دراسة اقتصادية: شبح الانضباط يهيمن على أثرياء العالم

السعوديون يفضلون استثمار ثرواتهم في الأصول الثابتة لتجنب تراجع الأسواق

TT

أظهر استطلاع نشرت نتائجه أمس، أن 90 في المائة من الأثرياء السعوديين يفضلون اختيار استثمارات في أصول ثابتة، لتجنب بيع الاستثمارات عند تراجع الأسواق.

وجاءت هذه النتائج ضمن دراسة حديثة أصدرتها شركة إدارة الثروات «باركليز ويلث» البريطانية، أكبر مؤسسة في مجال إدارة الثروات في المملكة المتحدة، واستطلعت آراء نحو 2000 من أصحاب الثروات العالية، من 20 دولة حول العالم.

ويظهر التقرير أن نحو نصف الأثرياء حول العالم يتطلعون إلى المزيد من ضبط النفس في تعاملاتهم المالية، وتتزايد الحاجة إلى اتخاذ سلوكيات منضبطة عند الأفراد الأكثر ثراء، حيث أظهر أكثر من 45 في المائة الرغبة في الانضباط بشكل أكبر في ما يتعلق بشؤونهم المالية.

وعبر نحو 90 في المائة من الأثرياء السعوديين الذين استطلعت آراؤهم ضمن دارسة للسلوكيات الاستثمارية للأثرياء حول العالم، عن الرغبة في شراء الأصول غير السائلة، وذلك لتجنب بيع الاستثمارات عند تراجع الأسواق.

وكشفت عينة الأثرياء السعوديين أيضا أن نحو 96 في المائة من أصحاب الثروات العالية من السعوديين يتبعون القواعد والاستراتيجيات في عملية اتخاذ قرارات الاستثمار، وتعد هذه النسبة الأكبر في دراسة سلوكيات الأثرياء، عند مقارنتها مع نتائج الاستطلاع الذي قاس سلوكيات الأثرياء في دولتي قطر والإمارات العربية المتحدة.

بينما أكد نحو 96 في المائة من المستطلعة آراؤهم ضرورة تحديد مواعيد نهائية لتعاملاتهم المالية، بينما سجلت قاعدة التفويض المالي والاستفادة من الخبراء الماليين لتحقيق الأهداف المالية النسبة الأقل بين قواعد واستراتيجيات تنمية الثروات بين الأثرياء السعوديين بنسبة بلغت نحو 90 في المائة.

وكشف التقرير أن ما نسبته 41 في المائة من أصحاب الثروات يتطلعون إلى المزيد من ضبط النفس في تعاملاتهم المالية، رغم كل ما يملكونه من ثروات، ومن المثير للاهتمام، أن التقرير يكشف عن أن الحاجة للانضباط المالي تكمن أكثر عند الأفراد الأكثر ثراء والذين تزيد ثرواتهم على 10 ملايين جنيه إسترليني، حيث أظهر أكثر من 45 في المائة منهم رغبة في أن يكون لديهم انضباط أكبر بشؤونهم المالية، على الرغم من أن التقرير يظهر أن الذين يتطلعون إلى نسبة أكبر في ضبط النفس هم أقل من يشعر بالرضا حيال أوضاعهم المالية.

وأكد التقرير في مقدمته أنه أولى اختلاف سمات الشخصيات المالية عند أصحاب الثروات قدرا من الأهمية في عملية استطلاع الرأي، بالإضافة إلى القواعد والاستراتيجيات المفروضة ذاتيا للتعامل معها.

ولفت التقرير إلى أن التداولات التي تقودها العاطفة قد تكبد المستثمرين خسائر تصل إلى 20 في المائة من العائدات خلال 10 سنوات، كما يظهر التقرير أن أولئك الذين يلجأون إلى استخدام استراتيجيات في تداولاتهم يملكون ثروات أكبر بنسبة 12 في المائة من أولئك الذين لا يستخدمون أي قواعد.

وعلى الصعيد العالمي، سجل التقرير رغبة أكبر للمشاركين في الاستطلاع من منطقة آسيا (المحيط الهادي)، في جانب الانضباط المالي، لا سيما في تايوان وهونغ كونغ، على عكس ما أظهره المشاركون في الأسواق المتقدمة (إسبانيا وأستراليا والولايات المتحدة) رغبة أقل في الانضباط المالي.

وفي منطقة الشرق الأوسط، أظهر أصحاب الثروات العالية بحسب التقرير سلوكا معقدا تجاه الاستثمار واتخاذ القرارات المالية، التي شملت بالإضافة إلى السعودية أيضا عينات من الأثرياء من دولتي الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر.

ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، هناك نسبة عالية من أصحاب الثروات الذين يفضلون تفويض القرارات المالية 82 في المائة، كما أنه يفضل 96 في المائة من المستطلعة آراؤهم من أصحاب الثروات الكبيرة تحديد مواعيد نهائية لاستثماراتهم، بينما أبدى 76 من عينة الأثرياء الإماراتيين اعتقادهم بأن عمليات البيع والشراء بشكل متواصل تمكنهم من تحقيق نتائج إيجابية في الأسواق المالية.

بينما كشف التقرير عن أعلى نسبة من الأثرياء الذين يتبعون تفويض القرارات المالية في دولة قطر، حيث بلغت هذه النسبة نحو 98 في المائة، في حين يفضل أصحاب الثروات القطريون إدارة المحافظ الاستثمارية بشكل ناشط لتحقيق نتائج جيدة في الأسواق المالية، كما يفضلون اختيار توقيت الاستثمار في الأسواق بشكل استراتيجي، عوضا عن تبني استراتيجيات (الشراء والاحتفاظ)، كما فضل نحو 42 في المائة من أصحاب الثروات القطريين التعامل بشكل سريع مع الاستثمارات السيئة وحماية أنفسهم من مخاطر انخفاض قيمة الاستثمارات أكثر من الاستفادة من ارتفاع قيمتها.

