قمة الاتحاد الأوروبي تناقش أزمة اليونان.. من دون اتخاذ قرارات

وزير المالية اليوناني الجديد أجرى مفاوضات مع الدائنين

ضغوط على رؤساء الاتحاد الأوروبي لحسم أزمة الديون اليونانية
TT

اختتم ظهر أمس (الخميس) وزير المالية اليوناني الجديد إيفانجيلوس فينيزيلوس، اجتماعا حاسما مع خبراء لجنة الترويكا الممثلة في صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حول بنود المذكرة الموقعة بين الدائنين واليونان، وكان الهدف من الاجتماع تخفيف مطالب الدائنين المسجلة في المذكرة بخصوص التدابير التقشفية تجاه الشعب اليوناني لا سيما حول رفع الضريبة المضافة وتخفيض المعاشات. ومن المقرر أن يلتقي فينيزيلوس لاحقا مع لجنة الشؤون المالية لحزب الباسوك الاشتراكي، وخلال الاجتماع تتم مناقشة ما تم التوصل إلية مع خبراء الترويكا في محاولة لتجنب تسرب أصوات أعضاء البرلمان التابعين للحزب الاشتراكي الحاكم، أثناء التصويت على الخطة متوسطة الأجل التي تتضمن الإجراءات التقشفية الجديدة والتي من المقرر أن يتم التصويت عليها في البرلمان في وقت لاحق من الشهر الحالي.

وبموجب المذكرة الموقع عليها بين الدائنين واليونان، والمندرجة في الخطة، فيجب على الحكومة اليونانية توفير مبلغ 6.5 مليار يورو حتى نهاية العام الحالي 2011، أو 23 في المائة من إجمالي التدابير الاستراتيجية المالية المدرجة في خطة 2011 إلى 2015، وبالتالي تخفيض سقف الإعفاءات الضريبية بهدف تحصيل 2.45 مليار يورو.

كما تتضمن المذكرة أيضا زيادة ضريبة القيمة المضافة من 13 في المائة إلى 23 في المائة، التي تحقق دخلا نحو 300 مليون يورو، وتعديل الضريبة العقارية بدخل 500 مليون العام الحالي و1.21 مليار حتى عام 2015، ودخل 150 مليون يورو زيادة ضريبة على اليخوت، و250 مليونا من الكحوليات، و100 مليون من زيادة ضريبة الطرق، و100 مليون من ضريبة السيارات، و100 مليون عن طريق فرض ضرائب على المعاملات المالية. ومن المقرر إدراج الأزمة المالية اليونانية على قمة الاتحاد الأوروبي المنعقدة حاليا في بروكسل، ولكن من دون اتخاذ أي قرارات بشأن اليونان المثقلة بالديون، ويشارك جورج باباندريو رئيس الوزراء اليوناني في القمة التي وصفت بأنها من أكثر القمم الحاسمة في تاريخ الاتحاد الأوروبي.

في غضون ذلك، دعت اتحادات نقابات العمال والموظفين الموالين للحزب الشيوعي المعارض، إلى الإضراب العام لمدة 48 ساعة يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين 28 و29 يونيو (حزيران) الحالي والتجمع في ميدان أمونيا وسط أثينا في العاشرة صباحا بالتوقيت المحلي، كما دعت حركة الشباب الغاضبين للمظاهرة والبقاء في ميدان سيندغما المواجه للبرلمان لمدة 48 ساعة متصلة في نفس اليومين.

ووفقا لما تم الإعلان عنه، فقد بدأ البرلمان اليوناني جلسات النقاش حول التدابير الجديدة ويتم التصويت على هذه التدابير بحلول الساعات الأولى من يوم 30 يونيو الحالي، حتى تكون الموافقة على التدابير جاهزة قبل عقد اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في الثالث من يوليو (تموز) المقبل.

من جانبه، أعلن رئيس البنك المركزي الأميركي بن برنانكي أن الأزمة الاقتصادية في اليونان قد تشكل تهديدا لاستقرار النظام المالي العالمي إذا لم يتم التوصل إلى إيجاد حل لها، وقال برنانكي «إذا كان هناك عجز عن حل هذا الوضع، فإنه سيشكل تهديدا للأنظمة المالية الأوروبية والنظام المالي العالمي والوحدة السياسية لأوروبا».

وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال المحلل المالي جورج يورغاكوبولوس وهو أستاذ جامعي، إن خروج أثينا من عملة اليورو الموحدة وإعلان إفلاسها، لا يهدد اليونان فقط بل يهدد العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) والاقتصاد العالمي ككل، موضحا أنه في حالة الإفلاس وعجز أثينا عن سداد الأموال إلى البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، هذا يعني أن أموال الدول الأخرى في البنك والصندوق سوف تتبخر وهذا يؤثر بطريقة مباشرة على دول العالم.

