وزير السياحة المصري يؤكد أن «النزيف الحاد» توقف والقطاع بدأ مرحلة التعافي

قال لـ «الشرق الأوسط»: إن حجم خسائر القطاع بلغ 2.2 مليار دولار بين يناير ومايو

منير فخري وبندر آل فهيد خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد مؤخراً في جدة (تصوير: سلمان المرزوقي)
TT

قدر مسؤول مصري رفيع المستوى حجم انخفاض أعداد السياح الذين زاروا مصر في شهر فبراير (شباط) الماضي بنحو 80%، في حين بدأ ذلك الانخفاض في التحسن بعد أن وصل المعدل خلال شهر مارس (آذار) من العام الحالي إلى 60%، بينما سجل نسبة تقدر بنحو 35% لشهر أبريل (نيسان) الماضي، وذلك بالمقارنة للمدة نفسها من العام 2010، متوقعا عودة أعداد السياح إلى سابق عهدها اعتبارا من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.

وكشف منير فخري عبد النور، وزير السياحة المصري رئيس الدورة الـ13 للمجلس الوزاري العربي للسياحة، عن بلوغ حجم الخسائر التي طالت السياحة المصرية في الفترة بين شهري يناير (كانون الثاني) ومايو (أيار) من العام الحالي نحو 2.2 مليار دولار، وذلك مقارنة بحجم السياحة في مصر للفترة نفسها من العام الماضي.

وقال، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بلغ عدد السياح العرب الذين زاروا مصر العام الماضي نحو 2.1 مليون سائح، من بينهم 400 ألف سائح سعودي، إلا أننا نعمل حاليا على طمأنة السياح في ظل رفع حظر التجوال تأكيدا على الأوضاع الأمنية المستقرة بمصر».

وأشار إلى أن انخفاض معدلات السياح في مصر جاء نتيجة تأثر السياحة بالحالة الأمنية التي كانت سائدة بالبلاد، غير أن الأمن حاليا بات مستقرا تماما ومستتبا في كل ربوع الجمهورية المصرية، بحسب قوله.

واتهم وزير السياحة المصري رئيس الدورة الـ13 للمجلس الوزاري العربي للسياحة وسائل الإعلام بمبالغتها، التي وصفها بـ«الكبيرة»، في نقل الأحداث التي شهدتها مصر بعد الثورة، وذلك نتيجة رغبتها في البحث عن الإثارة والانتشار وزيادة مبيعات الصحف وغيرها، مؤكدا أن تلك المبالغة مضرة للغاية جرَّاء الآثار السلبية الخطيرة الناجمة عنها.

جاء ذلك خلال زيارة منير فخري عبد النور، أول من أمس، لمقر المنظمة العربية للسياحة بجدة، التي تهدف إلى تأكيد الاهتمام بأعمال المنظمة والسياحة البينية العربية، في ظل مرور عدد من الدول العربية بظروف اعتبرها «استثنائية»، مما ستؤدي إلى انخفاض التدفق السياحي للدول التي تشكل فيها السياحة ركنا مهما من أركان اقتصادها.

وشدد، خلال زيارته، على ضرورة تنشيط السياحة البينية بين الدول العربية وتضافر الجهود بهدف الخروج من الأزمة في تلك الدول، داعيا السعوديين إلى زيارة مصر خلال موسم الصيف وشهر رمضان المقبلين.

إلى ذلك، كشف الدكتور بندر آل فهيد، رئيس المنظمة العربية للسياحة، عن وصول معدلات نمو السياحة في دول العالم إلى 6%؛ حيث يبلغ حجم السياحة العالمية ما يقارب 973 مليون سائح لم تستقطب منه الدول العربية سوى 23 مليونا فقط، لافتا إلى وجود خطة ضمن التعاون العربي - التركي من أجل تنشيط السياحة العربية.

لكنه استدرك قائلا: «إن التعاون العربي في مجال السياحة يعتبر جيدا في ظل وصول حجم القطاع السياحي بين الدول العربية إلى 45% من إجمالي مجالات التعاون، بينما لا يتجاوز حجم التجارة البينية فيما بينها 12%»، موضحا وجود قرارات على مستوى قادة الدول العربية يتم السعي إلى تفعيلها وتطبيقها ودعم القطاع السياحي من خلالها.

وأعلن عن برنامج تم الاتفاق عليه مؤخرا بين كل من المنظمة والبنك الإسلامي للتنمية يتمثل في إطلاق صندوق للحد من الفقر والبطالة على مستوى العالم العربي من خلال تنمية المجتمعات المحلية، الذي سيتم تخصيصه للأقاليم العربية، مبينا أنه يستهدف المدن الفقيرة التي لم تحظَ بالتنمية، غير أنها تمتلك مقومات للسياحة.

وأضاف: «سيتم عن طريق الصندوق تمويل تلك المدن لإنشاء موتيلات صغيرة ومطاعم، إضافة إلى تدريب وتأهيل أبناء المناطق»، معتبرا أن ذلك المشروع ضخم وكبير على أن يكون مقره في مصر بعد الحصول على موافقة الحكومة المصرية لينطلق فيما بعد إلى جميع الدول.

