أوباما وإمكانية «إفلاس» أميركا: لسنا كاليونان.. ولن نكون مثلها

رفض تحميل سابقه بوش مسؤولية «إغراق» البلاد في الديون وحذر من «اللعب» بها

أوباما خلال مؤتمره الصحافي أمس (أ.ف.ب)
TT

بينما تستمر المواجهات والمناورات بين الرئيس باراك أوباما وقادة الحزب الجمهوري، وبينما أعلن اثنان من مراكز مراقبة الاستدانة في «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك) أن الحكومة الأميركية يمكن أن تفشل في دفع الديون وفوائد الديون عليها، قال الرئيس باراك أوباما أمس في مؤتمر صحافي اقتصر على المشكلة الاقتصادية: «لسنا مثل اليونان، ولن نكون مثل اليونان». هذه إشارة إلى اليونان التي فشلت في دفع الديون المستحقة عليها، واضطرت لاستدانة أكثر من مائة مليار دولار في بداية السنة، ثم مبلغ مماثل في الشهر الماضي.

ونفى أوباما أن علاقته مع قادة الحزب الجمهوري توترت بسبب الخلافات حول حل مشكلة الديون المتراكمة، والعجز في الميزانية السنوية. وقال: «نتقابل كل يوم. يوم نختلف ويوم نتفق. وكلما نتقابل، يكون هذا في فائدتنا وفائدة الوطن».

وقال إن استفتاءات أوضحت أن قرابة ثمانين في المائة من الأميركيين يرون أنه، آجلا أو عاجلا، لا بد من زيادة الضرائب على الأغنياء حتى يخفف ذلك العبء على وزارة الخزانة، ويقلل من استداناتها. وقال: «حشر الجمهوريون أنفسهم في ركن لأنهم ظلوا يرفضون أي زيادة في الضرائب على أي شخص».

ورفض أوباما أن يقول إن المسؤولية تقع عليه أو على الرئيس السابق بوش بسبب حرب الإرهاب وغزو العراق وأفغانستان، ورفض أن يتحدث عن تفاصيل. لكنه قال بصورة عامة: «لم ندفع تكاليف حربين، ولم ندفع لزيادة خدمات طبية، ولم ندفع لتوفير أدوية للعجزة، وخفضنا الضرائب على الأغنياء». وأضاف: «استعملت وزارة الخزانة بطاقة الاستدانة بما يساوي مئات المليارات من الدولارات، والآن جاء وقت الدفع. ليس دفع كل الديون، ولكن جزء منها».

وأضاف: «مثل أي عائلة أميركية، إذا بالغت في الاستدانة، يجئ وقت دفع الأقساط».

ورفض أوباما توصيات لجنة من الحزبين كانت أوصت بتخفيضات كثيرة، منها تخفيضات كبيرة في الميزانية العسكرية، وقال إنه يرفض تخفيضات في الميزانية العسكرية «تهدد أمننا». وإنه يريد «دراسة الوضع الأمني دراسة كاملة لأنني مسؤول عن الوضع الأمني».

و كان أوباما علق محادثات الدين يوما واحدا أمس لإعطاء فرصة لقادة الكونغرس للاتفاق على خطة لتجاوز العثرة في المحادثات التي تهدف لخفض العجز وتفادي التخلف عن سداد الديون.

وتعهد أوباما بلقاء كبار النواب يوميا حتى يتم التوصل إلى اتفاق لرفع سقف الدين. وأعطى الرئيس الأميركي قادة الديمقراطيين والجمهوريين حتى صباح اليوم السبت لإعادة النظر في مواقفهم في المحادثات.

وقال أوباما في اليوم الخامس على التوالي لمحادثات الدين أول من أمس الخميس حسبما نقل عنه مسؤول في الحزب الديمقراطي «حان وقت القرار. نحتاج خططا ملموسة للمضي قدما».

وبدأ القلق يسود الأسواق المالية خشية أن يكون الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين أكبر مما يسمح بالتوصل إلى اتفاق للميزانية بحلول الثاني من أغسطس (آب) وهو اليوم الذي ستنفد فيه أموال الحكومة الأميركية ما لم يتم رفع سقف الاقتراض الحكومي.

