أميركا «تشاروت سرا» حول خيارات بديلة لرفع سقف الديون

شملت بنوك ومستثمرين وتناولت بيع موجودات الذهب

TT

أعلنت وكالة ويس ريتينغز الأميركية للتصنيف الائتماني، وهي وكالة مستقلة صغيرة ينحصر تصنيفها على المؤسسات المالية والديون السيادية، أنها خفضت تصنيف ائتمان الولايات المتحدة إلى «سي ناقص». وحسب المستوى التصنيفي للوكالة الصغيرة فإن «سي ناقص» يساوي «تريبل بي» بالنسبة للوكالات الأخرى. وقال غيفين ماغور المحلل المالي بالوكالة الأميركية في بيان بهذا الخصوص بعثت به إلى «الشرق الأوسط»: «إن خفضنا للتصنيف الائتماني لأميركا ليس مرتبطا بعدم رفع سقف الديون الأميركية ولكنه يعكس الضعف الحالي في السيولة وقبولية السندات الأميركية في الأسواق العالمية». ورغم أن وكالة ويس ريتينغز ليست مؤثرة مثل وكالات «موديز» و«ستاندرد آند بورز» ووكالة فيتش، فإنها افتتحت مزاد الشكوك في قدرة أميركا على الإيفاء بالتزاماتها المالية التي باتت منذ مدة تحت الاختبار في الأسواق الدولية.

وفي ذات الصعيد نسبت صحيفة «واشنطن بوست» أمس إلى مصادر مطلعة قولها إن مسؤولي الإدارة الأميركية تشاوروا سرا مع مجموعة من البنوك ومستثمرين أجانب حول الخيارات المتاحة أمام الحكومة الأميركية لتفادي حدوث ارتباك حاد في الأسواق في حال أن سقف الدين الأميركي لم يرفع. وقالت المصادر إن مسؤولي الإدارة الأميركية ناقشوا احتمالات وقف بعض الدفعيات المحلية في بنود الإنفاق بالولايات المتحدة، حتى تتمكن الحكومة الأميركية من دفع فوائد السندات للمستثمرين في أدوات الدين الأميركية، والتي تحتوي على دفعيات لصناديق المعاش الأميركية والحكومة الصينية التي تعتبر من أكبر المستثمرين في سندات الخزانة الأميركية ومستثمرين آخرين. كما ناقش المسؤولون كذلك احتمال بيع بعض الموجودات الأميركية مثل الرصيد الأجنبي من الذهب وسندات أخرى. ولكن رجالات المصارف والمستثمرين الذين تم التشاور معهم نصحوا الإدارة الأميركية بأن لا تفعل ذلك. وقالوا حسب ما نقلت صحيفة «واشنطن بوست»: «إن أي فشل في دفع الالتزامات المالية سيخيف المستثمرين ويقوض النظام المالي».

وقالت المصادر إن المناقشات التي أجرتها الإدارة الأميركية مع البنوك والمستثمرين جزء من الخطط الطارئة التي تعد لها في حال فشل التوصل إلى اتفاق مع الحزب الجمهوري حول رفع سقف الدين قبل حلول الثالث من شهر أغسطس (آب) المقبل. وهو موعد أخير إذا لم يتم فيه التوصل إلى اتفاق بين الرئيس أوباما والكونغرس، فإن ذلك سيعني أن الحكومة الأميركية لن تكون لديها الموارد المالية الكافية لتوفية التزاماتها المالية والمكونة من الإنفاق المحلي في أميركا ودفع استحقاقات فوائد سندات الخزانة الأميركية. ومن الناحية الفنية فإن الولايات المتحدة وصلت إلى السقف الأقصى للديون البالغ 14.3 تريليون في نهاية شهر مايو (أيار) الماضي.

ويذكر أن مسحا أميركيا أظهر أن المستثمرين باتوا قلقين من احتمالات تخلف الولايات المتحدة من سداد التزاماتها المالية وسط الخلافات بين الحزب الجمهوري والرئيس أوباما. وارتفع في سوق التأمين على السندات سعر التأمين على السندات الأميركية 7% وهو أعلى مستوى له منذ بداية عام 2010. ولكن رغم ذلك فإن احتمال تخلف الولايات المتحدة عن تسديد التزاماتها في العام المقبل ظل ضئيلا حسب معلومات داو جونز، وهو احتمال واحد إلى 2000. وتتوقع وزارة الخزانة الأميركية أن يكون لديها نقص في التمويل في حال عدم التوصل إلى اتفاق يقدر بنحو 20 مليار دولار. ويجب على الخزانة تسديد 87 مليار دولار في الرابع من أغسطس (آب) و29 مليار دولار، وفي الخامس عشر منه عليها تسديد 29 مليار دولار. وحسب المصادر فإن مسؤولو الإدارة الأميركية ظلوا لأسابيع يجرون مشاورات مع البنوك الأميركية الكبرى وشركات الاستثمار ومديري صناديق الموجودات الأميركية الكبرى وكبار المستثمرين في آسيا والشرق الأوسط حول الأسلوب الأمثل للحفاظ على مصداقية الولايات المتحدة الائتمانية في حال لم يتم اتفاق حول رفع سقف الدين الأميركي. وحسب المصادر فإن من بين الخيارات التي تم بحثها في هذه الاجتماعات التشاورية، هي خيار قيام الولايات المتحدة بدفع الفوائد على السندات وخفض الإنفاق المحلي، أما الخيار الثاني فهو بيع بعض الموجودات الأميركية وخاصة الرصيد الاحتياطي من الذهب وبيع السندات العقارية. ولكن البنوك ومديري صناديق الاستثمار نصحوا بعدم بيع الموجودات لأن ذلك سيشيع الفوضى في الأسواق. وقالوا إن المضاربين ربما يقومون بوضع أسعار بخسة لهذه الموجودات لأنهم يعلمون أن أميركا في وضع المضطر وسيستغلون هذا الوضع. ويذكر أن البيت الأبيض اعترف لأول مرة بهذه المشاورات والخطط يوم أمس. ونسبت صحيفة «واشنطن بوست» إلى المتحدث الصحافي باسم البيت الأبيض جاي كارني قوله «سيكون من قبل عدم المسؤولية أن لا نضع خطة» دون أن يخوض في تفاصيل ولكنه قال إنه على ثقة أن المشرعين في الكونغرس سيوافقون على رفع سقف الدين.