السعودية: فتح الباب أمام القطاع الخاص لإدارة قطاعي «المياه» و«الطاقة»

خبير اقتصادي يدعو إلى إنشاء هيئة لتنظيم الأسعار.. ومخاوف من تأثر الخطوة بـ«البيروقراطية»

TT

اتخذ مجلس الشورى السعودي أمس، قرارا متقدما، يدفع نحو إعادة تقييم تجربة إشراك القطاع الخاص في إدارة ملفي إنتاج الطاقة والمياه المحلاة، في خطوة قرأها خبراء اقتصاد بـ«المهمة»، في حال توافرت الشروط التي تضمن الربحية للشركات المستثمرة، ولا تضر مقابل ذلك مصلحة المستهلكين. وصدر عن المؤسسة البرلمانية في السعودية، قرار يدعو لـ«إعادة تقييم تجربة إشراك القطاع الخاص في الاستثمار بإنشاء محطات تحلية المياه المالحة وإنتاج الطاقة الكهربائية».

ويتوقع خبراء اقتصاديون، أن ينعكس فتح الباب أمام القطاع الخاص للاستثمار في مجالات المياه والطاقة، إيجابا في مسألة مد السوق المحلية بهذين المنتجين المهمين، في وقت تبرز فيه مخاوف مما تم تسميته اصطلاحا «انفلات الأسعار» و«البيروقراطية الحكومية»، وانعكاساتها السلبية على فاعلية مثل هذا القرار.

ويعتقد فضل البوعينين الخبير الاقتصادي السعودي، بأهمية وجود هيئة لتنظيم أسعار الطاقة والمياه بما يحقق هدف الخصخصة، ونجاحها، ولا يضر بمصلحة المواطنين الذين يحتاجون دائما إلى دعم الحكومة في أهم منتجين أساسيين في حياتهما وهما الطاقة والمياه. ويرى البوعينين في تعليقه لـ«الشرق الأوسط» حول قرار مجلس الشورى، أن السعودية لا يمكنها الوصول إلى مرحلة الكفاءة في إنتاج الطاقة والمياه دون الاعتماد على العقول والكفاءات المحركة للقطاع الصناعي الذي أثبت نجاحا في إدارة مشاريع التنمية الصناعية كشركة «سابك» و«أرامكو» و«مرافق».

وأوضح الخبير الاقتصادي السعودي أن بلاده «بدأت متأخرة في إشراك القطاع الخاص في إنشاء محطات الطاقة لضمان شراء منتجاتها بأسعار محددة، وهذه الأسعار قد لا تتوافق مع أسعار البيع، وهنا تكمن المشكلة»، على حد تعبيره. وفي مجال تحلية المياه، يشير البوعينين، إلى أن الدولة ما زالت هي المتحمل الوحيد في هذا الجانب، وهذا يؤثر سلبا في حجم الإنتاج الذي يحتاج إليه المواطنون. ويخلص فضل البوعينين إلى قناعة بأن «القطاع الخاص لا يمكن أن يقدم على الاستثمار في تحلية المياه وتوليد الطاقة، دون أن تكون هناك رؤية شاملة للأسعار بما يضمن تحقيق الربحية، أو أن يضمن تعويضا من خلال المشاركة من قبل الحكومة بفارق الأسعار».

ويؤكد الخبير الاقتصادي السعودي أن استثمار القطاع الخاص في الإنتاج يحتاج إلى تنظيم لأسعار البيع، بما يكفل تحقيق الربحية ولا يضر بالمواطنين. وأضاف «أجزم أننا في مرحلة الخصخصة، وهذه المرحلة تحتاج إلى تحمل القطاع الخاص لدوره في إنتاج الطاقة والمياه بما يحقق الكفاية والكفاءة في الوقت نفسه.. إلا أن مثل هذا الأمر لا يمكن تحقيقه دون دعم الحكومة للقطاع الخاص، ومساهمتها أيضا لضمان نجاح هذه التجربة».

وشدد البوعينين على أن «أداء القطاع الخاص لا يمكن مقارنته بأي حال من الأحوال بأداء وزارة المياه، وهو أداء حكومي صرف، وإذا ما أردنا الكفاءة والجودة، يعني أننا نبحث عن القطاع الخاص، وأكبر مثال على ذلك أداء شركة (مرافق) بمديرية المياه في المنطقة الشرقية».

واعتبر في نهاية الأمر، أن مسألة إشراك القطاع الخاص في ملفي إنتاج الطاقة والمياه المحلاة «أمر لا يمكن تحقيقه إلا بقرارات واضحة لا يمكن تأويلها من القطاع الحكومي، لأن الأخير يحاول قدر المستطاع الحيلولة دون تمدد القطاع الخاص في نطاق عمله، على الرغم من أن هذا يعتبر هدفا للحكومة».

وأما في القطاع الصناعي، فرأى الخبير الاقتصادي السعودي، أن فتح الباب أمام القطاع الخاص لإنتاج الطاقة على أسس تجارية سوف يحل إشكالية تنامي الطلب على الطاقة، وسيساعد على توفير الطاقة الكافية للقطاع الصناعي بما يكفل توفير طاقة إضافية تساعد في مواجهة المتغيرات الحرجة.

وكان مجلس الشورى السعودي قد وافق بالأغلبية على إجراء دراسات وأبحاث لخفض تكاليف الإنشاء والإنتاج لمحطات تحلية المياه المالحة والطاقة الكهربائية، وإعداد دراسات الهندسة القيمية لهذه المشاريع، ودعم ميزانية المؤسسة العامة لتحلية المياه بالمبالغ اللازمة والمطلوبة لبرنامج إعادة تأهيل وإعمار المحطات القديمة.

كما وافق المجلس على أن تنسق مؤسسة تحلية المياه مع وزارة الصناعة والتجارة والشركات الصناعية الكبرى، مثل «أرامكو» و«سابك» و«شركة الكهرباء» لتفعيل مبادرة صناعة قطع الغيار وتقنيات تحلية المياه والكهرباء والصناعات المختلفة.