توقف ضخ الغاز المصري إلى الأردن كلف الطرفين قرابة 30 مليون دولار

وزير البترول المصري لـ «الشرق الأوسط»: التفجير نسف كل التدابير الأمنية.. ولا يمكن السماح لأطراف خارجية بتأمينه

لقطة لمجمع توزيع الغاز المنفجر في العريش (إ.ب.أ)
TT

قال وزير البترول المصري عبد الله غراب إن تفجير خط غاز سيناء أمس، الذي يضخ الغاز لإسرائيل والأردن ولبنان، نسف التدابير التي تم اتخاذها لتأمين الخط في وقت سابق، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه لا يمكن السماح لأي أطراف خارجية بالتدخل في تأمين الخط تحت أي ظرف.

وأضاف غراب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هناك لقاء مرتقبا مع عدد من الأجهزة الأمنية «لبحث مدى إمكانية وجود نقاط أمنية على مسار الخط بشكل نتجنب من خلاله أخطاء التفجيرات السابقة».

وأشار غراب إلى أن أسباب التفجيرات الحالية غير معلومة، وقال: «من المستحيل تحديد أسباب الانفجار إلا بعد هدوء الحريق، وهناك لجنة فنية من الوزارة توجهت لحصر الخسائر الناتجة عن التفجير».

وأكد وزير البترول أن الحكومة المصرية هي التي تتحمل تكلفة تصليح الخط، فعملية إصلاح الخط عن التفجيرات الثلاثة الماضية كلفت الدولة نحو 24 مليون دولار.

وقد أعلن مصدر مسؤول في وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية أن ضخ الغاز المصري إلى الأردن توقف تماما منذ أمس بعد الانفجار الذي تعرض له خط الغاز الرئيسي بمدينة العريش، وهو الثالث في غضون ستة أشهر.

وقال المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الأردن كان يستقبل 50 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي المصري قبل الانفجار، مشيرا إلى أنه يتم حاليا سحب الكميات المتبقية من الغاز في الخط بعد إغلاقه من جانب مصر. وأضاف أنه سيتم في ضوء توقف ضخ الغاز المصري تحويل جميع محطات توليد الكهرباء في الأردن إلى العمل على الوقود الصناعي والديزل إلى أن يتم عودة ضخ الغاز مرة أخرى.

ويعد هذا الانفجار في خط الغاز المصري بمدينة العريش هو الثالث، حيث كان الخط قد تعرض لانفجارين من قبل في 5 فبراير (شباط) و27 أبريل (نيسان) الماضيين، مما أدى إلى توقف ضخ الغاز تماما إلى الأردن، وعاد ضخ الغاز مرة أخرى بعد إصلاح الخط.

وتقول السلطات الأردنية إن توقف ضخ الغاز المصري وتحويل جميع محطات توليد الكهرباء في الأردن إلى العمل على الوقود الصناعي والديزل يحمّل الخزينة العامة خسائر في قطاع توليد الكهرباء بما لا يقل عن 3.5 مليون دولار يوميا.

وتعد تفجيرات أمس هي الرابعة خلال خمسة أشهر (فبراير، مارس «آذار»، أبريل)، وكانت تفجيرات أبريل هي الأكثر قوة ونتج عنها تلفيات كبيرة في الخط، توقف بعدها ضخ الغاز إلى الأردن وإسرائيل لمدة 40 يوما، إلى أن استؤنف الضخ منذ ثلاثة أسابيع.

وعن موقف المفاوضات مع الدول التي تستورد الغاز من مصر بعد تفجير الخط ووقف ضخ الغاز قال غراب: «لم يتم تقييم الموقف بعد، لكن مفاوضات تعديل الأسعار مع الأردن وإسرائيل تسير بشكل جيد».

وتتفاوض وزارة البترول مع الدول الذي تستورد الغاز المصري لمراجعة الأسعار بهدف زيادتها، وهو ما يمكن أن يوفر للدولة بحسب تصريحات رسمية لوزير المالية المصري نحو 4 مليارات جنيه خلال العام المالي الحالي.

