كريستين لاغارد تخضع لدورة تدريبية في «أخلاقيات الصندوق»

بعد تسلمها رسميا منصب المدير العام لصندوق النقد

TT

شغلت كريستين لاغارد ثلاثة مناصب وزارية في الحكومة الفرنسية، كما أسهمت في إدارة مكتب محاماة عالمي بارز وحصلت على الكثير من الدرجات الأكاديمية المتقدمة، فضلا عن حصولها على شعار الفارس، وهو أعلى وسام شرف في فرنسا. ومن بين أول التزاماتها كمدير عام لصندوق النقد الدولي الخضوع لتدريب إجباري في مجال الأخلاقيات.

وكجزء من الاتفاق المبرم بينها وبين صاحب العمل الجديد، من المقرر أن تحضر وزيرة المالية الفرنسية السابقة - وأول امرأة على الإطلاق تتقلد منصب مدير عام صندوق النقد الدولي - جلسات ثنائية مع رئيس لجنة الأخلاقيات بصندوق النقد الدولي، فيرجينيا كانتر، والتي ستوضح لها فيها أن صندوق النقد الدولي يشجع الارتقاء بمكانة المرأة ويدين التحرش الجنسي وغيرها من الانتهاكات وأشكال الترويع الأخرى.

وإلى جانب ذلك، سيطلب منها استكمال النوع نفسه من البرامج والاستبيانات المتاحة على الإنترنت والتي باتت جزءا لا يتجزأ من الحياة التنظيمية الحديثة.

«عليك أن تسعي جاهدة من أجل تجنب الظهور بسلوك غير ملائم»، هكذا ينص الاتفاق المبرم مع لاغارد، وهي المرة الأولى من نوعها التي يتم فيها تضمين مثل تلك العبارات الواضحة عن السلوك في اتفاق تعيين مدير عام صندوق النقد الدولي.

وفي هذا الشأن، باستطاعة لاغارد أن توجه الشكر إلى دومينيك ستروس - كان الذي سبقها في شغل هذا المنصب، والذي تمت إقالته في مايو (أيار) في أعقاب إلقاء القبض عليه وتوجيه تهمة الاعتداء الجنسي إليه، الأمر الذي استلزم التدقيق في التوجيهات الأخلاقية وبيئة العمل الخاصة بالصندوق.

وفي يوم الثلاثاء، نشر صندوق النقد الدولي تفاصيل العقد المبرم مع لاغارد، بما في ذلك راتبها: 467940 دولارا سنويا بعد خصم الضرائب. وهذا الراتب يزيد على آخر راتب لستروس - كان بنحو 17000 دولار، بعد زيادة تكاليف المعيشة بناء على مؤشر أسعار المستهلك في منطقة واشنطن.

وستتلقى زيادة قيمتها 83.760 دولار كل عام، خالصة من الضرائب، «لتمكنك من التمتع، لصالح الصندوق، بمستوى معيشة يتناسب مع منصبك كمدير عام لصندوق النقد الدولي وحاجة الصندوق للتمثيل». ويعتبر هذا المرتب منفصلا عن أي نفقات تستحقها لاغارد للقيام بمهام وظيفتها.

وشمل يومها الأول مجموعة اجتماعات شاملة، من بينها جلسات مع الأعضاء رفيعي المستوى بالمجلس الإداري لصندوق النقد الدولي واجتماع عام في المجلس المحلي في الظهيرة.

وفي الوقت الذي تبدو فيه الدعوى القانونية المقامة ضد ستروس - كان على وشك الانهيار، مع تشكيك مدعي نيويورك في مصداقية السيدة التي اتهمته بالاعتداء عليها جنسيا، فقد استمرت عملية التحليل الأخلاقي لشخصيته داخل صندوق النقد الدولي.

وقد تحدثت لاغارد، التي تولت منصب مدير عام الصندوق يوم الثلاثاء، عن «الجراح» التي خلفتها الأحداث الأخيرة، في الوقت الذي تساءل فيه آخرون عما إذا كان مجلس إدارة صندوق النقد الدولي أخطأ في 2008 عندما سمح لستروس - كان بالبقاء في وظيفته بعد التحقق من إقامته علاقة مع أحد أعضاء مجلس إدارة بالصندوق.

لقد انتظر مجلس إدارة الصندوق لعدة أشهر قبل أن يبدأ في إجراء تحقيق عن العلاقة بعد أن تم إعلامه بها لأول مرة، وكافح من أجل تحديد الإجراءات التي يمكن انتهاجها والمعايير التي يمكن تطبيقها على موظف يضطلع مجلس إدارة الصندوق بمسؤولية مراقبته. وتهدف بنود العقد المبرم مع لاغارد إلى تجنب أي غموض في المستقبل.

وقال ويليام موراي، المتحدث باسم الصندوق: «لقد اتخذ الصندوق قرارا واعيا بالاستفاضة في الحديث عن ماهية أعلى المعايير الأخلاقية من خلال هذا العقد».

وكان الصندوق قد شدد القواعد الأخلاقية السارية على أعضائه في مايو، قبل القبض على ستروس - كان، الأمر الذي تجلى على وجه التحديد في إلزام موظفي صندوق النقد الدولي بالإعلان عن أي علاقات جنسية تربط بينهم، بحيث يمكن تسوية أي نزاع محتمل متعلق بتضارب المصالح.

وفي نهاية الشهر، أنشأت كانتر أول برنامج تدريبي إلزامي في مجال الأخلاقيات يغطي «التحرش الجنسي والإساءات الجنسية وغيرها من أشكال الترويع الأخرى»، على حد قول موراي. وجار إعداد مواد أخرى للتعامل مع العنف المنزلي وفض النزاعات وإدارة الخلافات المالية. وأشار موراي إلى أنه سيتم تضمين دورات وبرامج تدريبية أخرى متاحة على الإنترنت.

وفي المؤسسة الشقيقة لصندوق النقد الدولي، وهي البنك الدولي، أنهى رئيس البنك الدولي روبرت زوليك دورة الأخلاقيات الإجبارية المفروضة على طاقم العمل بالبنك، حسبما أشار متحدث باسم البنك الدولي.

ويأتي قرار تضمين معايير جديدة بشكل واضح في العقد الخاص بلاغارد نتاجا للفترة التي قضاها ستروس - كان في هذا المنصب. فبعد السمعة الطيبة التي حظي بها بسبب إنعاشه الصندوق من خلال جهوده في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية، غادره بسبب تهم الاعتداء الجنسي في نيويورك وإقامة علاقة سابقة مع إحدى مرؤوسيه بصندوق النقد الدولي، فضلا عن موجة الغضب التي أثارها بين بعض أعضاء الصندوق ممن شعروا بأن طموحاته السياسية تصرفه عن أداء مهام وظيفته على الوجه الأكمل.

كان ستروس - كان مرشحا محتملا لرئاسة فرنسا. جدير بالذكر أن العقد المبرم مع لاغارد يشتمل على عبارات مشددة تنص على وجوب عدم مشاركتها في أي نشاط حزبي معلن أثناء فترة عملها بصندوق النقد الدولي. وجاء في العقد: «بوصفك مديرا لصندوق النقد الدولي، يتوقع منك الالتزام بأعلى معايير السلوك الأخلاقي بما يتوافق وقيم النزاهة والحيادية وعدم التمييز».