«غروبون» تدرس اكتتابا عاما أوليا وتتوقع أن تبلغ قيمتها 30 مليار دولار

وسط مخاوف من فقاعة جديدة في أسهم شركات الإنترنت

شعار «غروبون» على موقعها على الإنترنت (أ.ف.ب)
TT

تقدم موقع «غروبون» الاجتماعي للتسوق، أول من أمس، بطلب لطرح اكتتاب عام، في بداية يترقبها الكثيرون بشغف قد تجمع 3 مليارات دولار، طبقا لما ذكره مصدران مقربان من الشركة رفضا الإفصاح عن هويتهما لأنه غير مخول لهما الحديث علانية. عند ذلك المستوى، ستبلغ قيمة الشركة قرابة 30 مليار دولار، لتتجاوز بذلك قيمة «غوغل» عند طرح اكتتابها الأولي العام.

ومن المتوقع أن تتقدم «فيس بوك» التي جمعت مؤخرا 1.5 مليار دولار في حملة تمويل قادها مصرف «غولدمان ساكس»، بطلب مشابه بحلول العام المقبل. وتصل قيمة الشركة العملاقة 80 مليار دولار.

من ناحية أخرى، تحركت «باندورا»، شركة الخدمات الموسيقية العملاقة عبر شبكة الإنترنت، خطوة جديدة نحو الأسواق العامة بتحديدها موعدا لاكتتابها العام الأولي. ويتراوح سعر السهم بين 7 و9 دولارات، طبقا لآخر عرض تقدمت به. وتنوي «باندورا» جمع ما يصل إلى 141.6 مليون دولار خلال الاكتتاب، بمستوى تقييم يبلغ 1.4 مليار دولار.

من جهته، علق بينغ غوردون، المستثمر ومدير شركة «زينغا» بقوله: «أعتقد أن الأمر برمته يتعلق بطلب مكبوت. غالبا ما يثبت صحة تنبؤات الأسواق، وأعتقد أن المواقع الإلكترونية الاجتماعية بدأت لتوها في تحقيق نجاح».

يذكر أن الموجة الأولى من أسهم الشركات التقنية أشعلت بالفعل موجة من النشاط المحموم، مما أثار المخاوف من إمكانية تحول هذا الازدهار إلى مجرد فقاعة. وقد ارتفع سعر سهم «لينكدين»، وهي شركة ناضلت للحفاظ على ربحيتها، لأكثر من الضعف في اليوم الأول للتداول فيه في مايو (أيار). وبلغ سعر إغلاقه، الخميس، 78.63 دولار، مما يعني أن التداول فيه كان لا يزال أعلى بنسبة تقارب 75% عن سعر اكتتابه الأصلي.

ودفعت البداية المذهلة لـ«لينكدين» مصرفيو «سيليكون فالي» و«وول ستريت» لمراجعة توقعاتهم بخصوص الاكتتابات الأولية للأسهم التكنولوجية لرفعها. طبقا لما ذكره مصدر مقرب من «غروبون»، فإن الشركة ومصرفييها ناضلوا لتحديد القيمة النهائية للاكتتاب العام الأولي. وحذر المصدر من أن القيمة قد ترتفع أو تنخفض تبعا لظروف السوق.

من جهتها، أعربت سوشاريتا مولبورو، المحللة المعنية بشؤون تجارة التجزئة لدى «فروستر ريسرتش»، عن اعتقادها بأنه: «أحث أي مستثمر على التركيز على العناصر الجوهرية. قطعا من الممكن أن تتحول (غروبون) إلى (أمازون) جديدة، لكن كمستثمرين، هل لدينا الصبر لانتظار ذلك؟» المعروف أن «غروبون» تتخذ من شيكاغو مقرا لها، وحققت نجاحا ساحقا خلال حياتها القصيرة.

في أعقاب تأسيسها بفترة قصيرة، حققت «غروبون» عائدات بلغت 94 مليون دولار عام 2008. وبعد عامين، تضاعف المبلغ إلى 713 مليون دولار. وخلال الربع الأول من عام 2011 فقط، أعلنت الشركة ـ التي توظف حاليا أكثر من 7000 موظف ولديها 83 مليون مشترك في 43 دولة ـ حينها عائدات تقدر بـ644.7 مليون دولار.

ومع تنامي احتمالات نجاحها المستقبلية، تزايد اهتمام المستثمرين بها. عام 2010، قدرت قيمة الشركة بقرابة 1.4 مليار دولار، بناء على جولة جمع تمويل بقيادة شركة «دي إس تي غلوبال» الروسية. ورفضت «غروبون» بازدراء عرضا للاستحواذ عليها مقابل 6 مليارات دولار مقدم من «غوغل» في ديسمبر (كانون الأول)، مفضلة بدلا من ذلك جمع قرابة مليار دولار من «فيديليتي إنفستمنتس» و«تي راو برايس» ومستثمرين آخرين.

بقيمة سوقية بلغت 30 مليار دولار، ستتجاوز «غروبون» شركة «غوغل» عند بداية طرحها في السوق. يذكر أن «غوغل» جمعت 1.67 مليار دولار في أغسطس (آب) 2004، مما وضع قيمتها عند 27 مليار دولار. خلال عرضها، قدرت «غروبون» قيمة عرضها للاكتتاب العام الأولي بـ750 مليون دولار، وهي قيمة اسمية لتقدير رسوم التسجيل.

