رئيس مجموعة «الشام للفنادق»: السياحة السورية تضررت بالوضع الأمني

عثمان العائدي لـ «الشرق الأوسط»: إلغاء الحجوزات بدأ مع تحذير الحكومات الأوروبية من السفر إلى البلاد

عثمان العائدي
TT

أكد الدكتور عثمان العائدي، أحد أبرز رجال الأعمال السوريين العاملين في قطاع السياحة والعالم، أن «السياحة تأثرت بالأحداث التي شهدتها سوريا مؤخرا، والتي أدت إلى إلغاء الحجوزات وتراجع قدوم السياح».

وقال العائدي، الذي يرأس مجلس إدارة مجموعة «الشام للفنادق» في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»: «لقد توقعنا حصادا سياحيا لهذا العام (2011) يفوق بكثير نتائج السنوات السابقة، وكذلك التقديرات الأولية، ذلك قياسا على ما حققناه في عام 2010 والربع الأول من هذا العام حتى منتصف مارس (آذار) الماضي، لكن وبكل أسف بدأ إلغاء الحجوزات عندنا منذ قررت الحكومات الأوروبية التحذير من السفر إلى سوريا. وبالتالي رفضت شركات التأمين إبرام عقود تأمين للسياح لدى توجههم إلى سوريا. ألغيت حجوزات رجال أعمال.. ومجموعات سياحية كبيرة وكثيرة كانت تعد بتحقيق قفزة في حصادنا السياحي لهذا العام، مما أدى إلى تراجع قدوم السياح إلى القطر. حتى أولئك الذين يأتون عن طريق مجموعات تقيم معها (الشام للفنادق) علاقات شخصية.. تحادثت مع الكثير من المشاركين في هذه المجموعات، الذين أوضحوا لي الظروف التي تمنعهم من تسيير السياح إلى دمشق.. وهو ما أوضحناه».

وفي رده على سؤال بأن قطاع السياحة سريع التعافي قياسا على أنه سريع التأثر، قال: «إنه قول فيه الكثير من التفاؤل.. ولا يطابق الحقائق الموضوعية لموقف السائح، الذي يسرع في تشكيل انطباعه عن الوضع في المقصد السياحي، فيعتذر وهو على باب الطائرة.. لكنه يبطئ في تشكيل انطباعه عندما يعود الهدوء؛ فهو يحتاج إلى مؤيدات كثيرة لتغيير انطباعه الأول وتشكيل انطباع جديد»، مشيرا إلى «أن هذا يتطلب مرور زمن كاف لتوافد السياح مجموعات وأفرادا، والعودة إلى بلادهم بعد إقامة هادئة ممتعة حملتهم ذكريات طيبة»، موضحا أن «قدوم المجموعات التي تقوم بدور ريادي يتطلب وضع خطط صحيحة؛ يأتي في إطارها أولا وفي المقدمة استخدام الإعلام، بما يعني دعوة مجموعات إعلامية من مؤسسات مرموقة واسعة الانتشار، وتأمين الفرص لهم ليجوبوا البلاد ويروا بأعينهم عودة الأمن والاستقرار، ويكتشفوا بأنفسهم الحقائق».

كما أكد أن «استقدام المجموعات الإعلامية هو حركة مفتاحية لاستقدام السياح، ونحن في الشركة لنا باع طويل في هذا المضمار من خلال تجربة مستمرة رافقت تاريخ الشركة التي قدرت دائما بنجاح فائدة العمل الإعلامي للترويج السياحي، وأعتقد أنه مشهود لها بذلك».

العائدي قال إن «الأمان والاستقرار، هما الدعامة الأولى للنشاط السياحي، وما تعانيه السياحة في سوريا تعانيه أيضا في مصر وتونس، حيث تحتل السياحة فيهما حيزا كبيرا من العمل الاقتصادي بشكل عام، وحتى في المغرب كان كافيا وضع قنبلة في مطعم مدينة مراكش ليؤدي إلى انحسار كبير في السياحة للقطر».

وعن توقعاته لمجموعة «الشام للفنادق» الأشهر في سوريا، قال العائدي: «حققنا نتائج طيبة في 2010، وكنا نتوقع تطورا كبيرا في هذه النتائج عام 2011، بما يحقق قفزة طيبة في عمل الشركة.. لكن، وبكل أسف، ساءت الظروف وبدأ تراجع الحسابات. وعلى الرغم من هذه الظروف الطارئة، دعونا الهيئة العامة للاجتماع في الموعد المعتاد لها سنويا منذ تأسيسها، أي، في 17/4/2011، وقدمت في الاجتماع لمحة عما يجري، والاحتمالات، وما يمكن أن تواجهه السياحة السورية».

وأضاف: «شركتنا اليوم وبشكل طبيعي تواجه ظروفا قاسية، وكنا نأمل بعودة سريعة للنشاط السياحي، وعندما تتجه الأمور إلى التحسن وتنحى منحى إيجابيا، سندعو الهيئة العامة للانعقاد ولنشرح لهم كل الأمور بإسهاب وتفاصيل».