ويرى خبراء أن تلك التفجيرات المتتالية تضعف موقف الجانب المصري من التفاوض على زيادة أسعار التصدير، وأكدت الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن تأمين الغاز أصبح مهددا في ظل استمرار مسلسل تفجير الخط، وهو ما يضعف موقف الجانب المصري في التفاوض بينما يعزز من فرص الدول المستوردة في البحث عن بدائل أخرى، خصوصا أن المنطقة يوجد بها عدد من الدول التي يتوافر بها احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي، أبرزها قطر والعراق وإيران.

وأعلن الأردن في وقت سابق أن هناك مفاوضات لاستيراد الغاز العراقي نظرا للخسائر التي تتكبدها شركات الكهرباء بسبب انقطاع الغاز المصري على فترات متقاربة بعد تفجير الخط.

وتراجع مصر حاليا عقود تصدير الغاز لسبع دول، أبرزها إسرائيل والأردن وإسبانيا، وقدمت وزارة البترول عرضا لـ«شركة غاز المتوسط»، وهى الشركة التي تتولى تصدير الغاز لإسرائيل، ويتضمن العرض زيادة أسعار الغاز بنحو 250 مليون دولار سنويا، ولا تزال الشركة تدرس المراجعات الجديدة بينما يوجد عدد من الطلبات لدى الحكومة الإسرائيلية تدعو إلى ضرورة التوقف عن استيراد الغاز من مصر تماما، حيث إن استمرار الاعتماد على الغاز المصري يمثل ضغطا على الجانب الإسرائيلي ويجعله معرضا لوقف الإمدادات في أي وقت.

وتعلو هذه الأصوات داخل إسرائيل بعد أن بدأ عدد من الشركات هناك في تحديد إحداثيات المنطقة التي كشف عنها تقرير صادر عن هيئة المساحة الجيولوجية الأميركية يؤكد وجود احتياطي من الغاز في مثلث حيفا يصل إلى 122 تريليون قدم مكعب، ويضم المثلث كلا من مصر ولبنان وإسرائيل وقبرص، وهو ما يفتح باباً أمام هذه الشركات لاستخراج الغاز وبالتالي البحث عن منافذ لتسويقه.

أما عن مفاوضات الأردن التي تعتمد على الغاز المصري بنسبة 80%، فكان هناك اتفاق مبدئي على أن يبلغ السعر الجديد للغاز الطبيعي المصري المورد للأردن نحو 4.8 دولار لكل مليون وحدة حرارية، بدلا من نحو2.15 دولار، السعر السابق، وكان الجانب المصري يأمل في دفع المفاوضات ليصل إلى 5 دولارات، علما بأن اتفاق زيادة الأسعار كان يقضي بزيادة الكميات التي يتم توريدها للأردن من 50 مليون قدم مكعب يتم ضخها حاليا إلى 100 مليون قدم مكعب يوميا.

يذكر أن اتفاقية تزويد الأردن بالغاز الطبيعي الموقع بين مصر والأردن في 2001 ولمدة 15 عاما تقضي بتوريد 240 مليون قدم مكعب يوميا للمملكة (2.4 مليار متر مكعب سنويا)، وأن هذه الكمية تكفي لإنتاج بين 60 - 65% من احتياجات المملكة من الكهرباء، والنسبة المتبقية يتم إنتاجها بواسطة الوقود الثقيل، وهناك تقديرات أخرى تقول إنها تغطي 80% من احتياجات الأردن من الكهرباء.

واتفق البلدان في يوليو (تموز) 2010 على كميات إضافية بحيث يرتفع الحجم إلى 300 مليون قدم مكعب يوميا (3.3 مليار متر مكعب سنويا) إلا أنه لم يتم بعد توقيع الاتفاقية.

من جهة أخرى توقعت مصادر أردنية مطلعة، قبل هذا الانفجار، أن يبلغ السعر الجديد للغاز الطبيعي المصري المورد للأردن نحو 4.8 دولار لكل مليون وحدة حرارية بدلا من نحو 2.15 دولار، السعر السابق، بينما كان متوسط السعر العالمي يتراوح ما بين 6 و7 دولارات.