وزير السياحة المصري يؤكد لـ«الشرق الأوسط» إلغاء تأشيرات الدخول لجميع السياح العرب.. قريباً

قال: الحياة في مصر اليوم طبيعية أكثر مما كانت عليه قبل 25 يناير.. والسعوديون يمثلون 20% من السياح العرب

وزير السياحة المصري منير عبد النور
TT

أكد وزير السياحة المصري لـ«الشرق الأوسط» أن الحياة في مصر اليوم طبيعية أكثر مما كانت عليه قبل 25 يناير، وذلك عند قدومه أمس إلى الأراضي السعودية لبحث استمرار التعاون في مجالات السياحة والتراث العمراني ما بين وزارة السياحة المصرية والهيئة العامة للسياحة والآثار السعودية.

ودعا وزير السياحة في جمهورية مصر العربية منير عبد النور السياح في المملكة العربية السعودية لزيارة مصر في فترة الصيف والإجازات، مؤكدا استتباب الأمن والاستقرار في مصر على عكس الصورة والانطباع السائد هنا في المملكة من حيث التخوف من قضاء إجازة هذا الصيف على الأراضي المصرية.

وأضاف: «هناك مباحثات تجري حاليا مع وزارة الداخلية والسلطات المصرية، وأعتقد أنها ستستجيب لطلبنا المتمثل في إلغاء تأشيرات الدخول لجميع السياح العرب شرقا أو غربا، وعند رجوعي إلى مصر سيكون هناك اجتماع مع المسؤولين في وزارة الداخلية لتسهيل دخول السياح عبر المنافذ، لأنه في السابق يوجد إجراءات تُعتبر مضيعة للوقت، وهذا ينطبق على دخول المركبات واليخوت».

«الشرق الأوسط» أجرت حوارا مطولا مع وزير السياحة المصري خلال زيارته الرسمية الأولى للمملكة العربية السعودية بعد توليه المنصب، معتبرا أن السياح القادمين من السعودية يمثلون 20 في المائة من مجمل السياح العرب القادمين إلى مصر، حيث بلغ عدد السياح السعوديين 400 ألف سائح خلال 2010، مضيفا أن مجمل السياح العرب في نفس العام بلغوا أكثر من مليوني سائح، علما بأن العدد الإجمالي للسياح القادمين إلى جمهورية مصر العربية العام الماضي بلغ 14 مليونا و800 ألف سائح.

وأضاف وزير السياحة المصري أن المستثمرين السعوديين في القطاع السياحي بمصر كثيرون، خصوصا المستثمرين في قطاع الفنادق والمنتجعات السياحية الواقعة على ساحل البحر الأحمر وشرم الشيخ والمملوكة لسعوديين، معتقدا أنها تمثل الركن الأساسي من الاستثمارات السياحية في مصر.

وأكد في الوقت نفسه اتخاذ الكثير من الإجراءات اللازمة للرقابة الصارمة على الفنادق ووضع خط ساخن ومعلن لوزارة السياحة من حيث صدور أي شكوى للمبالغة في الأسعار والتبليغ واتخاذ الإجراءات الفورية لمواجهة الفنادق التي تتبع الأساليب المخالفة والمتمثلة في زيادة الأسعار على السياح السعوديين والخليجيين.

وإلى نص الحوار:

• كيف تصف لنا السياحة اليوم في مصر بعد أحداث 25 يناير؟

- الحياة في مصر اليوم طبيعية كما كانت قبل 25 يناير، وإن لم يكن الأمر كذلك لما رُفع حظر التجوال، لكن البعض يصور ما حدث على أنه حدث استثنائي تم تضخيمه والمبالغة في وصفه، الأمر الذي أدى إلى الإضرار بأمن مصر وبفرص النهوض بالسياحة المصرية، حيث إن السياحة ركن أساسي للاقتصاد المصري، وبدوره فإن الاقتصاد ركن أساس للأمن المصري.

• كيف تطمئن السائح السعودي على وجه التحديد والسائح العربي بصفة عامة حول تخوفهم من زيارة مصر هذه الفترة؟

- أقول لهم: مصر آمنة في كل ربوعها.

• ولكن حينما سألك رئيس المجلس العسكري عن السياحة ومتى تعود، أجبت في حينها أن اسألوا وزير الداخلية، هل هذا صحيح؟

- نعم، صحيح.

• إذن المشكلة قائمة وأنت تعترف بذلك؟

- هذه المقولة لن تكون صحيحة طوال الوقت، وهذه المقولة سُئلت عنها في 7 مارس (آذار) الماضي، والإجابة كانت في نفس اليوم، والآن نحن في 20 يونيو (حزيران)، وما بين هذين التاريخين هناك مياه كثيرة جرت تحت كباري القاهرة، والأمور تغيرت تماما.

