هل ستقلص معدلات البطالة فرص إعادة انتخاب أوباما؟

ارتفاعها المتواصل شكل انتكاسة له مع اقتراب حملته للرئاسة

TT

وضع تقرير الوظائف، الذي نشر أول من أمس الجمعة، الرئيس أوباما في خطر متزايد باحتمال فقدان ما يمكن أن تكون واحدة من أقوى الحجج لإعادة انتخابه، في أنه تمكن من إحداث تحول في الاقتصاد المتراجع سريعا وقيادته نحو انتعاشة قوية.

وأجبر ضعف معدل التوظيف وقفز معدلات البطالة إلى 9.2% منسقي الحملة الانتخابية في عام 2012 على التركيز لا على ما قام به أوباما لتطوير الاقتصاد، بل على ما يمكن أن يقوم به الجانب الآخر (الجمهوريون) للإضرار بالاقتصاد.

يرجع سبب هذا القلق إلى أنه لم ينتخب أي رئيس أميركي منذ الحرب العالمية الثانية مع معدل بطالة يتجاوز 8% - وهي النسبة التي يتوقع مستشارو أوباما الاقتصاديون أن تكون في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. ويواجه أكثر من 25 مليون أميركي البطالة أو عدم امتلاك وظيفة تكفي متطلباتهم أو مهاراتهم، أضف إلى ذلك أن عملية البحث عن عمل تتطلب وقتا أطول من ذي قبل.

وقد حاول ديفيد بلوف، كبير مستشاري أوباما ومهندس حملة أوباما للترشح للرئاسة في عام 2008، التقليل من الاعتقاد أن أوباما يواجه التاريخ للفوز بإعادة انتخابه.

وقال بلوف، خلال اجتماع على مائدة إفطار قامت برعايته قناة «بلومبيرغ نيوز»: «الأميركيون لن يصوتوا بناء على نسبة البطالة، لكنهم سيصوتون بناء على التساؤل (كيف أشعر تجاه الموقف؟ وهل أعتقد أن الرئيس يتخذ القرارات بناء على صالحي وصالح أسرتي؟)».

ثم شن بعد ذلك هجوما حادا على الجمهوريين، فقال: «جميعهم يثيرون الاتهامات القديمة نفسها. دعوا من هم على شاكلة أقطاب وول ستريت يزدادون فسادا وخفضوا الضرائب للأثرياء وقللوا من الاستثمارات في أشياء مثل التعليم والبحث والتنمية».

ومنذ بداية توليه الإدارة، عمل الرئيس والفريق المعاون له على إعادة تقييم وجهات نظرهم الخاصة بالصورة الاقتصادية. وقالوا منذ البداية إن البطالة سترتفع إلى ما فوق 8.2%.

وعندما ثبت خطأ التوقعات في خريف 2009، عندما تخطى معدل العاطلين عن العمل 10%، عمدت الإدارة إلى القول إنها لا تزال في بداية عملها وتوقعت أن يكتسب الاقتصاد المزيد من الزخم.

بدا أن الاقتصاد في طريقه إلى ذلك حتى بدأ التراجع بشكل واضح مرة أخرى العام الحالي. فقد انعكس تراجع معدل البطالة وبدأ في الارتفاع مرة أخرى. وفي أول رد فعل له على تقرير الوظائف المخيف في مايو (أيار) وصف أوباما التقرير بأنه «رياح معاكسة»، بينما وصفه فريقه بأنه «عائق».

أشار التقرير الذي صدر يوم الجمعة إلى أن الاقتصاد الأميركي أضاف 18 ألف وظيفة فقط الشهر الماضي - رقم بسيط - ليؤكد أن الرياح العكسية أشبه بعواصف قوية وعقبة أشبه ما تكون بالجبل.

كان قطاع كبير من الاقتصاديين قد خفضوا من توقعاتهم بالنسبة لما تبقى من العام، فالاقتصاد بحاجة إلى إضافة 200 ألف وظيفة شهريا للحفاظ على معدل النمو بالنسبة للسكان. وقد أظهر أوباما أسفا بالغا مؤخرا بشأن حالة الاقتصاد.

وأشار، خلال حديثه في حديقة الورود، بعد تقرير وزارة العمل الذي نشر صباح يوم الجمعة، إلى أن «الطريق لا يزال طويلا، ولا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به».

جاء ذلك في أعقاب التصريحات التي أدلى بها، يوم الاثنين الماضي، عندما اعترف بأن إدارته لم تتمكن من التوصل إلى استراتيجية لخفض حبس الرهن بصورة ملحوظة وتعزيز سوق الإسكان، كما اعترف مؤخرا بأن خطة التحفيز الاقتصادي لم توفر الكثير من الوظائف كما كان متوقعا في البداية.

تحول الاقتصاد الضعيف إلى هدف كبير وبراق بالنسبة لمرشحي الرئاسة من الجمهوريين، وهو ما جعل النبرة في البيت الأبيض تبدو وكأنه يشعر بخطر كبير.

