رجل الأعمال الكردي جمال علي من بائع خضراوات إلى أكبر مستورد للإلكترونيات

رجال الأعمال الأكراد يفخرون ببداياتهم البسيطة

رجل الأعمال جمال علي ونجله بياد («الشرق الأوسط»)
TT

يفخر رجال الأعمال الأكراد في إقليم كردستان بماضيهم وبداياتهم مع التجارة، فهناك على سبيل المثال صاحب أكبر سلسة مطاعم يضع صورة العربة الجوالة التي كان يبيع عليها الساندويتشات في إحدى أسواق السليمانية في قائمة الأطعمة (المنيو) وقد كتب تحتها «بدأنا من هنا»، ورجل أعمال آخر يملك مجمعات تجارية ضخمة في أربيل والسليمانية يعترف بأنه بدأ حياته المهنية بائع أقمشة متجولا بين الأحياء السكنية، بينما يتباهى رجل الأعمال جمال علي، الوكيل الحصري لشركة «سامسونغ» للإلكترونيات في العراق وصاحب عقارات كثيرة في السليمانية، بأنه كان يعمل مع والده وأشقائه بائع خضراوات وفواكه في بقالة بسوق المدينة.. وهذه الظاهرة لا تجدها مع رجال الأعمال العراقيين من غير الأكراد.

يقول علي: «نحن بدأنا بمحلات بقالة بيع الفواكه والخضراوات في مدينة السليمانية في الستينات، وفي نهاية السبعينات انتقلت من بيع الفواكه إلى بيع الأقمشة، وأنا من بدأت بهذا المشروع على الرغم من صغر سني، ونجحنا في هذه التجارة وصرنا أكبر تجار للأقمشة في عموم المدينة. وفي بداية الثمانينات، اتسعت تجارتنا بين بغداد والسليمانية قبل أن أنتقل للإقامة بالعاصمة وأفتح متجري في سوق الصفافير لأكون من كبار تجار الأقمشة في العراق، خاصة في مدن كردستان (شمال العراق) ومن ثم باقي مدن العراق. وفي بداية التسعينات، انتقلت إلى تجارة الأجهزة الكهربائية، خاصة أجهزة التلفزيون والفيديو من بغداد إلى السليمانية ومن ثم بالعكس، وتكونت عندي معرفة في تجارة الأجهزة الإلكترونية»، مشيرا إلى أنه «في عام 2000 حصلت من وكيل شركة (سامسونغ) ببغداد على وكالة الشركة في المدن الكردية الثلاث؛ أربيل والسليمانية ودهوك، وبينما كان الوكيل الأصلي في عموم العراق يوزع ما قيمته مليونا دولار، تجاوزت قيمة مبيعاتنا الخمسة ملايين دولار في ثلاث مدن فقط، حتى سقوط النظام السابق عام 2003؛ إذ جاء ممثل عن شركة (سامسونغ) الكورية إلى بغداد مع الوكيل الإقليمي من الأردن وطلب مني أن أكون الوكيل الحصري لشركتهم في العراق، لكنني رفضت بسبب وجود الوكيل الأصلي الذي تعاملت معه في البداية، والذي وافق على التنازل عن الوكالة لأن مصالحه تضررت بسبب أحداث الفوضى وقتذاك؛ إذ تمت سرقة مخازنه وتعرض لخسائر كبيرة قرر إثرها ترك العراق، فحصلت أنا على الوكالة الحصرية للشركة».

ويؤكد علي قائلا لـ«الشرق الأوسط» التي التقت به في مدينة السليمانية أن شركته اليوم تعد «من أكبر التجار الذين يتعاملون مع شركة (سامسونغ) للإلكترونيات في عموم المنطقة؛ إذ بلغ حجم مبيعاتنا ما يقرب من عشرين مليون دولار، ومؤشر العمل في تصاعد بما نسبته 30 في المائة سنويا، ولنا وكلاء في جميع مدن العراق؛ من زاخو إلى البصرة، هذا بالإضافة إلى مشاريع العقارات العديدة في المدينة».

ويشير رجل الأعمال الكردي إلى أن «القدرة الشرائية للمواطن العراقي، خاصة في إقليم كردستان ارتفعت؛ إذ كان المستهلك يتجه إلى البضاعة الصينية الرخيصة لعدم وجود البديل، لكنه اليوم صار يختار الماركات المعروفة ويغير أجهزته البيتية ويقبل على شراء أجهزة التلفزيون ذات الشاشات العريضة والثلاجات الحديثة والغسالات الأوتوماتيك كجزء من تحديث حياته ومؤشر على رفاهيته، وهذا يحدث في عموم العراق، خاصة في محافظة البصرة (جنوب العراق) والنجف وكربلاء، وبغداد بالتأكيد، إضافة إلى كردستان»، منبها إلى «الاستقرار الأمني والاقتصادي الذي يعيشه الإقليم وبعض مدن جنوب ووسط العراق».

ويشير علي إلى أن «أبرز المشكلات التي تواجهنا وكذلك بقية التجار العراقيين هي الحوادث الأمنية، خاصة التفجيرات التي تودي بحياة الناس وتدمر الأسواق والمعارض في بلد لا توجد فيه شركات تأمين تضمن تعويض الخسائر سواء البشرية أو المادية، وهذا يؤثر على التجارة بصورة عامة؛ إذ لا توجد حتى الآن شركات تامين عملاقة ودولية معترف بها نستطيع التعامل معها. ونحن نؤمن بضاعتنا حتى وصولها إلى الموانئ الأردنية والتركية، ثم يتم توزيع البضاعة على الوكلاء، ومخازننا موزعة على جميع أنحاء العراق، كما أنه ليست عندنا بنوك ضخمة تفتح اعتمادات تجارية كبيرة؛ بضمنها البنوك الحكومية، باستثناء البنك التجاري العراقي، ونحن نفتح اعتماداتنا في البنوك الأردنية. وانتعاش البنوك مرتبط باستقرار الأوضاع». واقترح على حكومة الإقليم فتح بنك كبير لافتتاح الاعتمادات التجارية. معترفا بأن حكومة الإقليم «تقدم تسهيلات كبيرة للمستثمرين في الإقليم، وأبرزها منح قطع أراض تجارية بأسعار رمزية والإعفاء لأربع سنوات من الضرائب خاصة على العقارات. أما التجارة، فهناك ضرائب مبيعات وجمارك، وهي مناسبة مقارنة بدول الجوار؛ إذ تفرض 5% كضرائب جمركية و3% ضرائب مبيعات»، معتبرا أن «استقرار الأوضاع السياسية في الإقليم يأتي لصالح الوضع الاقتصادي، فسوق العقارات مزدهرة في الإقليم، خاصة في أربيل لأنها العاصمة ولأن غالبية الشركات تستقر هناك. أما ما يخص عقارات السكن، فهي مزدهرة في عموم المدن، لأن المواطنين يعانون من أزمات السكن، وهناك من جدد سكنه، كما أن استقرار غالبية من العراقيين من بقية المحافظات الأخرى، خاصة في السليمانية لاستقرار الأوضاع الحياتية ورفاهيتها، أنعش هذه السوق، وبسبب إقبال الناس على السكن العمودي مؤخرا».