البرتغال واليونان في مواجهة شروط الحصول على مساعدة مالية

خطط التقشف أسقطت الحكومة في لشبونة.. ومخاوف من مواجهة أثينا نفس المصير

نظم آلاف اليونانيين مظاهرة خلال عطلة نهاية الأسبوع اعتراضا على خطة مالية جديدة تعتزم الحكومة الكشف عنها (أ.ب)
TT

وجهت المؤسسات الاتحادية الأوروبية في بروكسل التهنئة للحزب الاشتراكي الديمقراطي (يمين وسط) بزعامة بيدرو باسوش كويلو، الفائز بالانتخابات التشريعية في البرتغال، متقدما على الحزب الاشتراكي الحاكم بقيادة رئيس الوزراء المستقيل جوزيه سوكراتش، وضمن اليمين بذلك الحصول على غالبية مطلقة في البرلمان.

وبهذا الفوز سيتولى الحزب الاشتراكي الديمقراطي تنفيذ برنامج المساعدة الدولية الذي يفترض أن يخرج البلاد من الأزمة الحالية التي تعاني منها بسبب العجز في الموازنة. وفي كلمة ألقاها باسوش كويلو عقب إعلان نتائج الانتخابات قال: «سنفعل كل ما بوسعنا لننال شرف تعاون دولتنا البرتغالية مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي من أجل الأخذ بيد البرتغال للنهوض، وهذا يعني أن نستعيد الثقة بالأسواق المحلية في البرتغال وهذا ضروري جدا لنستعيد الثقة في هذا البلد».

ويقصد من ذلك تنفيذ خطة إنقاذ صارمة بقيمة 78 مليار يورو (113 مليار دولار) تفاوضت من أجلها لشبونة مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، تفاديا لانهيار مالي. ومن المتوقع الآن أن يشكل زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي بيدرو باسوس كويلهو حكومة مع حزب الوسط الديمقراطي الاجتماعي وتنفيذ إجراءات التقشف التي تم الاتفاق عليها مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في إطار خطة الإنقاذ. وحسب العديد من المراقبين في بروكسل، أثبتت نتيجة الانتخابات أن كثيرين من البرتغاليين ينحون باللائمة على الاشتراكيين الذين يتولون السلطة منذ ست سنوات في الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البرتغال. وقال ميجيل ريلفاس، الأمين العام للحزب الديمقراطي الاجتماعي، إن البرتغاليين صوتوا لصالح التغيير ولصالح «الأمل في البرتغال»، أما رئيس الحكومة البرتغالية الاشتراكي جوزيه سوكراتش فقد اعترف بهزيمته في الانتخابات التشريعية المبكرة التي فاز فيها تحالف وسط اليمين وأعلن أنه استقال من منصبه كأمين عام للحزب الاشتراكي. وقال في كلمة ألقاها «هذه الهزيمة الانتخابية هي هزيمتي وأريد أن أتحملها كاملة هذا المساء». واعتبر أن الوقت قد حان لفتح مرحلة سياسية جديدة على رأس الحزب الاشتراكي، وكان سوكراتش قد واجه انتقادات متزايدة وموجة من الهجمات بسبب سياساته التقشفية التي ينظر إليها على أنها تهوي بأعداد متزايدة من الأشخاص إلى دائرة الفقر، غير أن الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي فرضا استقطاعات في الميزانية اعتبرت على نطاق واسع أنها أكثر صرامة. وفي الدولة الأخرى التي تعاني من نفس الأزمة، وهي أزمة العجز في الموازنة، نظم آلاف اليونانيين مظاهرة حاشدة وسط أثينا خلال عطلة نهاية الأسبوع، للتنديد بالساسة في أحدث موجة من الاحتجاجات التي تجتاح اليونان اعتراضا على خطة مالية جديدة تعتزم الحكومة الكشف عنها وتقتضي المزيد من الإجراءات التقشفية في محاولة لتأمين الإفراج عن دفعة جديدة من قروض الإنقاذ الدولية. المحتجون الذي رفعوا لافتات تصف الساسة باللصوص نددوا بخطة الحكومة للإصلاح الاقتصادي. ويعد هذا الاحتجاج الأكبر خلال اثنتي عشرة ليلة من المظاهرات المستمرة التي يشهدها هذا البلد، حيث توافد المتظاهرون من مختلف مناطق البلاد بعد دعوة وجهت عبر موقع «فيس بوك» لتحويل المظاهرة إلى احتجاج وطني ضد سياسات الحكومة، ونزلت النقابات العمالية اليونانية إلى الشوارع مجددا احتجاجا على الإجراءات التقشفية الجديدة، واعتبر المتظاهرون الإجراءات الحكومية هجوما بربريا على حقوق العمال. «هذا الهجوم لن يمر مرور الكرام، العمال سينزلون إلى الشوارع يوميا، وسيتجمعون في الميادين، كل المجتمع ضد هذا الهجوم» يقول غريغوري كلوميرس أحد القيادات العمالية، وقد طالب المحتجون الحكومة أيضا، بضرورة انتهاج سياسات اقتصادية مختلفة، تحافظ على الوظائف والحقوق الاجتماعية لليونانيين.

وتأتي الاحتجاجات بعد تأكيد صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي على التزام الحكومة اليونانية بشروط حزمة الإنقاذ المتمثلة في خفض عجز الميزانية على المدى المتوسط.

وتأتي أيضا بعد أن دعا الاتحاد الأوروبي اليونان إلى تكثيف برنامج الخصخصة والإصلاحات الهيكلية للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تواجهها. وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين في بيان، إن «التزام الحكومة اليونانية بتسريع خطة الخصخصة بصورة كبيرة وهو حجر زاوية في برنامج التعافي يكتسب أهمية بشكل خاص». وتأتي تصريحات المفوض الأوروبي عقب اختتام محادثات في أثينا بين الحكومة اليونانية والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي بشأن الوضع الاقتصادي في اليونان. وقال رين إن «التنفيذ الفعال والسلس للإصلاحات الهيكلية لا يزال أساسيا لا سيما في قطاع الرعاية الصحية وسوق العمل وكذلك في قطاعي النقل والطاقة». وأكد أن تنفيذ الخطوات الحاسمة التي تتخذها السلطات اليونانية سيمهد الطريق أمام مجموعة اليورو للنظر في مزيد من التدابير لضمان اتباع أثينا سياسات اقتصادية مماثلة. وتابع «مرة أخرى أدعو جميع القوى السياسية في اليونان إلى تنحية خلافاتها الداخلية ودعم الأهداف والسياسات الرئيسية للبرنامج من أجل تعافي البلاد وتحقيق النمو وتوفير الوظائف».