جدوى الاقتراض.. «الحسبة سهلة»

سعود الأحمد

TT

ما أكثر الفرص الاستثمارية المتاحة من حولنا في الدول الخليجية، وربما في معظم دول العالم. ويمكن حساب الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع بطريقة ميسرة للغاية بالنظر إلى تكلفة رأس المال المنخفضة حاليا ومقارنتها بالعائد. وعندما نتحدث عن تكلفة رأس المال، فإن المقصود هنا سعر الفائدة السائد.. أو هو تكلفة الاقتراض. بمعنى أنه يمكن تقدير نسبة العائد على رأس المال المتوقع من المشروع ومقارنته بمجمع سعر الفائدة.. وفي الغالب أننا سنجد أن هناك فرصا استثمارية كثيرة مشجعة يمكن الدخول فيها.

من ذلك الفرص الاستثمارية العقارية في السعودية، فهناك أناس تنطبق عليهم شروط الحصول على قرض شخصي أو سكني مصرفي أو قرض عقاري سكني من صندوق التقاعد.. وهذه فرصة مربحة جدا. حتى إن البعض قد يحصل على قرض شخصي يمكِّنه من شراء عقار سكني يستطيع تأجيره بمبلغ يقارب تكلفة سعر الفائدة.. ومع ذلك يتردد البعض في اقتناص هذه الفرص! وللمعلومية فإن سعر الفائدة للقروض الشخصية يقل عن قروض الإسكان، كما أن قروض الإسكان تقل عن قروض الاستثمار.

واعتباري لها أنها فرص يجب اقتناصها.. ليس مجرد افتراض أو توقع، لكنه واقع مشاهد يمكن تأييده في ظل الظروف والمعطيات المتاحة. وهذا بالمناسبة ما تتم بناء عليه دراسات الجدوى الاقتصادية من قبل المستشارين والمحللين الماليين والاقتصاديين بدور الخبرة ومكاتب دراسات الجدوى الاقتصادية؛ لأنه لا يمكن عمل أي دراسة مع افتراض أسوأ الظروف أو (العكس)، أحسن الظروف المتوقعة، وإنما تتم الدراسات في ظل المتاح من المعطيات الحالية والمتوقعة، وفي أقصى حالات الحذر يتم تقدير احتمالات المخاطر وتقارن باحتمالات النجاح، ويتم اتخاذ القرار الاستثماري.. وهو ما ننادي به أن يتم على المستوى الشخصي للأفراد.

وعندما نتحدث عن سهولة احتساب الجدوى الاقتصادية للقروض المستثمرة في العقار، فإن ذلك يبنى على معطيات ملموسة بسيطة جدا.. فهناك أصول عقارية تعرض حاليا في الأسواق بعائد (إيجار) يقارب نسبة 10% من القيمة المعروضة بها. وإذا قارنَّا هذا العائد بسعر الفائدة السائد في الأسواق لمختلف أنواع القروض، الذي يتراوح بين 2.75% و7%.. هذا بالإضافة إلى العائد المتوقع من نمو سعر رأس المال، لأن هناك من يعرض للبيع بالاستناد إلى تكلفة البناء في الماضي، ولا ينظر لتغير سعر العقارات نتيجة تغير تكلفة البناء الحالية؛ لذلك فإن الجدوى الاقتصادية واضحة من الاقتراض لشراء مثل هذه الأصول العقارية، وبالأخص منها ما هي ذات عائد شبه مستمر. وأعتقد أن الغالبية لديهم المعلومة، لكنهم بحاجة فقط إلى شيء من قوة الإرادة لاتخاذ القرار الاستثماري.. وهو ما يفتقد له الكثير منا (للأسف الشديد)! تصوروا أن أحد المقترضين من الصندوق العقاري السعودي متردد هل يستخدم المنحة الملكية للقسطين من القرض المستحق عليه للصندوق، أم يسدد بها المتأخرات عليه. ويمكن اتخاذ مثل هذا القرار بناء على دراسة الجدوى الاقتصادية بطريقة حسابية كالتالي: إذا احتسبنا القسط المتأخر على أنه يساوي (12000) ريال وقارناه بالقسط المستحق البالغ (9600) ريال، فإن نسبة التخفيض التي سيستفيد منها المقترض تساوي (20%)، وهي تفوق، بلا أدنى شك، سعر الفائدة في السوق.. وبالتالي فإن قرار الاستفادة من منحة خادم الحرمين الشريفين لسداد الأقساط المتأخرة يمكن اتخاذه بسهولة. حتى بالنسبة لسداد الأقساط غير المستحقة أو ما يعرف بالسداد المعجل، فالبعض تكون لديه سيولة مجمدة بالبنك أو يمكنه توفير سيولة لسدادها، والمفترض أن يستفيد من خصم نسبة الـ(10%) الإضافية للسداد المعجل.

الشاهد أن هناك فرصا استثمارية يقدر لها عائد يفوق بكثير سعر الفائدة السائد حاليا، واقتناص مثل هذه الفرص يحتاج فقط لشيء من القدرة على اتخاذ القرار الاستثماري. وهو ما يفتقده البعض ويتميز به معظم رجال الأعمال.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]