فجوة بين المخترعين والممولين!

سعود الأحمد

TT

لا أدري إلى متى تبقى الجامعات بالدول النامية منضوية في محيط مبانيها. والعكس في جامعات الدول المتقدمة، تحظى الجامعات بالدور الأكبر في التشريع والتنظيم والمتابعة والتطوير.. وفي معظم نواحي حياة المجتمع الخاصة والعامة!؟.. ومن ذلك ريادتها في مجال الابتكارات والاختراعات؟!. التي تبدأ (في معظم الأحيان) فكرتها من مركز البحث العلمي لإحدى الجامعات.

بل ومن المألوف أن تشاهد في وسائل الإعلام الأميركية أو الأوروبية، مبتكرات يروج لها، على أنها اختراع. مع أنها مجرد أفكار بسيطة في محتواها، لكن المجال عندهم مفتوح والطريق ممهد أمام كل مخترع ومبتكر أن يجد التمويل من البنوك والمؤسسات المالية الاستثمارية، ويحظى بالتشجيع من الجهات الرسمية المعنية، ليمضي قدما في نجاحاته. مع أننا كمجتمعات عربية لدينا من العقول البشرية التي تبتكر أفضل بكثير مما لدى بعض الدول الصناعية، لكن ثقافتنا الاستثمارية والتمويلية منحصرة في مجالات محدودة.. قروض استهلاكية وسكنية وتجارية!. بل إن لدينا أفكارا مؤهلة لتبني نواة مصانع حيوية مهمة جدا.. وخذ على سبيل المثال مصانع السيارات: على الرغم من جدواها الاقتصادية (على المدى الطويل) وتأثيرها الإيجابي على الاقتصادات الوطنية والمجتمعات.. ومساس حاجة أسواق المنطقة وربما الأسواق العالمية لها، إلا أن القطاع التمويلي ليس لديه الحافز لتمويلها!.. والنتيجة أن أفكارها إما أن توأد في مهدها أو تبقى تراوح في محيط حجم الجهود الشخصية إلى أن يتوفى أصحابها إلى رحمة الله!.. ولا تجد من يدعمها بالقدر الذي تستحقه من الدعم.. وهذا من أهم أسباب تخلف الصناعة التي جعلتنا دولا غير صناعية، على الرغم من توفر كل معطيات التصنيع (المال والموارد البشرية والتقنية)!.

صحيح أن لدينا جهات رسمية يفترض أنها معنية بتبني أفكار البحث العلمي. ففي السعودية (مثلا) لدينا مدينة الملك عبد العزيز، لكنني لا أذكر على مدى عمرها المديد (قرابة أربعة عقود) ما هي المصانع التي تبنت إنشاءها وخدمت بها مجتمعها؟!. بل ولا أعلم عن حجم تعاونها مع الجامعات السعودية بوجه خاص والجامعات الخليجية والعربية والعالمية بوجه عام؟!. وبعبارة أدق: أنا لا أعرف أي اسم لمصنع يشار له بالبنان ولد في أحضان مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.. الذي نعرفه أنها ومنذ أنشئت تبنت فكرة توليد الطاقة عبر الطاقة الشمسية، ولا أظنه نجح؟. ومنذ ذلك الحين.. نسمع عن طحن ولا نرى طحينا!. والذي أرجوه أن نردم هذه الفجوة الشاسعة بين الجامعات ومراكز البحث العلمي وبقية معاقل التعليم والتدريب وبين قطاع التمويل (الحكومي والخاص)!؟. فالباحثون من الطلبة وأساتذة الجامعات والمعاهد العلمية المتخصصة، لديهم أفكار ومخترعات وإبداعات، يمكن تبنيها ليتم إنشاء مصانع جديدة لها أو خطوط إنتاج خاصة لتطوير وتحويل العديد من المنتجات التي تحتاجها أسواقنا المحلية وبما يناسب ظروفنا الجوية والاجتماعية!.

* كاتب ومحلل مالي