ويقول ميت رومني، أبرز مرشحي الحزب الجمهوري لخوض السباق الرئاسي في بيان له يوم الجمعة: «تقرير اليوم السيئ للغاية عن الوظائف يؤكد ما نعلمه جميعا من أن الرئيس أوباما فشل في دفع عجلة الاقتصاد مرة أخرى».

وهاجم تعليقات بلوف، بالقول: «لو كان ديفيد بلوف يعمل تحت إمرتي لأقلته في الحال، حتى يشعر بمعاناة البطالة».

وقد وجه بلوف كلمات حادة إلى رومني يوم الخميس؛ حيث قال: «يذكرنا الحاكم رومني بأنه لاعب سيرك سياسي من طراز عالمي؛ فهو لا يلتزم بالموضوع الرئيسي وقيادة الرئيس للاقتصاد».

ربما يؤثر تقرير الوظائف المثير للكآبة على مفاوضات خفض العجز، وقد ركزت غالبية النقاشات على خفض الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب - لكن أيا منهما لا يشكل وصفة سياسية مألوفة للاقتصاد العليل.

إلى جانب التخفيضات الكبيرة في الإنفاق، يناضل أوباما لحمل الديمقراطيين على الموافقة على التسوية. أما الجناح اليساري من الحزب الديمقراطي فيسعى وراء أوباما لتلطيف موقفه تجاه رؤية الجمهوريين من تقليص الحكومة في وقت يرى فيه الاقتصاديون الليبراليون الحكومة بحاجة إلى إنفاق المزيد من الأموال لتوفير الوظائف.

الحقيقة هي أن عدم توفير الاقتصاد لمزيد من الوظائف سيعمل فقط على تعزيز المزيد من النقاشات.

وقال تشاد ستون، كبير الاقتصاديين في مركز أولويات السياسة والميزانية: «إنه من غير المعقول ونحن في وسط التعافي الاقتصادي أننا لا نزال نناضل لاكتساب الزخم، فصناع السياسة يبدون رغبة واضحة في التأني ويهددون بالضغط على المكابح، لكن هذا ما يحدث بالفعل».

في الوقت ذاته يمكن للجمهوريين، الذين قاوموا، بضراوة، إجراءات رفع العائدات الضريبة، استغلال تقرير الوظائف الضعيف لتأكيد أهمية إبقاء الضرائب منخفضة.

يقول السيناتور جيف سيشنز، أبرز الأعضاء الجمهوريين في لجنة الميزانية بمجلس الشيوخ، وبول ريان رئيس لجنة الميزانية بمجلس الشيوخ: «المزيد من الإنفاق والمزيد من الضرائب والمزيد من تخفيف المسؤولية.. لن يؤدي سوى إلى المزيد من تقارير الوظائف الضعيفة».

ويقول بيل بيرتون، الاستراتيجي البارز في مبادرة الأولويات الأميركية، اللجنة السياسية التي تهدف إلى دعم جهود إعادة انتخاب الرئيس أوباما: «يلعب الجمهوريون لعبة متهورة وغير مسؤولة مع الاقتصاد الأميركي؛ فهم بحاجة إلى التقارب مع الرئيس وتغليب مصلحة توفير وظائف أمام الطبقات الوسطى على حماية الثغرات الضريبية بالنسبة للمصالح الخاصة للشركات».

وناضل أوباما للتأكيد أنه حريص على الوظائف بقدر حرصه على خفض العجز. وفي سبيل ذلك قام أوباما بزيارات أسبوعية شبيهة بجولات الحملات الانتخابية إلى الولايات ذات الأهمية السياسية للحديث بشأن التكنولوجيات والتصنيع وكيفية زيادة نمو الوظائف في السنوات المقبلة.

لكن هذه الجولات لم تلق الاهتمام ذاته الذي لقيته مفاوضات العجز في واشنطن؛ حيث وضعت وزارة الخزانة الأميركية موعد الثاني من أغسطس (آب) أمام الكونغرس للتصويت على رفع سقف الدين الأميركي إلى 14.3 تريليون دولار.

وعلى الرغم من أن معدل البطالة قد لا يزال مثيرا للدهشة ويتراجع بصورة بارزة بحلول نوفمبر (تشرين الثاني)، فإن فريق أوباما لم يقترح خطة تحفيز أخرى لتسريع الانتعاش الاقتصادي. وبات أكثر انشغالا بتعزيز الثقة في الاقتصاد.

كما أوضح أوباما، في المؤتمر الصحافي في حديقة الورود يوم الجمعة، رغبة الإدارة في تمديد خفض ضرائب الدخل التي تنتهي بنهاية العام الحالي، والتي تهدف إلى خفض ضرائب الدخل من 6.2% إلى 4.2%، بهدف توفير القروض للشركات والولايات لبناء بنية تحتية جديدة، وترغب في المصادقة على الاتفاقات التجارية مع كولومبيا وبنما وكوريا الجنوبية.

* شارك بيتر والسن في الإعداد للتقرير

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»