• ما الذي تغير من وجهة نظرك؟

- لقد تم إعادة بناء أجهزة الشرطة وعادت الشرطة في شوارع القاهرة، والشرطة السياحية تحمي جميع المناطق الأثرية، بل كل الفنادق في مصر من أدناها إلى أقصاها، والدليل أنه من 25 يناير إلى اليوم والحمد لله لم يحصل لأي سائح موجود هذه الفترة إي عنف أو شتم، بل على العكس من ذلك، لقي كل الترحيب من أهل مصر والحكومة المصرية.

• إذن لماذا كل هذا التهويل والأقاويل التي نسمعها عن خطر السياحة في مصر هذه الفترة؟

- هناك من يحكي القصص ويضخم ويبالغ، لدرجة أن الناس هنا صدقت ما قيل، ولدرجة أنني عندما أتيت هنا إلى السعودية سمعت من يقول إنه لن ينزل إلى مصر لخوفه على أسرته، وهذا لم يأتِ إلا من الإعلام وتشويه الصورة.

• الشعب المصري رحب بك كوزير للسياحة والكل متوقع منك الكثير، ما رؤيتك لمعالجة أكبر أزمة سياحية تمر بها مصر على مر التاريخ، وما الذي يمكن أن تفعله في المستقبل؟

- آفاق المستقبل مفتوحة بلا حدود، والرقم المعلن عن دخول السياح العام الماضي 14 مليونا و800 ألف، والنمو السياحي الذي طرأ على مصر خلال السنوات العشر الماضية والمعلن بنسبة 71 في المائة هو أكبر نمو في الأعداد التي شهدتها مصر.

- أما في تقديري فإن الهدف من السياحة ليس زيادة عدد السائحين فقط، بل يجب أن يكون الهدف من السياحة هو زيادة الإيراد السياحي، وهو متوقف على العدد وأسعار الخدمات السياحية، ثم إن هذه الزيادة وهذه النهضة لها قيود، حيث لا بد من الأخذ في الاعتبار المحافظة على البيئة والتراث الأثري لكي تكتمل النهضة السياحية في مصر.

• ما الذي ستفعله وزارتك لزيادة إيرادات السياحة في مصر؟

- أولا لا بد من تنويع الأسواق وطَرق أبواب أسواق جديدة مثل الصين والهند والأرجنتين وفيتنام، وكل القوى الاقتصادية الجديدة التي تفرض نفسها على الأسواق العالمية، كون عدد سكانها كثيفا، ولا بد من تطوير السياحة البيئية والعلاجية وسياحة سفاري صحارى، بالإضافة إلى مراجعة تقنيات بعض الأنشطة وتطويرها مثل السياحة النيلية، حيث إن رحلة السياحة على النيل هي أجمل رحلة في العالم، وللأسف قتلناها لأننا زودنا عدد المراكب وبالتالي حصلت منافسة فظيعة وخفضنا الأسعار، وبالتالي تخفيض مستوى الخدمة، وباعتقادي لا بد من إعادة النظر في تنظيم هذه السياحة وتطويرها على مراحل.

• ما المحفزات التي من شأنها جذب السائح السعودي على وجه التحديد؟

- كل ما يتمناه السائح السعودي موجود لدينا، وعلى رأسها الأمن المستتب ورخص الأسعار والخدمة الجيدة، وهذا ما يحتاج إليه أي سائح في العالم. والدليل أن «مصر للطيران» هذا العام ممتلئة بالرحلات (فُل).

• لكن هناك تمييز من ناحية الأسعار التي يعاني منها السعوديون والمتمثلة في المبالغات الكبيرة في أسعار الفنادق، ما الإجراءات التي يمكن اتخاذها لمنع مثل هذه التجاوزات؟

- تم مؤخرا اتخاذ الكثير من الإجراءات اللازمة للرقابة الصارمة على الفنادق ووضع خط ساخن ومعلن لوزارة السياحة المصرية من أجل التبليغ وتقديم الشكوى الخاصة بالمبالغة في الأسعار، وسيتم اتخاذ الإجراءات الفورية لمواجهة الفنادق التي تتبع مثل هذه الأساليب والمتمثلة في زيادة الأسعار على السياح السعوديين والخليجيين عموما.

• ألا تعتقد أن تشجيع السياح السعوديين على التوجه إلى «أم الدنيا» في الوقت الراهن ليست بالفكرة الجيدة، خصوصا أن الأوضاع في نظر الكثيرين لم تستقر بشكل كامل؟

- أطمئن جميع إخواننا السعوديين على وجه التحديد والعرب عموما، وأقول لهم إن «مصر بخير»، والأمن مستتب في ربوعها، خصوصا في مقاصدها السياحية، والدليل على أن مصر بخير أنه لم يحدث حادث واحد في مواجهة أي سائح من يوم 25 يناير حتى اليوم، وهذا بسبب وعي المصريين وتقديرهم للقطاع السياحي باعتباره مصدر رزق للبلد وتقديرهم واحترامهم للسائح لمعرفتهم أنه مصدر خير لهم ولأولادهم وسيفتح لهم ولأولادهم فرص عمل، وعدم حصول أي حدث هو نتيجة وعي ونضج المجتمع المصري الذي يحمي السائحين، وفي عز وقت الثورة هناك من يحمل لافتات تطالب السياح بعدم مغادرة البلاد وبوعد من المتظاهرين من الثوار بحماية السياح.

