القلق يجتاح الأسواق في أعقاب تبخر آمال عملية إنقاذ سريعة لليونان

اللون الأحمر يسيطر على مؤشرات الأسواق.. والدولار يرتفع والذهب يتألق

TT

تبخرت الآمال أمس في توصل مسؤولي الاتحاد الأوروبي إلى صفقة سريعة لإنقاذ اليونان عبر الموافقة على القسط الأخير البالغ قيمته 12 مليار يورو (نحو 17 مليار دولار) من أموال خطة الإنقاذ البالغة 110 مليار يورو، مخاوف واسعة من أن اليونان قد تتخلف عن سداد بعض الديون. وأدت هذه المخاوف إلى موجة من الذعر في أسواق الأسهم الأوروبية والعالمية، حيث تحولت مؤشرات الأسهم العالمية إلى الأحمر في كل من لندن وباريس وفرانكفورت وطوكيو، كما افتتحت الأسهم الأميركية على انخفاض وارتفع سعر الذهب مستفيدا من حالة عدم اليقين في أوروبا، كما انخفض سعر النفط بسبب احتمالات تباطؤ نمو منطقة اليورو واحتمالات تباطؤ الطلب النفطي مقارنة بالتوقعات السابقة. وفي لكسمبورغ، أعلن رئيس مجموعة وزراء مالية منطقة اليورو جان كلود يونكر أمس الاثنين، أن وزراء المجموعة سيعقدون اجتماعا استثنائيا في الثالث من يوليو (تموز) لوضع اللمسات الأخيرة على خطة المساعدة المالية لليونان التي تعتبر عاملا ضروريا لتجنيب البلاد الإفلاس. وقال يونكر «قررت دعوة مجموعة وزراء مالية منطقة اليورو إلى اجتماع استثنائي الأحد في 3 يوليو». وأعرب عن أمله أن يقر البرلمان اليوناني قبل هذا الاجتماع خطة التقشف الحكومية الجديدة المثيرة للجدل، وهو ما اشترطه الدائنون الدوليون على اليونان لتقديم أي دفعة مالية للبلاد. كما أبدى رغبته في أن يتم الانتهاء بحلول هذا الموعد من وضع الخطوط العريضة لخطة القروض الجديدة لليونان على المدى الطويل. واتفق وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي على تعديل معاهدة لشبونة لتسمح بإنشاء صندوق دعم دائم قادر على منح قروض بقدرة 500 مليار يورو لدول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات مالية. وقال يونكر في مؤتمر صحافي «لقد اتفقنا على أن تضع دول منطقة اليورو آلية أوروبية للاستقرار». وأضاف «ستكون طاقتها الفعلية على الإقراض 500 مليار يورو تكملها مساهمة صندوق النقد الدولي». وتعد هذه الآلية نوعا من صندوق نقد أوروبي يحل محل الصندوق الدائم الذي أنشئ العام الماضي بشكل مؤقت لثلاثة أعوام واستخدم بالفعل لمساعدة اثنتين من دول منطقة اليورو تواجهان صعوبات، هما آيرلندا والبرتغال.

وأوضح يونكر أن هذا الصندوق وإن كان في المقام الأول إدارة للدول التي تشترك في العملة الأوروبية، فإن «الدول غير الأعضاء في منطقة اليورو، يمكن أيضا أن تشارك فيه».

وفي نيويورك، تراجعت الأسهم الأميركية عند الفتح أمس متأثرة بأزمة الديون الأوروبية، وابتعد المستثمرون عن الأصول عالية المخاطر. وانخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى 28.15 نقطة أو 0.23 في المائة إلى 11976.21 نقطة. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأوسع نطاقا 3.42 نقطة أو 0.27 في المائة إلى 1268.08 نقطة. وهبط مؤشر «ناسداك» المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 7.13 نقطة أو 0.27 في المائة إلى 35ر2609 نقطة.

وفي أسواق المعادن الثمينة، فقد الذهب مكاسبه أمس مع تحسن الدولار، لكن المعدن النفيس ظل يستمد دعما من مشاكل ديون منطقة اليورو بعد تأجيل الوزراء قرارا بشأن قروض طارئة إلى اليونان. وبحلول الساعة 11.25 بتوقيت غرينتش، سجل السعر الفوري للذهب 1536.12 دولار للأوقية «الأونصة» مقارنة مع 1538.16 دولار في أواخر معاملات نيويورك يوم الجمعة، عندما ارتفع فوق 1541 دولارا محققا أكبر مكاسبه ليوم واحد منذ مايو (أيار). وما زال الذهب دون أعلى مستوى له على الإطلاق عند نحو 1575 دولارا الذي لامسه في أوائل مايو. وقال روبن بار، المحلل لدى «كريدي أجريكول» «إنها عملية جس نبض ولن تحدث حركة كبيرة في أي اتجاه قبل أن تتضح الرؤية أكثر بشأن ما سيحدث لليونان». وينتظر المستثمرون إعلان لجنة السوق المفتوحة الاتحادية بشأن أسعار الفائدة الأميركية غدا الأربعاء وهو القرار الذي قد يضغط على الدولار. وسجلت أسعار الذهب بالجنيه الإسترليني مستوى قياسيا مرتفعا عند 954.63 جنيه للأوقية «الأونصة» في معاملات أمس. وتراجعت الفضة إلى 35.46 دولار للأوقية من 35.80 دولار لتظل دون مستواها القياسي المرتفع 49.51 دولار للأوقية المسجل في أبريل (نيسان). وسجل البلاتين أدنى سعر له منذ أواخر مارس (آذار) عند 1728.20 دولار للأوقية. ثم بلغ في وقت لاحق 1734 دولارا مقارنة مع 1750.65 دولار للأوقية. وتحتاج اليونان إلى أموال لتجنب التخلف عن التسديد الشهر المقبل. لكن قبل التصويت على الثقة بحكومة جورج باباندريو المعدلة اليوم الثلاثاء، قال رئيس منطقة اليورو جان كلود يونكر إنه «من الواضح» أن الالتزامات بتقديم المزيد من الأموال لا يمكن إصدارها قبل ضمان دعم البرلمان اليوناني لتقشف مشروط. وقال يونكر «شددنا بإصرار على ضرورة تحرك الحكومة اليونانية قبل نهاية الشهر الحالي لإقناعنا بأن جميع الالتزامات الصادرة عن السلطات اليونانية مستوفاة»، في إشارة إلى المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

وأثارت خطة موازنة مثيرة للجدل إلى أعمال شغب شعبية، حيث شملت تقشفا ضريبيا لإنتاج 28.4 مليارات يورو وتعهد بجمع 50 مليارا من الخصخصة مع حلول عام 2015. وتابع يونكر «علينا الانتظار حتى التصويت النهائي على البرنامج» بينما «يتطور الوضع السياسي». وتابع «ما زلنا نشعر بالحاجة إلى اتفاق بين الأطراف اليونانية الرئيسية»، على الرغم من تعهد وزير المالية الجديد إيفانغيلوس فنيزيلوس «يمكننا إنجاز أهدافنا». وتابع وزراء منطقة اليورو «إن موافقة المشرعين على الخطة وحدها ستمهد للتمويل التالي مع منتصف يوليو»، حيث ستصرف حكومات دولة اليورو 8.7 مليارات يورو و3.3 مليارات من صندوق النقد الدولي. لكن الوزراء شددوا على حاجة اليونان تاليا إلى «تطبيق صارم ودقيق» لوعودها. وأضافوا في بيان «نظرا إلى طول وحجم وطبيعة الإصلاحات المطلوبة في اليونان، فإن الوحدة الوطنية شرط مسبق للنجاح».

وفي مؤشر إلى حجم المخاوف الدولية حيال الأزمة المالية المتجددة، أجرى وزراء مالية مجموعة السبع، أي: بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة، اتصالا هاتفيا ليليا لمناقشة الأزمة المالية اليونانية. وقال الوزراء بعد اختتام اجتماعهم قبيل افتتاح الأسواق الآسيوية، إن المصارف وصناديق التقاعد والضمان مدعوة إلى المساهمة «في تمديد طوعي وغير رسمي» للديون الموجودة بعد سنوات على حلول آجالها الأصلية. غير أن الحكم الأولي من أسواق آسيا لم يكن مشجعا على الإطلاق، حيث تراجع اليورو مقابل الدولار في ظاهرة فسرها المتعاملون بأنها تعكس التشكيك المتواصل في عملية الإنقاذ.

وتراجع اليورو إلى 1.4235 دولار في مداولات بعد الظهر في طوكيو، بينما بلغ 1.4301 دولار في نيويورك مساء الجمعة. كما تراجع من114.46 ين إلى 114.11 ين. ويسعى القادة الأوروبيون إلى الاتفاق في قمة هذا الأسبوع على الخطوط العريضة لخطة الإنقاذ الجديدة المرتقبة في الخريف. وترمي الخطة إلى تجنيب اليونان تقلبات أسواق المال التجارية حتى نهاية 2014. ويأملون بذلك حماية بلجيكا وإيطاليا من الغرق في دوامة نسب الفوائد الرادعة. وأفاد مصدر دبلوماسي بأن الخطة كانت طوال الأسبوع ضمان تعويم اليونان مع تجربة ردود فعل السوق.