مصر: الهيئة العامة للبترول تخاطب مؤسسات مالية عالمية للحصول على 1.5 مليار دولار

الشركات الخاصة تطالبها بسداد مستحقاتها

المؤسسات الأجنبية قد تسعى لدخول شركاء محليين لتغطية جزء من قيمة القرض بالعملة المحلية (أ.ف.ب)
TT

تتفاوض هيئة البترول المصرية، أكبر المقترضين داخل السوق المحلية، مع ثلاث مؤسسات مالية عالمية لتوفير قرض دولاري بقيمة 1.5 مليار دولار توجه حصيلته لتمويل عقود استيراد الطاقة، بديلا عن القرض الذي طلبته قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير وتوقف بعد مخاطبة بنوك عالمية ومحلية بشأنه.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مصرفية مطلعة أن مؤسسة «مورغان ستانلي» و«جي بى مورجان» و«بى ان باريبا» كون كل منها كونسيرتيوم منفصلا لاقتناص ترتيب القرض لصالح شركة «بل إنترناشيونال بتروليوم إكسبرت ليمتد» المملوكة للهيئة.

وقالت المصادر إن المؤسسات الأجنبية، قد تسعى لدخول شركاء محليين لتغطية جزء من قيمة القرض بالعملة المحلية (الجنيه المصري) خاصة في ظل التعديلات التي سمحت بزيادة الحد الأقصى المسموح به في إقراض الهيئة التي تجاوزت الحد القانوني للإقراض، والذي يشترط عدم زيادة الاقتراض الممنوح للهيئات عن 25% من القاعدة الرأسمالية للبنك.

ووافق البنك المركزي على رفع الحد الأقصى للاقتراض المسموح به للهيئة العامة للبترول لمواجهة عمليات استيراد المنتجات البترولية المختلفة خاصة السولار والبوتاغاز، وقال وزير البترول المصري عبد الله غراب إن موافقة البنك المركزي تعد خطوة رئيسية لمساعدة الهيئة على الحصول على قروض بصورة أسهل من حيث التسهيلات والشروط.

وأشار مسؤول بارز في هيئة البترول رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن موافقة المركزي المصري ساهمت بصورة ملحوظة في تجاوب عدد من البنوك العاملة محليا مع مطالب الهيئة بالحصول على تسهيلات ائتمانية. وأضاف أن البنك الأهلي قدم على مدار الفترة التالية لثورة 25 يناير تسهيلات ائتمانية بلغت 900 مليون دولار، لتمويل استيراد منتجات بترولية رئيسية مثل السولار والبوتاغاز.

ويتشابه القرض الجديد الذي طلبته الهيئة العامة للبترول، مع قرض مماثل رتبه البنك الأهلي المصري وجي بي مورغان الأميركي منذ عام، وبلغت قيمته ملياري دولار، بالإضافة إلى قرض قصير الأجل بلغت قيمته 500 مليون دولار، وشاركت فيه نحو 22 مؤسسة مالية محلية وعالمية.

ولم يستبعد طارق عامر رئيس اتحاد البنوك المصرية، دخول مصرفه، الأهلي المصري، أكبر البنوك المحلية في القرض الجديد الذي طلبته الهيئة، رغم عدم وصول طلب رسمي إليه حتى الآن، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى قدرة مصرفه، على توفير ما تحتاجه الهيئة، خاصة فيما يمس بشكل مباشر الاحتياج الشعبي والمعيشي، رغم تجاوز الهيئة الحدود المسموح بها للاقتراض.

وقال عامر إن التعديل قد يتيح مزيدا من التمويل للهيئة، خاصة مع تحرك البنوك العامة في زيادة القاعدة الرأسمالية لها مما يمكنها من زيادة القروض.

وقال مصدر مصرفي في أحد البنوك العامة المصرية، إن وجود ضمانة من قبل وزارة المالية للقروض الممنوحة للجهات الحكومية يجعل البنوك تسعى لاقتناص القروض المرتبة إليها، مشيرا إلى أن الهيئة العامة للبترول مؤسسة رابحة، لكن بيعها لمنتجات البترولية بسعر مدعم للمواطن يحول دون توفر سيولة تمكنها من عدم الاستدانة.

واستبعد المسؤول المصرفي في الوقت ذاته أن تكون ضخامة مديونيات الهيئة العامة للبترول والتي بلغ حجم اقتراضها العام الماضي فقط أكثر من 50 مليار جنيه (8.4 مليار دولار)، حائلا أمام حصولها على قروض جديدة من قبل المؤسسات المالية المحلية والأجنبية.

وبلغ حجم الدعم المتوقع للمنتجات البترولية للعام المالي الجديد 2011/2012 نحو 100 مليار جنيه، توجه منه 60 مليارا للسولار و20 مليارا للبوتاغاز، بنسبة 77 في المائة من إجمالي الدعم.

وفي سياق متصل طالبت شركات بترول خاصة بحسم ملف مستحقاتها المتأخرة لدى الحكومة، ممثلة في الهيئة العامة للبترول، مشيرة إلى أن توسعها في إقامة المشروعات مرهون بسداد هذه المستحقات. وأكد مسؤولون في شركات البترول، خلال ورشة عمل نظمتها شركة «Oil & Gas»، نهاية الأسبوع الماضي، أن مستحقات شركات البترول الخاصة والأجنبية لدى الحكومة تأتي على رأس هذه التحديات التي تواجه الكيانات الخاصة المحلية والأجنبية العاملة في القطاع، بجانب البيروقراطية في إبرام التعاقدات وإرساء المناقصات التي تتسبب في خسائر فادحة للشركات.

وقال الدكتور هاني الشرقاوي، رئيس دانة غاز مصر، إن التأخر الشديد في دفع هيئة البترول مستحقات الشركات الأجنبية والخاصة يؤخر البرامج الزمنية التي تضعها الشركات للانتهاء من أعمالها، مما ينعكس سلبا على المحصلة النهائية للمشروعات.

ويقدر إجمالي مستحقات الشركاء الأجانب لدى الهيئة العامة للبترول بنحو 3.8 مليار دولار بنهاية مايو (أيار) الماضي حسب بيانات صادرة عن الهيئة العامة للبترول.

وقال ديرك فارسشا، المدير العام لشركة «آر دبليو إيه» الألمانية للطاقة، إن الشركات الأجنبية لديها القدرة على تنفيذ مشروعات متميزة في مجال إنتاج البترول والغاز، غير أنها تطالب بالتزام الحكومة بمسؤولياتها نحوها.

وعلى الرغم من تأخر الهيئة في دفع مستحقات الشركات الخاصة العاملة في مجال البترول، فإنها ملتزمة في سداد الأقساط المستحقة عليها للبنوك المصرية بشكل منتظم، خاصة القروض قصيرة الأجل من بنكي الأهلي المصري ومصر أكبر مقرضيها من البنوك المصرية.