المغاربة يأملون بتصدير زيت الزيتون إلى الصين

يخشون منافسة شرسة من برتقالها

TT

أنجز وفد أعمال مغربي عالي المستوى خمس دراسات قطاعية حول فرص السوق الصينية، وذلك في إطار بعثة اقتصادية منظمة من طرف الجمعية المغربية لتطوير القيادات بشراكة مع المركز الفرنسي لتطوير الأعمال.

ومن أبرز خلاصات هذه الدراسات التي قدمت أول من أمس خلال لقاء في الدار البيضاء، وجود فرص مهمة للتصدير بالنسبة لزيت الزيتون التي لم يعرفها الصينيون إلا منذ عشر سنوات فقط، فيما حذرت الدراسات من تحول الصين إلى منافس قوي في السوق الدولية للبرتقال بسبب وتيرة تطوير زراعته هناك.

وتشكل وفد الأعمال المغربي من 18 شخصا، كلهم يتحملون مسؤوليات مهمة كرؤساء ومديرين لمجموعات اقتصادية مغربية. وتندرج هذه البعثة من «برنامج الإدارة المتقدمة»، لتدريب الأطر الاقتصادية العليا عبر دراسات ميدانية. وقال سعد الكتاني رئيس الجمعية المغربية لتطوير القيادات، خلال تقديم نتائج البعثة إلى الصين «هذا البرنامج تم إطلاقه مند 1930 في فرنسا في إطار شراكة بين مدرسة هارفارد للأعمال وغرفة التجارة في باريس، وهو موجه للشريحة العليا من رجال الأعمال، رؤساء الشركات والمديرين التنفيذيين، وانضم المغرب إلى هذا البرنامج قبل فترة وجيزة، إذ بدأ في 2007، وتعتبر هذه ثاني دفعة من رجال الأعمال المغاربة التي تشارك في البرنامج، ليصل عدد المغاربة الذين استفادوا من البرنامج حتى الآن 24 رجل أعمال».

وتم تمويل البعثة من طرف شركات مغربية مهتمة بالسوق الصينية، والتي كلفت رجال الأعمال المشاركين في البعثة بمهمات واضحة تتضمن دراسة السوق وربط علاقات أعمال والبحث عن عملاء والعودة بمشاريع صفقات. كما ستقدم تقارير البعثة في شكل أطروحات للحصول على شهادات عالية من «برنامج الإدارة المتقدمة».

وقال المهدي العراقي، رئيس «مجموعة العراقي» الذي شارك في البعثة، إنه اهتم ضمن فريق من خمسة رجال أعمال آخرين بفرص تصدير زيت الزيتون المغربي للصين. مشيرا إلى أن الصينيين لم يكونوا يعرفون زيت الزيتون قبل عام 2001، وقال إن واردات الصين من زيت الزيتون ارتفعت من 390 طنا في 2001 لتبلغ 15 ألف طن في 2010. وأشار إلى أن التوقعات تترقب أن تبلغ هذه الواردات 800 ألف طن في 2015.

وأوضح العراقي أن إسبانيا التي تنتج 39 في المائة من زيت الزيتون في العالم تهيمن حاليا على السوق الصينية، تليها إيطاليا واليونان. أما المغرب الذي تبلغ حصته 3 في المائة من الإنتاج العالمي من زيت الزيتون، فغائب تماما عن السوق الصينية التي تعرف نموا مطردا، فيما عدا بعض الكميات التي يعاد تصديرها من أسواق أخرى.

أما قاسم بناني سميرس، رئيس «مجموعة ديلاسوس» والذي درس مع فريق آخر فرص تصدير البرتقال المغربي إلى الصين، فقال إن المغرب تمكن أخيرا من تصدير أولى الكميات من برتقاله إلى الصين بعد عامين من المفاوضات.

وأشار بناني سميرس إلى أن الصين تعتبر ثاني منتج للبرتقال في العالم بعد البرازيل، غير أن البرتقال الصيني أقل جودة من البرتقال المغربي ويتكون بالأساس من الحمضيات الصغيرة، لذلك يرى بناني سميرس أن هناك فرصا كبيرة لتصدير البرتقال المغربي من الأصناف الجيدة، خاصة مع النمو القوي للقدرة الشرائية للصينيين وجنوحهم لاستهلاك السلع المستوردة ذات الجودة العالية.

وأشار إلى أن الصين تستورد حاليا 120 ألف طن من البرتقال، في حين يصدر المغرب 600 ألف طن. غير أنه حذر من إمكانية تحول الصين إلى منافس قوي للمغرب خلال السنوات المقبلة بسبب التوسع الكبير في زراعة البرتقال في الصين. وقال «خلال السنوات الأخيرة ارتفعت المساحات المغروسة بالبرتقال في الصين بوتيرة قوية، إذ إن حجم الحقول الجديدة التي تغرس كل سنة تعادل حجم حقول البرتقال في المغرب. ففي سنة 2009 بلغت المساحات المغروسة بالبرتقال في الصين 2.1 مليون هكتار، مقابل 240 ألف هكتار في إسبانيا و85 ألف هكتار في المغرب. وعرفت مردودية حقول البرتقال في الصين ارتفاعا بنسبة 35 في المائة لتصل إلى 11 طنا في الهكتار، مقابل نحو 25 طنا في الهكتار بالمغرب. لذلك فإن التوسع القوي، سواء في المساحات المغروسة أو في الجودة والمردودية، من شأنه أن يحول الصين إلى قوة منافسة في السوق العالمية للبرتقال».

ويقيم في الصين 290 مغربيا، معظمهم يمارسون الأعمال. ويقول كمال المديوني، وهو صاحب شركة نقل في الصين، والذي فتح أخيرا فرعا لشركته في الدار البيضاء، «على الشركات المغربية التي تهتم بالسوق الصينية أن تتصل بالمغاربة المقيمين هناك، والذين سيسهلون عليها كثيرا مهمة اختراق السوق الصينية بفعل التجربة المكتسبة وشبكة العلاقات التي يتوفرون عليها».

وقال المديوني لـ«الشرق الأوسط»، إنه يخشى أن يكون المغرب قد تأخر كثيرا في اهتمامه بفرص السوق الصينية. وأضاف «خلال السنوات الأخيرة لم يكن يزور الصين من المغاربة سوى بعض التجار الباحثين عن فرص استيراد المنتجات الصينية الرخيصة جدا إلى المغرب، الشيء الذي كان له تأثير سلبي على صورة المنتجات الصينية في السوق المغربية». ويرى المديوني أن ارتفاع القدرة الشرائية للصينيين تفتح آفاقا واعدة بالنسبة للمنتجات المغربية. وقال «في بداية العام الحالي قررت الحكومة الصينية زيادات في الأجور بنحو 30 في المائة في إطار سياسة تحفيز السوق الداخلية. ونترقب إجراءات مماثلة مع بداية العام المقبل. وهذه تعتبر فرصة كبيرة بالنسبة للشركات المصدرة عبر العالم، والتي على الشركات المغربية أن تستغلها وأن تسعى لأخذ حصتها منها».