تفاقم الأزمة يجبر بنكين أميركيين كبيرين على الانسحاب من الرهونات «العقارية العكسية»

انهيار أسعار المساكن دفع «ويلز فارغو» و«بنك أوف أميركا» إلى الخروج من القطاع

TT

لم يعد أكبر بنكين مانحين للرهونات العقارية العكسية في أميركا يقدمان مثل هذه الأنواع من القروض، مع وقوع اقتصاديات مثل هذه العمليات المصرفية تحت وطأة ضغط.

وأشار بنك «ويلز فارغو»، أكبر مزود لهذه الرهونات، يوم الخميس إلى أنه سيوقف مثل هذه المعاملات، في أعقاب خروج «بنك أوف أميركا» في فبراير (شباط)، ثاني أكبر مقرض. ومع رحيل أكبر لاعبين - اللذين مثلا معا نسبة 43 في المائة من هذه المعاملات، وفقا لمؤسسة «ريفرس ماركت إنسايت» - وربما يجد المقترضون المحتملون أن عملية الحصول على الرهونات العقارية باتت أكثر صعوبة.

وتسمح الرهونات العقارية العكسية للأفراد في سن 62 عاما فما فوق بالاستفادة مما يمكن أن يمثل أكبر ممتلكاتهم، وهو الأصول العقارية، دون الحاجة إلى دفع أي مبالغ. فالبنوك تدفع للمقترضين، مع استمرارهم في تحمل المسؤولية عن دفع الضرائب العقارية وتأمين مالك المنزل.

غير أن القروض قد باتت عرضا أكثر خطورة. فالبنوك ليس مسموحا لها بتقييم قدرة المقترضين على سداد كل المدفوعات المستحقة، ولا يملك عدد كبير من المقترضين الطرق والوسائل المطلوبة للبقاء على اطلاع بقيمة التأمين الخاص بملاك المساكن والضرائب العقارية، والتي ارتفعت في العديد من أجزاء الدولة. وفي الوقت نفسه، اعتاد المقترضون الحصول على أكبر قدر متاح من الأموال، والذي عادة ما يستخدمونه في دفع أي مبالغ متبقية. غير أن أسعار المساكن مستمرة في الهبوط.

«نحن على أرضية جديدة هنا»، هكذا قال فرانكلين كوديل، رئيس قسم إقراض المستهلك الوطني ببنك «ويلز فارغو». وأضاف: «مع هبوط أسعار المساكن، تصل إلى نقطة يصبحون مدينين فيها بمبلغ أكبر من قيمة المنزل ويولد ذلك مخاطرة بالنسبة لنا كمقدمي رهونات عقارية وأيضا بالنسبة لوزارة الإسكان والتنمية المدنية». كان يشير هنا إلى هذه الوزارة، حيث إن إدارة الإسكان الفيدرالية التابعة لها تقوم بتأمين غالبية تلك القروض من خلال برنامج رهونات تحويل الأصول العقارية الخاص بها.

ونتيجة لذلك، تشهد البنوك ارتفاعا في حالات العجز عن السداد، والتي يعجز فيها ملاك المنازل عن دفع الضرائب أو قيمة التأمين، وهما الأمران الأساسيان اللازمان لتجنب حبس الرهن. ووفقا لمؤسسة «ريفرس ماركت إنسايت»، فإن نسبة تتراوح ما بين 4 إلى 5 في المائة من الرهونات العكسية النشطة، أو نحو 25,000 إلى 30,000 مقترض، تعاني من عجز في سداد عنصر واحد على الأقل من تلك العناصر.

في الوقت نفسه، ذكر «بنك أوف أميركا» أن انخفاض أسعار المساكن أدى بالتبعية إلى تقليل عدد الأفراد المخول لهم الحصول على رهونات عقارية عكسية. من ثم، قرر نقل نصف من يعملون في معاملات الرهونات العقارية إلى قسم تعديل القروض داخله، والذي تم انتقاده بسبب عجزه عن مساعدة العدد الكافي من ملاك المنازل الذين هم على وشك حبس رهونات عقارية.