وأوضح أن «(الشام للفنادق) هي النموذج الأنجح، ومستمرة في العمل والنجاح منذ عام 1977؛ حيث صدر قانون إحداثها، في حين غابت شركات كانت موجودة أو أحدثت بعد شركتنا؛ فنحن نقوم بمهمتين، وبشكل ما، يحتاج ذلك إلى تسوية مستمرة للنجاح بالمهمتين. من ناحية أولى نحن شركة مساهمة هدفها الطبيعي تحقيق الربحية للمساهمين، دون تفريق بين مساهم من القطاع العام وآخر من الخاص، ولا شك أن نجاحنا في هذا المجال هو الذي أمن للشركة الاستمرار والنمو الكبير، ومن ناحية ثانية، لشركتنا، ووفق قانون إحداثها، مهمة تحقيق التنمية السياحية المرتبطة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وفي هذا الإطار توسعت أعمال الشركة لخدمة هذا الهدف، بغض النظر عن تحقيق الأرباح الآنية».

وتابع العائدي حديثه قائلا: «لقد امتد نشاطنا ليشمل مساحة واسعة من سوريا بفنادق ومنشآت متطورة، كان هدفها التنمية وليس الربحية الفورية؛ فما الذي يمكن أن يحققه فندق خمس نجوم.. في بصرى الشام أو دير الزور؟».

و يجزم العائدي بأن «السياحة يمكن أن تكون قاطرة الاقتصاد السوري، وهي ثروة متجددة متطورة من خلال تحسين المنتج السياحي وحسن الإدارة والترويج، وتتفوق بذلك على ثروات أخرى ناضبة كالنفط مثلا؛ حيث عانى الاقتصاد السوري من تراجع إنتاجنا النفطي»، موضحا «أن سوريا تقدم فرصة طموحة لسياحة ممتازة ومتميزة تستطيع أن تدعم الاقتصاد وتقطره؛ إذ على مساحة قطرنا تنتشر الأوابد الأثرية، وشواهد الحضارة على مر العصور، وهذا يشكل هدفا للسائح في كل أنحاء العالم، الذي يرغب بالتعرف على تاريخ الحضارة والظروف التي مرت بها البشرية من خلال المحتوى التاريخي العظيم لمنطقتنا، وتطور المعارف الإنسانية بشكل عام، إضافة إلى الطبيعة المناخية، حيث تقع سوريا في المنطقة المعتدلة التي تؤمن فرصة للاستمتاع بجمال الطبيعة وأشعة الشمس الدافئة، كما أن تركيبة المجتمع السوري وأفراده يتقبلون الزائر ويستقبلونه بما يرضيه، ولا أبالغ إذا قلت إن آثارنا كنز لا يفنى».

ويرى الدكتور العائدي أن الأرقام السياحية السورية السابقة فقدت مصداقيتها في الفترة الماضية، وهذا يعود للأرقام الخيالية التي كانت تنشرها وزارة السياحة في الإعلام السوري لتقدم بيانا مرضيا للمسؤولين، يتضمن أن الوزارة تنفذ سياسات ناجحة.

واعتبر أن «وزارة السياحة أخطأت أولا في اعتماد أرقام غير ذات مصداقية، وثانيا في الإنفاق غير المحدود على الإعلام المحلي لترويج هذه الأرقام داخليا. واليوم كلنا أمل أن تستفيد الوزارة من أخطاء الماضي على المنحيين؛ دقة الأرقام، والاتجاه بالإعلام خارج القطر، فهذا أهم وأكثر فائدة».

ومع قدوم حكومة جديدة، ودخول سيدة إلى وزارة السياحة، يعتقد العائدي أن «ذلك يمكن أن يشكل مرحلة جديدة من العلاقات بين الشركة العربية السورية للمنشآت السياحية (الشام للفنادق)، التي يرأس مجلس إدارتها، ووزارة السياحة»، مؤكدا أن «شركة (الشام للفنادق) أدت الكثير لسوريا، وما زالت تفعل، فقد غطت شركتنا–كما لمحت لك–سوريا بالكامل بالفنادق الجيدة، بحيث يجد السائح فرصة الاستراحة الجيدة شمالا وجنوبا وغربا وشرقا، وخلال ثلاثين عاما (1978–2007)، كانت الفنادق الوحيدة التي أنشئت وافتتحت في سوريا هي فنادق الشام.. في دمشق وحلب واللاذقية وتدمر وبصرى الشام ودير الزور وصافيتا. لم يكن أحد يحلم بفنادق ذات مستوى دولي في تلك المناطق من سوريا، وكنا سنستمر، لكن سلبية وزير السياحة السابق في موقفه منا ومن الشركة، منعتنا من تنفيذ برامجنا لمدة 11 سنة».