ورفض أوباما الذي يخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 فكرة التوصل إلى اتفاق قصير الأجل سيتطلب رفع سقف الدين مجددا العام المقبل.

وقال أمس «لن أرضى بالتوقيع على حل قصير الأجل». ويريد الجمهوريون خفض الإنفاق دولارا واحدا على الأقل مقابل كل دولار يرتفع به سقف الدين البالغ حاليا 3ر14 تريليون دولار. ويطالبون البيت الأبيض بالجدية في خفض الإنفاق لمعالجة مشكلة الدين كما ينبغي.

والديمقراطيون مستعدون للقبول بتخفيضات معينة في الإنفاق لكنهم يريدون أن يتضمن الاتفاق زيادات ضريبية وإجراءات أخرى لتعزيز الإيرادات لكي يتم تقاسم عبء إجراءات التقشف.

وذكر مسؤول مطلع على المحادثات أن أوباما يعتقد أن من الممكن التوصل إلى اتفاق بقيمة تريليوني دولار إذا تنازل كلا الطرفين قليلا.

,حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما الخميس الماضي الجمهوريين من فكرة اللعب مع مسألة الديون وحذر من أن الأميركيين سوف يفقدون الصبر في حال راوحت المحادثات مع الكونغرس مكانها! وذلك في مقابلة مع تلفزيون محلي.

وقال لمحطة تلفزيون «سي بي إس 3» في فيلادلفيا (بنسلفانيا! شمال شرق) تم تسجيله قبل الجولة الخامسة من المحادثات في البيت الأبيض «أعتقد أنه في وقت من الأوقات! سوف يفقد الأميركيون صبرهم إذا اعتقدوا أن السياسيين يلعبون ولا يريدون حل المشكلات بجدية».

وبالنسبة للجولة الأخيرة من المحادثات التي جرت بين الجهوريين والديمقراطيين! قال أوباما لخصومه الجمهوريين بكل صراحة إن «الأميركيين ينتظرون منا أن نوقف هذه السياسة وهذه الألعاب الصغيرة وأن نحل هذه المشكلة».

وأضاف «قلت إنني أريد اتفاقا لتقليص ديننا وعجزنا بمعدل مليارات الدولارات. قلت إنني مستعد لاقتطاعات مؤلمة في المصاريف. أنا مستعد لتعديل المصاريف الإلزامية مثل البرامج الاجتماعية والتغطية الطبية». وأوضح «قلت إنه يجب بالمقابل أن يساهم أشخاص مثلي فتحت أمامهم الكثير من الفرص! في التضحيات اللازمة» بدفع المزيد من الضرائب.

وأكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس الخميس لقادة الكتل في الكونغرس أن «وقت اتخاذ القرارات قد حان» لحل مشكلة الديون الأميركية! بعد يوم جديد لم يتم التوصل خلاله إلى اتفاق! وتميز بتحذيرات من العواقب الوخيمة إذا لم يبادر مجلس النواب إلى التحرك.

وقال أوباما كما نقل عنه مسؤول ديمقراطي خلال لقاء بين الرئيس والنواب، إن «وقت اتخاذ القرارات قد حان. يجب أن نضع مشاريع ملموسة من أجل التقدم» في هذه الملفات.

وفي أعقاب جلسة خامسة من المفاوضات المتتالية في البيت الأبيض لم تسفر عن نتيجة! بين الرئيس والمسؤولين النيابيين استمرت ساعة وعشرين دقيقة! قال عدد من النواب إن اجتماعا جديدا لن يعقد (أمس).

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية أوضح المسؤول الديمقراطي القريب من المفاوضات، أن الرئيس تمنى إن يجري النواب مشاورات مع أعضاء حزبيهم لتحديد ما يمكن عمله. وأمهل النواب فترة 24 إلى 36 ساعة لاتخاذ قرار. وأضاف المصدر «إذا لم يحصل منهم على أخبار سارة مع خطة تحرك! فيمكن أن يدعو إلى اجتماع جديد في نهاية الأسبوع».

