السعودية: توقعات بانخفاض أسعار العقار 30% كمرحلة أولى و50% بعد 4 سنوات

نتيجة قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء

TT

كشف مصدر مسؤول في مجلس الشورى، لـ«الشرق الأوسط»، عن توصية تنص على فرض رسوم على الأراضي البيضاء، وذلك عقب اجتماع تم عقده الأسبوع الماضي والذي ناقش التقرير السنوي لوزارة الشؤون البلدية والقروية.

وذكر الدكتور صدقة فاضل، عضو مجلس الشورى وأستاذ العلوم السياسية، أن مجلس الشورى ناقش قبل أسبوع من الآن تقرير لجنة المياه والمرافق. وجاءت ضمن توصيات اللجنة المشار إليها توصية بفرض رسوم على الأراضي السكنية البيضاء الواقعة داخل النطاق العمراني للمدن السعودية. وأكد تبني المجلس هذه التوصية، والتي أصبحت بذلك توصية صدرت باسم المجلس، ويمكن تلخيص فحواها بأنها عبارة عن لائحة ستوضع في ما بعد، تفرض وضع رسوم على أصحاب الأراضي غير المخططة والتي داخل النطاق العمراني للمدن، وذلك لتشجيع ودعم العرض للأراضي الصالحة للسكن والأعمال التجارية، والذي سيؤدي إلى زيادة في العرض، مبينا أن هذه الأراضي قد تكون معطلة في الفترة الحالية ولا يشملها العرض، وبالتالي تكون غير متداولة، موضحا أن هذا الإجراء سيؤدي إلى زيادة العرض على الأراضي السكنية ويسهل تملك المواطنين للأراضي والقطع السكنية.

وبين الدكتور صدقة أن فرض الرسوم سيتيح لملاك الأراضي الصالحة للأعمار والسكنى والتي لا يستخدمونها ثلاثة خيارات كل له مردوده الإيجابي، فإما أن يعمروا هذه الأراضي وهذا سيسهم في حل أزمة الإسكان، أو أن يقوموا ببيعها، وهذا سيؤدي إلى زيادة في عرض الأراضي الصالحة للبناء، ومن ثم انخفاض أسعار الأراضي السكنية المبالغ فيها الموجودة حاليا، أو دفع الرسوم السنوية والتي ستشكل دخلا كبيرا يقدر بمليارات الريالات لوزارة الشؤون البلدية والقروية، حيث سيتم استخدام هذه الأموال في المشاريع البلدية والتطويرية، والذي له مردوده الإيجابي على المواطن.

وأوضح أن اللائحة ستأخذ في عين الاعتبار النسب حسب مساحة الأراضي وموقعها في المدينة، وتلافي الكثير من التجاوزات والتحايلات، مبينا أن تحديد وقت صدور اللائحة يخص مجلس الوزراء، فحينما يوافق مجلس الوزراء على القرار يصبح نافذا عبر اللائحة والتطبيق. وتوقع أنه حال صدور اللائحة ستؤخذ مليارات الريالات من متملكي الأراضي، وقد يجوز وقت صدور اللائحة تقديم دراسة بكم تمت جبايته، وأين يذهب، فقد يأخذ نصف الدخل لمصلحة الضمان الاجتماعي، وهذا من بين المقترحات التي ستؤخذ في عين الاعتبار.

وبين رئيس اللجنة العقارية والتطوير العقاري في الغرفة التجارية عبد الله الأحمري، أن إقرار مجلس الشورى بفرض رسوم على الأراضي البيضاء التي تقع بين المباني سيخفض أسعار العقار، انخفاضا واضحا وصريح، وهذا الانخفاض سيكون بنسبة 50 في المائة بعد ما يقارب 4 سنوات، موضحا أن أسعار العقار في هذه الفترة متجهة للنزول، وأن هذا القرار سوف يزيد من انخفاض الأسعار. > والرجوع إلى الأرقام الصحيحة الحقيقية التي يستحقها العقار، مستذكرا مطالبة غرفة جدة بهذا القرار منذ سنوات كثيرة، مبينا أن اللجان العقارية في الغرفة التجارية أصدرت أكثر من توصية في اجتماعات سابقة، وبين أن الغرفة لديها دراسة مستفيضة في هذا الاتجاه.

واعترض الأحمري على التحليلات التي قام بها بعض الاقتصاديين والتي توقعوا من خلالها أن أسعار العقار ستركب موجة الارتفاع، وأكد على مخالفتهم الرأي قائلا إن «هذه الأراضي دخلت (بالملاليم) في تاريخ سنوات طويلة، ولم يتجاوزها النطاق العمراني الذي مضى عليه أكثر من 15 أو 20 عاما، وأعتقد أن هذا القرار لن يأتي عليهم بخسارة مقارنة بالسعر الذي اشتروا به هذه الأراضي مقابل الأسعار الجنونية الذي أصبح عليها العقار الآن».

وأكد أن قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء التي تقع وسط المباني قرار صائب وحكيم، وسوف يبعد الحمل عن المستهلك، ويجعل لديه حافز للتخطيط وكثرة في العرض، وبالتالي يقل الطلب وتقل الأسعار، مبينا أن هذه هي الخطط الاستراتيجية العالمية لجعل العقار يرجع لصوابه، معللا ذلك بأن العقار وصل لأرقام مخيفة وتضخم لم يسبق لها مثيل في المملكة ولا في المنطقة.

ويرى أن تحديد النطاق العمراني لم يعد معروفا، فالأمانة سابقا كانت توضح ذلك في مخططاتها وفي أطلس النطاق العمراني في المنطقة، وتحدد موعد دخول الخدمات. وأضاف قائلا إن «المخططات في الفترات الأخيرة قد أزالت عبارات النطاق العمراني منها، وكل يبني في جهته مطالبا بتوصيل الخدمات إلى هذه المناطق. وحقيقة فإن توصيل هذه الخدمات ليس بالأمر اليسير، فإن كنت تريد مني تجاوز النطاق العمراني بـ30 أو 40 أو 50 كم لكي أوصل الخدمات، فمن سوف يتحمل هذه الكلفة؟ وفي النهاية تصل للمستهلك وتحسب على حسابه». وبين أن الهدف من هذا هو تحفيز أصحاب الأراضي من أجل تطويرها وبنائها، بدلا من جعلها أراضي بورا داخل الأحياء السكنية، وبقيت عقبة في وجه التطوير الحضاري والتخطيط العمراني للمدن، مؤكدا أن هذه الأراضي باتت مصدر إزعاج وتجمع للبعور، مما أثر على البيئة. وقال إن «اللجوء للرسوم سوف يكون حافزا لأصحاب العقارات لأن يلحقوا بركب التطوير العمراني، وكوكبة المشاريع الإسكانية التي اتجهت لها الدولة في الفترة الأخيرة». وتمنى الأحمري من أصحاب هذه الأراضي أن يلجأوا إلى شركات التطوير لبنائها لتسهم في مشاريع الإسكان التنموية، وتسهم في التخطيط الحضاري للمدينة.

ومن جهة أخرى، أكد أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة، أن قرار مجلس الشورى جاء بفرض رسوم وليس بضريبة على الأراضي التي تعد مخططات كبيرة في النطاق العمراني وعلى الأراضي الصغيرة. وقال «القرار جاء صريحا على المخططات التي يتملكها أشخاص وتركوها، فلا هم قاموا بتعميرها ولا قاموا ببيعها، بمعنى أنهم لم يحيوها». وأوضح أن وزارة الإسكان ومجلس الشورى سوف يقومان بتنظيم آلية لكيفية وضع الرسوم على هذه المخططات، وسيتم الإعلان عنها حين الانتهاء من تكوينها، وإصدارها.

وتوقع باعجاجة أن هذا القرار سوف يعمل على تخفيض أسعار العقار كمرحلة مبدئية بنسبة من 20 - 30 في المائة بعد صدور اللائحة من هيئة الإسكان. وأكد على زيادة النسبة في السنوات القادمة، معللا ذلك بزيادة العرض في سوق العقار، والتي ستتسبب في انخفاض أسعار الأراضي والعقار بصفة عامة. وبين أن هذه الرسوم لن تذهب إلى مصلحة الزكاة والدخل نظرا لأنها ليست ضريبة، مؤكدا ذهاب هذه الرسوم إلى وزارة المالية مثلها مثل الرسوم الأخرى.

واستغرب رجل الأعمال عبد الرحمن السعداوي من أن أسعار العقار في الفترة الأخيرة أصبح مبالغا فيها مقارنة بدخل المواطن، في ظل وجود فرص استثمارية واعدة من بينها مدينة الملك عبد الله التي ستكون فيها فرص استثمارية جيدة للشباب. وأوضح أن حزمة المساعدات التي قدمها خادم الحرمين الشريفين ببناء 500 ألف وحدة سكنية سوف تعيد النظر في أسعار العقارات، خصوصا أن كثيرا من المخططات لا تتوافر بها الخدمات اللازمة من مستشفيات ومدارس وخدمات حكومية أخرى، مؤكدا أن استثمار وبناء الأراضي البيضاء التي داخل المساكن أفضل من الناحية الأمنية والاجتماعية من البناء في أطراف المدن.