وأبان رئيس المنظمة العربية للسياحة أنه سيتم البدء في تطبيق بوليصة التأمين بمصر، التي تعطي ضمانا للمستثمر ضد أهم المخاطر من اضطرابات سياسية أو عدم التزام بالقروض، مشيرا إلى أن تلك البوليصة تشجع المستثمر في أي دولة عربية، مما يحتم ضرورة إقرار تطبيقها بشكل كامل على أرض الواقع خلال شهر سبتمبر المقبل.

وزاد: «يندرج إطلاق بوليصة التأمين ضمن اتفاقية كبيرة تم توقيعها منذ نحو عامين مع البنك الإسلامي للتنمية، وتنص على التمويل والاستثمار في المشاريع الاستراتيجية التي تتبناها المنظمة مع الدول العربية، إضافة إلى ضمان الاستثمار وائتمان الصادرات»، مؤكدا أن السياحة دخل قومي لا تمكن الاستهانة به كونها قادرة على الحد من الفقر والبطالة في دول العام العربي.

وبالعودة إلى وزير السياحة المصري رئيس الدورة الـ13 للمجلس الوزاري العربي للسياحة، فقد ذكر أن ملتقى تنشيط السياحة العربية المنعقد في شرم الشيخ، خلال شهر أبريل الماضي، خرج بتوصية تنص على تشكيل لجنة مشتركة من المنظمة وجامعة الدول العربية وممثلين لوزارتي السياحة في مصر وتونس، من أجل تقديم توصيات كفيلة بحل المشكلات التي تواجه السياحة العربية، مشددا على ضرورة تفعيل اللجنة بشكل سريع.

واستطرد: «في هذه المرحلة يجب تأكيد أهمية السياحة العربية والاهتمام بالتدريب والتأهيل بهدف رفع مستوى الخدمات السياحية العربية والارتقاء بها، إلى جانب زيادة أسعارها، لا سيما أنها في أغلب الدول العربية تباع بأسعار متدنية نسبيا، مقارنة بالدول الأخرى سواء في الغرب أو الشرق».

وفيما يتعلق بإشكاليات الاستثمارات الأجنبية في مصر بعد أحداث الثورة، أفاد منير فخري عبد النور بوجود سوء فهم، خصوصا أن الحكومة المصرية وسياستها تقف خلف المستثمرين الجادين، مبينا أنها ستعمل ما في وسعها لتذليل جميع العقبات التي قد تعترضهم. وقال: «إن سياسة تشجيع الاستثمار الأجنبي والعربي أولا مستمرة، إلى جانب استمرار الاستثمار الخاص في التنمية السياحية، إلا أن هناك بعض الأسئلة التي طرحت حول تصرفات لمسؤولين سابقين في الحكومة المصرية لم يحترموا القانون واللوائح، غير أن الذي يسأل عن تلك التصرفات هو المسؤول المصري نفسه»، لافتا إلى أن المستثمر العربي أو الأجنبي حسن النية، مما دفع بالحكومة إلى اتخاذ قرار حل جميع المشكلات المتعلقة بالاستثمارات على أساس مبدأ «العقد شريعة المتعاقدين»، فضلا عن احترام وحماية مصالح المستثمرين العرب والأجانب في مصر.

وحول حجم الاستثمارات السعودية في القطاع السياحي بمصر، بيَّن وزير السياحة المصري رئيس الدورة الـ13 للمجلس الوزاري العربي للسياحة عدم وجود تقدير دقيق لها، إلا أنها كبيرة جدا، وذلك من منطلق أعداد الفنادق القاهرية وغير القاهرية المملوكة للسعوديين. وأضاف: «هناك أيضا استثمارات سعودية على ساحل البحر الأحمر؛ حيث إنه تم اللقاء مع عدد من المستثمرين السعوديين ممن يمتلكون قرى سياحية كبيرة في هذا المجال»، موضحا أن فندق شيراتون الغردقة في سبيله إلى حل جميع الإشكاليات التي واجهته، ومن ثم إعادة تأهيله وتشغيله بطاقة فندقية إضافية.

وبالنسبة للتسهيلات التي من الممكن تقديمها للمستثمرين الأجانب في مصر بغرض تشجيع هذا المجال، أوضح منير فخري عبد النور أن هيئة التنمية السياحية المنوط بها بيع الأراضي الراغبة في تنميتها سياحيا ستستمر في عرضها بأسعار جاذبة، والتي تختلف من منطقة إلى أخرى بحسب مستوى تنميتها والبنية الأساسية المتوافرة بها، فضلا عن الرغبة الأكيدة للإدارة المصرية بوزاراتها المختلفة من أجل الوقوف مع المستثمرين وتذليل جميع العقبات التي تعرقل وجودهم أو تعترضهم.

يشار إلى أن الدكتور بندر آل فهيد كان قد ذكر في مارس الماضي أن المستثمرين السعوديين يملكون نحو 4 مليارات ريال (1.067 مليار دولار) من الاستثمارات في القطاع السياحي المصري.