هيئة مالية مستقلة: بريطانيا في مأزق.. التقشف بحاجة إلى زيادة الضرائب

الرئيس الأميركي الأسبق كلينتون نصح حكومة كاميرون بإعادة النظر في خطة التقشف

الاحصائيات البريطانية أظهرت أمس ارتفاعا في معدل البطالة (رويترز)
TT

تغامر حكومة الائتلاف الحاكم في بريطانيا عبر تنفيذ إجراءات التقشف بخفض معدل النمو وخفض الدخل من ضرائب الدخل دون تحقيق هدف خفض العجز في الميزانية. وحذر مكتب مسؤولية الميزانية، وهو هيئة مستقلة تراقب الميزانية البريطانية، أمس، من أن بريطانيا ستواجه عقودا من التقشف بسبب ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية ومعاشات كبار السن بينما تواصل الضرائب المجنية من نفط بحر الشمال الانخفاض. وقال المكتب إن ديون القطاع العام البريطانية، أي مديونية الحكومة تواصل الارتفاع إلى درجة تجعل الحكومة بحاجة إلى زيادة مواردها من الضرائب بـ22 مليار جنيه إسترليني (نحو 34 مليار دولار)، وذلك مع إجراءات خفض الإنفاق الحالية، حتى تتمكن من الاحتفاظ بمستويات الديون عند معدلاتها الحالية.

وتعود قصة تفاقم العجز في الميزانية البريطانية إلى عام 1976 حينما بلغ عجز الميزانية معدل 6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. ومنذ ذلك الحين يتواصل العجز عاما بعد عام وتمول الحكومة العجز عبر بيع سندات الخزانة البريطانية لمستثمرين بريطانيين وأجانب للحصول على أموال لتغطية الفجوة في الإنفاق. وبلغ العجز في الميزانية في عام 2010 نحو 11 في المائة من الناتج المحلي، بينما بلغ 167.9 مليار جنيه إسترليني في العام المالي الحالي. وبلغت الفوائد على الديون التي تدفعها الحكومة البريطانية خلال العام الماضي 42.9 مليار جنيه إسترليني. وهذا الحجم من الأموال التي تدفعها للفوائد يفوق ميزانية التعليم ويقارب ميزانية الدفاع.

وقال المكتب الذي يراقب مستقبل التوازن المالي في بريطانيا، في بيان، أمس، نشر على موقع وزارة الخزانة البريطانية واطلعت عليه «الشرق الأوسط»، إنه من دون زيادة ضرائب الدخل أو خفض الإنفاق فإن الدين العام للحكومة البريطانية سيرتفع إلى 60 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في منتصف العقد المقبل. ويبلغ الدين العام البريطاني كنسبة من إجمالي الناتج المحلي حاليا نحو 70 في المائة.

وكان الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، قد حذر في مقاربة بين الوضع المالي الأميركي والبريطاني من وقوع بريطانيا في فخ توسيع فجوة العجز في الميزانية عبر تطبيق إجراءات تقشفية قاسية. وكان الرئيس كلينتون في المقاربة التي أجراها مؤخرا ونقلتها صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية، قد حذر بريطانيا من الوقوع في فخ التقشف، وقال: «إن بريطانيا تغامر بتوسيع فجوة العجز في الميزانية عبر تنفيذ إجراءات تقشف قاسية». وأضاف الرئيس الأسبق أن خفض الإنفاق في الميزانية الذي يصاحبه ارتفاع في معدل الضرائب في بريطانيا يجب أن يؤجل إلى حين أن يحقق الاقتصاد انتعاشا ملموسا، لأن مثل هذه الإجراءات التقشفية القاسية ربما تؤدي إلى إعاقة النمو الاقتصادي. وقال كلينتون في إشارة إلى السياسة الاقتصادية التي تنفذها الحكومة البريطانية: «إنهم يطبقون هذه الإجراءات التقشفية الكبيرة وهناك احتمال كبير أن ينكمش النشاط الاقتصادي بدرجة كبيرة، ينخفض معها دخل الخزانة من الضرائب بأكثر من الخفض في الإنفاق وينتهي الأمر ببريطانيا إلى وضع مالي يزداد فيه العجز في الميزانية».

وحسب توقعات مكتب مسؤولية الميزانية البريطاني فإن الدين العام كنسبة من الناتج المحلي البريطاني سيصل إلى 107 في المائة بحلول عام 2060 - 2061. وتبلغ تكلفة معاشات التقاعد للقطاع العام حاليا نحو 79 في المائة من الناتج المحلي البريطاني أو نحو 1.1 تريليون جنيه إسترليني منذ مارس (آذار) عام 2010. وذلك بحساب وزارة الخزانة البريطانية وعلى أساس إجمالي حجم المعاشات التي التزمت الحكومة بدفعها حتى مارس عام 2010. كما تقدر تكلفة التزامات الحكومة الطارئة مثل ضمانات القطاع المصرفي ضد الأزمات بنحو 200 مليار دولار. وهذه الالتزامات التي تقدر بـ1.2 تريليون جنيه إسترليني تواجهها موجودات حكومية لا تفوق 759 مليار جنيه إسترليني حسب أرقام وزارة الخزانة البريطانية.