وعلى الرغم من ذلك، فإنه بالنسبة لبنك «ويلز فارغو»، كان العجز عن تقييم الوضع المالي للمقترضين أكبر عامل من شأنه أن يدفع مثل هذه المعاملات. فأي شخص أكبر من سن 62 عاما ويمتلك الأصول العقارية الكافية يمكنه الحصول على رهن عقاري عكسي، بصرف النظر عن أي دخل آخر له. وتتحدد قيمة المبلغ المالي الذي يتم الحصول عليه بناء على سن المقترض ونسبة الملكية في المنزل وأسعار الفائدة المعمول بها.

وأضاف كوديل من «ويلز فارغو»: «ليس مسموحا لنا كمبتكرين للفكرة برفض أي شخص. عملنا بالتعاون مع وزارة الإسكان والتنمية المدنية بحثا عن حل بديل وعجزنا عن إيجاده، مما أسفر عن هذه النتيجة».

ويطلب من مقترضي الرهونات العقارية العكسية دفع أقساط لتأمين الرهن العقاري، مما يحمي المقرض إذا ما تم بيع المنازل في النهاية بأقل من قيمة الرهن العقاري، نظرا لأن الحكومة ملزمة بدفع الفارق للمقرض. وتمت زيادة معدلات أقساط التأمين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بسبب انخفاض أسعار المساكن (مع أنه تم إلغاء قسط رهن عقاري ضخم يتم دفعه مقدما لجعل القروض أكثر جاذبية لمقترضين بعينهم).

غير أن المقرضين مسؤولون عن دفع الضرائب والتأمين بالنيابة عن المقترضين المتأخرين في السداد إلى أن يرسلوا مطالبة بالتأمين لوزارة الإسكان والتنمية المدنية، والتي تكون حينها مسؤولة نظرا لأنها أمدت بتأمين ضد العجز عن السداد.

وفي يناير (كانون الثاني)، أرسلت وزارة الإسكان والتنمية المدنية خطابا إلى المقرضين ومستشاري الرهونات العقارية العكسية والذي قدم إرشادات حول كيفية إخطار الوزارة بالقروض المستحقة غير المدفوعة، والخطوات التي يمكن أن يتخذها المقرضون لإعادة المقترضين مجددا إلى المسار الصحيح، مثل وضع خطة سداد واقعية يمكن تنفيذها خلال سنتين أو أقل، أو الاستعانة بمستشار رهونات عقارية مصدق عليه من قبل وزارة الإسكان والتنمية المدنية للمساعدة في الوصول إلى حل. وإذا لم يتيسر الوصول إلى مستشار، يتعين على المقرضين حينها البدء في إجراءات حبس الرهن العقاري.

وقد أشار بنك «ويلز فارغو» و«بنك أوف أميركا» إلى أنهما لم يتخذا أي إجراءات خاصة بحبس الرهن العقاري ضد أي مقترضين حتى الآن.

وأشارت مؤسسة مقرضي الرهونات العقارية العكسية الوطنية، المؤسسة العاملة في هذه المعاملات، إلى أنها تعمل مع وزارة الإسكان والتنمية المدنية من أجل الوصول إلى إجراءات من شأنها أن تسمح للمقرضين بتقييم دخل مقترض محتمل ونفقاته، أو على الأقل تلزم ملاك المنازل بتخصيص مبلغ لدفع الضرائب والتأمين. وذكرت متحدثة باسم وزارة الإسكان والتنمية المدنية أن الدليل الإرشادي لا يزال قيد الإعداد. ووفقا للوضع الحالي، فإن المقترضين ملزمون بمقابلة مقرض مصدق عليه من قبل وزارة الإسكان والتنمية المدنية قبل أن يتقدموا بطلب للحصول على رهن عقاري عكسي. وكجزء من تلك العملية، يتم تعريف المستهلكين بأساسيات عمل القروض ومسؤولياتهم، والتي تشمل ضرورة أن يتمتعوا بالقدرة على الاستمرار في دفع الضرائب والتأمين والإبقاء على العقار في حالة جيدة دون أن يكون بحاجة لأي ترميم أو إصلاح.