وفي تعليق لغريغ ديفيس، رئيس وحدة سلوكيات التمويل لدى «باركليز ويلث»، على نتائج التقرير، قال إنه قد يفاجئ الكثير عند معرفتهم أن أصحاب الثروات لديهم رغبة في مزيد من الانضباط المالي، لكن الثروة المتزايدة تشهد تعقيدا متزايدا عند اتخاذ القرارات الاستثمارية، مضيفا أن الأمر الرئيسي الذي يتوجب على المستثمرين أن يأخذوه بعين الاعتبار هو كيفية انسجام قراراتهم مع استراتيجية الاستثمار العامة الخاصة بهم، والأهم من ذلك، هو كيف تتناسب هذه الاستثمارات مع احتياجاتهم الفردية.

وفي السياق ذاته قالت سها نشأت، الرئيس التنفيذي لـ«باركليز ويلث» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن هذا التقرير يقدم دراسة أكثر تعمقا في فئات شخصيات المستثمرين الأثرياء في منطقة الشرق الأوسط ويعطي أفكارا رائعة حول سلوكهم المالي.

وبالعودة إلى التقرير، الذي ركز على فهم السلوك الاستثماري والمخاطر التي قد يتعرض لها أصحاب الثروات، يدرس هذا التقرير 3 أبعاد لشخصيات المستثمرين، وهي: تحمل المخاطر، ورباطة الجأش، والمغامرة مقابل الوقاية.

وأشار التقرير إلى أن كثرة التداول يمكن أن تؤدي بالمستثمرين إلى عدم القدرة على تنظيم عدد مرات التداول التي يقوم بها، ومن بين جميع فئات شخصيات المستثمرين، فإن أكثرهم تعرضا لخطر الوقوع في هذا النوع من التداول هم أولئك الذين لا يتمتعون بقدر عال من رباطة الجأش أو تحمل المخاطر أو التركيز على الوقاية من الخسائر.

وفي حين يعتبر استخدام القواعد والاستراتيجيات في اتخاذ القرارات المالية أمرا بالغ الأثر، في رأي المشاركين في الاستطلاع من أصحاب الثروات، حيث تمنح هذه القواعد والاستراتيجيات المزيد من الرضا حيال الوضع المالي وتترافق مع ارتفاع مستويات الثروة لأولئك الراغبين في المزيد من الانضباط المالي، فإنه عند مقارنة مجموعة المستثمرين الأكثر استخداما للاستراتيجية مع المجموعة الأقل استخداما لها، كشف التقرير عن ارتفاع بنسبة 13 في المائة في الرضا حيال الوضع المالي، و12 في المائة في الثروة لدى المستثمرين الذين يستخدمون الاستراتيجيات بشكل اعتيادي.

كما يظهر التقرير أن المستثمرين يستخدمون أنواعا كثيرة من الاستراتيجيات لضبط عملية اتخاذ القرار، ويستخدمون القواعد في اتخاذ القرارات المالية بنسبة تصل إلى 89 في المائة أكثر من استخدامها في حياتهم اليومية التي تصل إلى نحو 73 في المائة، ومن أكثر تلك الاستراتيجيات شعبية لدى أصحاب الثروات استغلال فترات الهدوء، حيث كشف التقرير عن نسبة تصل إلى نحو 92 في المائة من الأثرياء يتبعون هذه الاستراتيجية، بينما عبر نحو 90 في المائة من الأثرياء عن ضرورة وضع المواعيد النهائية لاستثماراتهم.

بينما شكلت استراتيجية تفويض القرارات المالية للآخرين قاعدة استثمارية لدى الأثرياء بنسبة تصل إلى 73 في المائة، في حين سجلت قاعدة الحد من خيارات الاستثمار القاعدة الاستثمارية الأقل شعبية لدى أصحاب الثروات بنسبة لم تتجاوز 66 في المائة، وفي مستوى القواعد والاستراتيجيات الاستثمارية خلص التقرير إلى أن كلا من الثروة الموروثة وارتفاع مستويات الثروة تؤديان إلى ازدياد احتمال الاعتماد على الآخرين وتفويضهم باتخاذ القرارات المالية.

وبالعودة إلى غريغ ديفيس، الذي اعتبر أن اتباع أسلوب منطقي تماما دون ضبط النفس، سيؤدي ذلك بالتأكيد إلى التداول المفرط والشراء بسعر مرتفع والبيع بسعر منخفض، في قراءته لسلوك الأثرياء في اتباع قاعدة التفويض المالي للآخرين، واعتبر أن اتباع هذه القاعدة يكون في سبيل تعزيز مستويات ضبط النفس.

كما أظهر التقرير أن الرغبة في مزيد من الانضباط المالي تنخفض بشكل واضح مع التقدم في العمر، حيث عبر نحو 53 في المائة من الأثرياء المشاركين في الاستطلاع ممن تبلغ أعمارهم دون 45 عاما، في ضبط مواردهم المالية بشكل كامل، في حين بلغت النسبة لمتبعي هذا السلوك بين من تزيد أعمارهم على 65 عاما نحو 26 في المائة فقط، مما يؤدي إلى حاجة أقل لاستخدام الاستراتيجيات.

وفي المقابل، فإن 32 في المائة من المشاركين في الاستطلاع ممن تبلغ أعمارهم 45 عاما فما دون يتجنبون عادة المعلومات المتعلقة بأداء السوق أو محافظهم الاستثمارية بشكل متعمد، مقابل نحو 21 في المائة فقط من المستثمرين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما.