أسعار الحديد تعود للارتفاع من جديد في السعودية

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: بسبب الأوضاع العالمية والمشاريع الضخمة

باتت أسعار معدن الحديد تتعرض لمتغيرات سريعة نتيجة ضغوط عالمية ومحلية تساهم في تغيرها بين الفترة والأخرى (تصوير: خالد الخميس)
TT

أفصحت مصادر عاملة في سوق الحديد السعودية عن بوادر لعودة أزمة الحديد من جديد، والتي قد تتسبب في مواجهة تجار الحديد خسائر محتملة خلال الفترة المقبلة، وذلك بسبب عودة دورة ارتفاع أسعاره عالميا، في الوقت الذي تثبت فيه وزارة التجارة والصناعة السعودية أسعار الحديد محليا.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أسواق الحديد والصلب العالمية تأثرت بشكل ملاحظ خلال الفترة الأخيرة من خلال عدة عوامل، مشيرة إلى أن أهم العوامل تتمثل في النقص في الخامات الأولية للصناعة وقلة العرض وزيادة الطلب في مختلف الأسواق.

وأوضحت تلك المصادر أن 50 في المائة من مناجم الفحم وخام الحديد قد في استراليا أغلقت بسبب فيضانات «كوين أيلاند» في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وهي تحتاج لفترة غير بسيطة للعودة لمعدلات إنتاجها الطبيعية، والتي أدت لشح شديد في الخامات وفي الالتزام بتوريد الكميات المتعاقد عليها، الأمر الذي تطور إلى عدم الاستقرار في الأسواق العالمية، وارتفاع الأسعار بصورة كبيرة، في الوقت الذي وصل فيه سعر الطن من «أيرون أرو» وهي المادة الأساسية المستخدمة في صناعة الحديد إلى 198 دولارا مقارنة بنحو 165 دولارا عن الربع الأخير من عام 2010.

وكانت أزمة قد شهدتها سوق الحديد في السعودية في الربع الأول من العام الماضي 2010، أوجدت اضطرابات في السوق، وذلك بسبب وجود تسعيرات مختلفة واحدة كانت لتجار التجزئة والخاضعة لتداولات الأسواق العالمية، وتسعيرة شركة «سابك».

وقال الدكتور عبد الوهاب أبو داهش الخبير الاقتصادي في السعودية إن ارتفاع مدخلات أسعار الحديد قد تؤثر على أسعاره المحلية، مطالبا بمراقبة وزارة التجارة والصناعة السعودية تأثير تلك المدخلات على أسعار صناعة الحديد محليا.

وبين أبو داهش الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» أن سلعة الحديد لم تعد سلعة محلية، وأنها مرتبطة بأسواق عالمية، ومنذ عام 2002 وهي تشهد تغيرات سريعة نتيجة الأوضاع العالمية، حالها كحال الذهب وغيرها من السلع العالمية، مشيرا إلى أن عددا من المؤثرات يكون سببا في ارتفاع أسعار الحديد.

وكان المهندس محمد الماضي الرئيس التنفيذي لشركة «سابك» ذكر في أبريل (نيسان) الماضي، إلى أن إنتاج الحديد في الشركة ارتفع بنسبة 17 في المائة خلال الربع الأول مع زيادة الطلب، مشيرا إلى أن المواد الأولية التي تستعملها «سابك» شهدت ارتفاعات متفاوتة خلال الربع الماضي، إلا أن ارتفاع أسعار المنتجات النهائية للشركة عوض الارتفاع في أسعار المدخلات، كاشفا عن سعي الشركة إلى إنشاء مصنع جديد بطاقة مليون طن. وبالعودة إلى الخبير الاقتصادي فإن المراقبة من قبل وزارة التجارة يجب أن تكون عن أين تكمن أسباب ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة، فإن كان الرفع في هامش الربح فإنه يجب التصدي له، أما إذا كان الارتفاع بسبب وجود خسائر للمصانع والتجار المحليين فإنه يجب إعادة النظر في الأسعار، خاصة إذا ما كان عرف أن الطاقة تشكل 70 في المائة من تكلفة إنتاج الحديد، وهو ما تشهده المصانع المحلية من خلال تعديل التعريفة الكهربائية مؤخرا.

وأدى إعصار تسونامي في اليابان لتوقف الإنتاج في العديد من المصانع اليابانية حسب ما ذكرته المصادر، الأمر الذي تسبب في تعطل الشحن للكميات المبيعة مسبقا، بالإضافة لعزوف معظم المصانع العالمية عن شراء المنتج الياباني خوفا من التلوثات الإشعاعية وهو ما أدى لزيادة الطلب على الأسواق الأخرى البديلة وإعطاء الفرصة أمام مصانع الحديد والموردين لرفع الأسعار للحديد المسطح وغيره من منتجات الحديد الأخرى.

وأكد أبو داهش أن ارتفاع تكلفة إنتاج المواد الخام الموجودة في عدد من الدول في القارات الأميركية الجنوبية والأفريقية وعدد من دول العالم، قد يتسبب في ارتفاع أسعار المواد الخام خلال الفترة المقبلة.

وارتفعت أسعار الخردة والبيليت وحديد التسليح والمسطحات والصاج عالميا بشكل ملحوظ، حتى وصلت حاليا إلى ما يزيد على 489 دولارا لطن خردة الحديد، 670 دولار فوب لطن البيليت، و755 دولار فوب لطن حديد التسليح، 780 دولار فوب لطن مسطحات الحديد الأسود.

بالإضافة إلى ارتفاع الطلب على المنتجات التركية والروسية لسد احتياجات الأسواق العالمية، وخاصة للأسواق العربية نتيجة شح المعروض وزيادة الطلب المحلي بمعظم الأسواق العربية.

وذلك في الوقت الذي برزت فيه المشاريع الكبرى المعلنة ضمن نطاق دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تربو قيمتها على 100 مليار دولار، وهو ما يشير لاستمرار نمو الطلب على منتجات الصلب لفترات طويلة قادمة، الأمر الذي يفتح أسواقا غنية وشرهة لمنتجات الحديد، وقد يكون ذلك عاملا أساسيا للتنافس على الطلب، وسد الاحتياج خلال المستقبل القريب.