتعويض الضعف الشديد في الطلب بالسوق الداخلية.