في خطاب موجه إلى حاملي الأسهم المحتملين، سلط الرئيس التنفيذي لـ«غروبون»، أندرو دي ميسون، الضوء على فرص نمو الشركة، لكنه حذر المستثمرين بضرورة ألا يبالغوا في توقعاتهم.

وقال: «في الماضي، وجهنا استثمارات لمجال النمو أدت لتحويل ربح ربع سنوي متوقع إلى خسارة كبيرة. وإذا ما عاينا فرص للاستثمار في النمو طويل الأمد، عليكم أن تتوقعوا أننا سنسعى خلفها بغض النظر عن التداعيات قصيرة الأجل».

ومثلما الحال مع الكثير من الشركات التي لا تزال في بدايتها، لا تزال «غروبون» تكافح لتحقيق أرباح. العام الماضي، بلغت خسائر الشركة 450 مليون دولار، مقارنة بـ6.9 مليون دولار عام 2009، و2.2 مليون دولار عام 2008. وتكمن النفقات الأكبر للشركة بمجال التسويق، حيث أنفقت على الإعلانات ورسائل البريد الإلكتروني الموجهة للمشتركين 263.2 مليون دولار عام 2010، مقارنة بـ4.5 مليون دولار فقط العام السابق.

وأعلنت الشركة في طلبها طرح الاكتتاب العام الأولي أنه: «لسنا على ثقة من أننا سنتمكن من تحقيق أو زيادة الربحية على نحو ربع سنوي أو سنوي».

مع اتسامها بإحصاءات مالية غير مثالية طبقا للمبادئ المحاسبية المتفق عليها، تعلن «غروبون» عن نظام تقييم يستثني تكاليف التسويق والحيازة. وعلى هذا الأساس، أعلنت عن إيرادات تشغيل بلغت 60.6 مليون دولار العام الماضي، و81.6 مليون دولار خلال الربع الأول من هذا العام.

ويرى البعض في هذا الاستخدام لمقاييس غير معيارية عودة إلى فترة ازدهار شركات التكنولوجيا في أواخر تسعينات القرن الماضي، عندما جرى الترويج لأساليب تقدير غير اعتيادية بدلا من أخرى مثل صافي الإيراد. وغالبا ما جرى استغلال مثل هذه الأرقام المتخصصة في طرح صورة أكثر وردية عن إحصاءات الشركة المالية، وذلك على نحو يخفي حقيقة ربحيتها.

في المقابل، ترى «غروبون» أن ميزانيتها التسويقية الهائلة ضرورية الآن، وأنها ستتضاءل بمرور الوقت. ونظرا لانحصارها داخل تنافس على المشتركين بمختلف أرجاء العالم، تبدي الشركة استعدادها لتوجيه أموال طائلة على المدى القصير لضمان الاستحواذ على نصيب مهيمن من السوق. وأشارت الشركة إلى أن تكاليف الاحتفاظ بالمشتركين ستتراجع بمرور الوقت. مثلا، أعلنت «غروبون» في طرحها أنها أنفقت 18 مليون دولار لإضافة نحو 3.7 مليون مشترك خلال الربع الثاني من العام الماضي. بحلول مارس (آذار)، حقق هؤلاء العملاء للشركة عائدات بقيمة 145.3 مليون دولار و61.7 مليون دولار كإجمالي أرباح.

ومن المعتقد أن مستثمري «غروبون» وقدامى موظفيها سيجنون كثيرا من المال من وراء الاكتتاب العام الأولي.

يملك أكبر صاحب أسهم بالشركة وأحد المشاركين في تأسيسها وهو عضو بمجلس إدارتها، إريك بي. لفكوفسكي، أسهما بقيمة 64.1 مليون دولار، أو ما يعادل نحو 21.6% من أسهم الفئة (أ) للشركة ـ وهي حصة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات. وتملك شركة «إكسيل بارتنرز» الاستثمارية، التي استثمرت في «غروبون» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، حصة تبلغ 5.6% من الشركة. ويسيطر ميسون، الذي جنى 184.599 دولار العام الماضي، على 7.7% من أسهم الفئة (أ) الخاصة بالشركة.

وبينما ستباع أسهم الفئة (أ) خلال الاكتتاب العام الأولي، سيتمسك ميسون ولفكوفسكي وبرادلي كيويل، وهو أحد المشاركين في تأسيس الشركة ومدير بها، بأسهم الفئة (ب) الخاصة بالشركة. ويسمح هذا الهيكل الثنائي للشركة، القائم بالفعل لدى «فيس بوك» و«غوغل»، للمؤسسين بإبقاء سيطرتهم الفعلية على شركاتهم مع عرضها في الوقت ذاته للتداول في الأسواق العامة. وأثار التسرع نحو طرح أسهم الشركة للتداول العام، وذلك بقيم أعلى على نحو متزايد، المخاوف من إمكانية ظهور فقاعة جديدة بالأسواق.

وقد استعانت «غروبون» بـ«مورغان ستانلي» و«غولدمان ساكس» و«كريديت سويس» كضامنين لعرضها.

* شارك بالتقرير كين ميلر وبين بروتيس

* خدمة «نيويورك تايمز»