وقالت سو هانت، مدير قسم استشارات الرهونات العقارية العكسية بشركة «كريدابيليتي»، شركة استشارات تسليف المستهلكين غير الربحية: «نحن لا نملي على المستهلكين القرار الذي يتعين عليهم اتخاذه، لكننا نحاول منحهم الأدوات التي من شأنها أن تساعدهم في اتخاذ القرار». وأضافت أن الجلسات الاستشارية التي يقدمونها تمتد لمدة ساعة و15 دقيقة في المتوسط. كما يفحص المستشارون أيضا ميزانية العميل لتحديد ما إذا كانت تكفي لسداد قيمة الرهن العقاري، فضلا عن الظروف التي يحتمل أن تنشأ والتي قد تبعد المقترض عن المسار الصحيح.

وأضافت: «هناك عوامل خارجية تؤثر على المقترضين الذين اعتقدوا منذ خمس أو سنوات مضت أنهم كانوا في حالة جيدة. وقد تغير العالم بدرجة ما من حولهم».

وفي الأيام الماضية، كان بوسع المقترض الحصول على الرهن العقاري العكسي وكان من المتوقع أن تستمر قيمة الأصل العقاري في الزيادة، بحسب خبراء، الأمر الذي من المفترض أن يزود المقترضين بمزيد من الخيارات - مثل إعادة التمويل - في حالة عجزهم عن السداد في الأوقات الصعبة. وقد أدى هبوط أسعار المساكن إلى تغيير تلك الحسابات بالنسبة لكل من المصرفيين والعملاء. فلم يكن المقترضون قادرين على سحب قدر كبير من الأموال. في الوقت نفسه، شددت الحكومة أيضا إجراءات الانسحاب التي تطبقها.

وكان إجمالي عدد الرهونات العقارية العكسية يزيد عن 50,000 رهن عقاري، تقدر قيمتها مجتمعة بـ12,66 مليار دولار، الأمر الذي وسع نطاق هذه المعاملات منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، وفقا لوزارة الإسكان والتنمية المدنية.

وسيستمر بنك «ويلز فارغو» و«بنك أوف أميركا» في تقديم خدمات الرهونات العقارية العكسية الحالية. وقد ذكرت مؤسسة الرهونات العقارية العكسية أنها ستعمل مع أعضائها من أجل ضمان أن المواطنين رفيعي المستوى الذين يحتاجون لقروض يمكنهم الحصول عليها، على الرغم من أن بعض الخبراء ذكروا أن قلة المنافسة يمكن أن تؤدي لزيادة الرسوم.

وقال جون لوند، رئيس مؤسسة «ريفرس ماركت إنسايت»: «هناك عدد معين من المعاملات يجريه بنك ويلز وبنك أوف أميركا والذي يتم بسبب أقسامهما المصرفية واسميهما التجاريين البارزين وقوى مبيعاتهما الضخمة». وأضاف: «نتوقع أن تمتص الصناعة أكثر من نصف حجم معاملاتهم، مع عدم إتمام نسبة أقل من نصفها».

ويوظف بنك «ويلز فارغو»، الذي ذكر أن الرهونات العقارية العكسية تمثل نسبة 2,2 في المائة من القروض العقارية، نحو 1,000 موظف في مجال معاملات الرهونات العقارية العكسية. ويتم منحهم الفرصة للعثور على وظائف أخرى داخل البنك. وأشار «بنك أوف أميركا» إلى أن نحو نصف قوته العاملة البالغة 600 موظف قد تم تغيير وظائفها داخل البنك. ورفضت شركة «ميت لايف»، ثالث أكبر مزود للرهونات العقارية العكسية، التعليق على معاملاتها.

* خدمة « نيويورك تايمز»