الى ذلك يثير الخلاف بين فرنسا وألمانيا بشأن تحمل القطاع الخاص لجزء من أعباء الديون اليونانية، والذي يؤجل خطة الإنقاذ الثانية لليونان، مخاوف زعماء مجموعة السبع، الذين يراقبون اجتماعات رؤساء المجموعة الأوروبية الجارية في بروكسل. وقد ضم رئيس الوزراء البريطاني صوته أمس إلى صوتي رئيسي كندا والولايات المتحدة المطالبين بنبذ الخلافات الأوروبية والتحدث بصوت واحد لتقديم حل حاسم لأزمة الديون اليونانية.

وشدد البنك المركزي الأميركي مساء الأربعاء على «الأهمية الكبرى التي يمثلها حل الوضع اليوناني» الذي يعتبر «صعبا جدا». وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بن برنانكي «إذا كان هناك عجز عن حل هذا الوضع، فذلك سيشكل تهديدا للأنظمة المالية الأوروبية والنظام المالي العالمي ولوحدة أوروبا السياسية». وتعطي واشنطن حاليا النصح للأوروبيين. وندد وزير الخزانة الأميركي أيضا تيموثي غايتنر بشدة هذا الأسبوع بالانقسام، مطالبا بالتحدث «بصوت واحد وواضح حول استراتيجية» لمواجهة الأزمة.

والصعوبات المستمرة التي تواجهها منطقة اليورو منذ سنة ونصف السنة لتجاوز أزمة الدين التي انطلقت من اليونان أعادت إطلاق النقاش حول مستقبل الوحدة النقدية التي أنشئت في 1999، لكنها تعاني من خلل مثل عدم وجود سياسة موازنة مشتركة.

ويخشى كثيرون أن يتسبب الأوروبيون في اضطرابات تتجاوز إلى حد كبير منطقة اليورو إذا لم يتمكنوا من منع إفلاس اليونان تماما كما تسبب الأميركيون في إغراق قطاع المال في العالم في أزمة عبر ترك مصرف «ليمان براذرز» يعلن إفلاسه في منتصف سبتمبر (أيلول) 2008. وعقد مؤتمر عبر الدائرة الهاتفية لوزراء مالية مجموعة السبع الاثنين على هامش اجتماع منطقة اليورو في لوكسمبورغ.

وإذا لم تحصل مفاجآت فإن هؤلاء الذين يطالبون بحل خلال قمة بروكسل قد يكونوا يضيعون وقتهم. فقد أرجأ الأوروبيون القرارات الكبرى المتعلقة باليونان إلى الثالث من يوليو (تموز)، لأنهم قبل تقديم أي دفعات مالية جديدة لليونان يريدون من أثينا أن تترجم وعودها باعتماد إجراءات تقشف جديدة، وخصخصة واقع ملموس عبر تصويت برلماني. ويطالب صندوق النقد الدولي المشارك أيضا في خطة إنقاذ اليونان بضمانات حول التمويل المستقبلي لليونان.

وكان الصندوق حذر في تقرير الاثنين من أن الفشل في اتخاذ التدابير الحاسمة لمواجهة أزمة الدين «يمكن أن يؤدي وبسرعة إلى اتساع التوتر إلى قلب منطقة اليورو، وأن تؤدي إلى انعكاسات عالمية كبيرة». وقال دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى إن قادة الاتحاد الأوروبي سيحاولون رغم كل شيء «إعطاء التعهد الذي يرغب به صندوق النقد الدولي». وسيناقشون أيضا طريقة تنظيم المشاركة الطوعية للمصارف وجهات دائنة أخرى خاصة في خطة يونانية جديدة. وفي سلسلة من العواصم خصوصا في باريس، نظمت الحكومة الأربعاء مشاورات حول هذه المسألة مع الدائنين. وإلى جانب وضع اليونان يفترض أن تصادق القمة على عدة إجراءات من شأنها أن تتيح لمنظمة اليورو الدفاع عن نفسها في المستقبل من أزمات الدين، لا سيما تعزيز نظام الأمان المالي.

كما يتوقع المصادقة على تعيين الإيطالي ماريو دراغي على رأس البنك المركزي الأوروبي خلفا للفرنسي جان كلود تريشيه. وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» أول من أمس الخميس إلى أن إرجاء هذه المسالة محتمل بطلب من فرنسا التي تريد ضمانات بأنها ستحتفظ بممثل في مجلس الإدارة.