وأكد المسؤول الديمقراطي من جهة أخرى أن أوباما! الذي يجري مفاوضات شاقة حول الميزانية مع خصومه الجمهوريين الذين يشكلون الأكثرية في مجلس النواب! لم يتراجع عن التوصل إلى «أوسع اتفاق ممكن» لرفع سقف الدين قبل الثاني من أغسطس. ومن خلال هذا التعبير عادة ما يشير البيت الأبيض إلى خفض العجز البالغ أربعة آلاف مليار دولار في غضون عشر سنوات! عبر اقتطاعات في الإنفاق وفرض رسوم ضريبية جديدة على دافعي الضرائب الأثرياء.

وتغضب هذه الإمكانية الجمهوريين الذين جعلوا من رفض فرض رسوم جديدة عقيدة لهم.

وازدادت الخميس في واشنطن التحذيرات من عواقب احتمال تخلف الولايات المتحدة عن الدفع.

فقبيل اللقاء في البيت الأبيض توجه وزير الخزانة تيموثي غايتنر إلى الكابيتول وأكد أنه لا يستطيع إعطاء الكونغرس مزيدا من الوقت لرفع سقف الدين إلى ما بعد الوقت المحدد.

وقال في تصريح مقتضب للصحافيين إثر لقاء مع أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ «درسنا كل الحلول الممكنة ولا يمكننا في أي حال إعطاء المزيد من الوقت للكونغرس لحل هذه المشكلة».

من جهته! أعرب رئيس مجلس إدارة بنك جي.بي.مورغن تشايز الأميركي عن قلقه من المأزق السياسي المستمر. وقال إن التخلف عن الدفع يمكن أن يشكل «كارثة».

ودعا رئيس المصرف المركزي الأميركي بن برنانكي الخميس النواب إلى الإصغاء إلى وكالات التصنيف الائتماني التي تهدد بخفض علامة الملاءة المالية للولايات المتحدة حول الدين.

وقالت «ستاندارد أند بورز» في بيان «نعتقد الآن أننا قد نخفض علامات الولايات المتحدة خلال ثلاثة أشهر» في إشارة إلى علامة «إيه إيه إيه» التي تمنحها للدين العام للدولة الفيدرالية الأميركية البعيد المدى! وهي العلامة الأعلى.

وأوضحت الوكالة أن هذا القرار «يعكس مشكلتين منفصلتين غير أنهما مترابطتان».

وتابع البيان أن «المشكلة الأولى هي استمرار العجز عن رفع سقف الدين العام الأميركي بما يسمح للدولة الفدرالية ضمان سداد مدفوعاتها المرتبطة باستحقاقات الدين».

وأضاف بيان «ستاندارد اند بورز» أن «المشكلة الثانية تتعلق برأينا الحالي في احتمال أن يتوصل الكونغرس والإدارة في مستقبل قريب إلى اتفاق حول خطة ذات مصداقية لإعادة التوازن إلى الميزانية على المدى المتوسط».

وكانت منافستها وكالة موديز أعلنت الثلاثاء الماضي أنها تدرس مسألة خفض علامة ديون الولايات المتحدة المصنفة حاليا في خانة «إيه إيه إيه» التي تعتبر الأفضل للأسباب ذاتها.

وقد سبق أن حذرت الوكالة في 2 يونيو (حزيران) الماضي من أنها ستتخذ هذا الإجراء بحلول منتصف يوليو إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين البرلمانيين حول ظروف رفع سقف الدين القانوني لكن هذا الاتفاق لم يتم التوصل إليه بعد.

وردا على إعلان «ستاندارد أند بورز» أكدت وزارة الخزانة الأميركية أن هذا التحذير «يؤكد من جديد على ما تكرره حكومة الرئيس (باراك) أوباما منذ فترة، وهو أن على الكونغرس التحرك دون إبطاء لتجنب تخلف البلاد عن سداد مستحقاتها وإقرار خطة ذات مصداقية تحظى بدعم من الحزبين لخفض العجز» في الميزانية.

من جهتها، طلبت الصين من الولايات المتحدة «اتخاذ تدابير للحفاظ على مصالح المستثمرين».

وحيال الضغوط والتصريحات التحذيرية أكد المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني الخميس قبل الاجتماع أن «تقدما قد تحقق على رغم كل شيء».