• وماذا عن الترتيبات الأمنية التي تتخذها الدولة لضمان حماية السائح؟

- تم إعادة بناء الشرطة المصرية التي تأثرت بالأزمة، ولكن الشرطة السياحية على وجه التحديد لم تتأثر بما حصل، وهي تحمي كل سائح تطأ قدمه الأراضي المصرية، كما أنها فرصة للسائح أن يأتي اليوم لتدني الأسعار وارتقاء الخدمة، لأن عدد السياح قلّ والاهتمام بالسائح سيزيد سواء في فندق أو مطعم أو على شاطئ البحر، مما يعني خدمة أفضل وأسعارا أقل وأمنا مستتبا وشعبا مضيافا تواقا لاستقباله، فما الذي ينقص السائح للمجيء إلى مصر؟

• ما الضمانات الأمنية التي من الممكن أن تقدمها الحكومة المصرية للسائح العربي أو الأجنبي؟

- مهما أقل لك الآن فلن أقدر أن أقنعك، لأنه لا بد أن ترى بنفسك الحالة الأمنية الجيدة أو إرسال أحد الأشخاص لمشاهدة ما يحصل، أو سأصور لك السياح لدينا في المقاصد السياحية في مصر وبماذا يتمتعون، وهم سوف يشهدون بما يرونه من أمن وعودة المستثمر الذي هو لم يغادر بالأصل ولكن خفف من نشاطه.

• هل تتوقعون عودة المستثمر السعودي بقوة بعد هذه الأزمة؟

- المستمر السعودي لم يرحل، وعدد المشروعات الجديدة التي قدمت إلى هيئة التنمية السياحية كثيرة، وأيضا زيادة عدد المستثمرين السعوديين الذين تقدموا بطلبات لرفع الطاقة الاستيعابية لقطاعات الإيواء السياحي، والمستثمر السعودي لم يرحل ولم يتأثر.

• هل تعتقد أن الإعلام المحلي في مصر لم ينقل الصورة الصحيحة عن الوضع الاستثماري في البلد؟

- الإعلام لم ينقل الرسالة التي وجهتها نقلا أمينا وسليما، والحكومة المصرية تقف وراء كل مستثمر جاد في قطاع السياحة، والحكومة المصرية ملتزمة باحترام كل العقود التي أبرمتها مع المستثمرين وتعتبر أن العقد شريعة المتعاقدين، والحكومة المصرية تسعى جاهدة لتذليل كل العقبات التي تعترض المستثمر الجاد سواء كان سعوديا أو عربيا أو أجنبيا لإقامة مشروعه أو إدارته أو جني ثماره.

• برأيك ما سبب تدني الأسعار هذه السنة بعيدا عن الأزمة؟

- أسباب تدني الأسعار اليوم باعتقادي يرجع إلى سوء التخطيط، بسبب زيادة العرض بشكل غبر معقول في المناطق، حيث إن العرض فاق نمو الطلب، وبالتالي تدنت الأسعار وبالتحديد منطقة الغردقة، والعملية برمتها بحاجة إلى التنمية السياحية والمتابعة الدقيقة للموازنة بين العرض والطلب، وفي حالة اختلال هذه المعادلة فإنها سوف تتأثر بانخفاض الأسعار أو زيادتها، وفي الحالتين النتيجة غير مرضية.

• دعنا نتحدث عن السائحين العرب عامة وإمكانية دخولهم من غير استخراج تأشيرة دخول، الأمر الذي سيزيد أعدادهم وبالتالي زيادة الناتج المحلي للسياحة في مصر، ماذا تم بهذا الخصوص؟

- نحن الآن نحاول، وأعتقد أن وزارة الداخلية والسلطات المصرية ستستجيب لطلبنا لإرجاء تأشيرات الدخول لجميع السياح العرب شرقا أو غربا، وعند رجوعي إلى مصر سيكون هناك اجتماع مع المسؤولين في وزارة الداخلية لتسهيل دخول السياح عبر المنافذ، لأنه في السابق توجد إجراءات تعتبر مضيعة للوقت، وهذا ينطبق على دخول المركبات واليخوت.

• كم تتوقع عدد السائحين القادمين إلى مصر خلال صيف 2011؟

- أتوقع أن عدد السياح لهذه السنة يزيد عن 10 ملايين سائح وزيادة الدخل السياحي عن 12 مليار دولار.