أميركا اللاتينية ما زالت في منأى عن أزمة الديون في أوروبا

تجد نفسها في موقع أفضل مما كانت عليه في الأزمات السابقة

TT

يرى خبراء أن أميركا اللاتينية تشهد عموما وضعا اقتصاديا مستقرا مع تسجيل معدلات نمو وصادرات للمواد الأولية قوية تسمح لها في الوقت الحاضر بتحصين نفسها من عدوى انتقال أزمة الديون الأوروبية. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية تبدو الأرقام الأخيرة للنمو مشجعة بالنسبة لهذه المنطقة، ويجمع المحللون على أن أميركا اللاتينية تجد نفسها في موقع أفضل مما كانت عليه في الأزمات السابقة المرتبطة بالديون. وتوقعت اللجنة الاقتصادية لأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي في تقرير نشر هذا الأسبوع أن تسجل المنطقة نموا إجماليا بنسبة 4.7 في المائة في عام2011 وهو معدل يفوق نسبة الـ4.2 في المائة المتوقعة في ديسمبر (كانون الأول) فيما ينصب القلق أكثر على التضخم. لكن الوضع في أوروبا يتدهور والخلافات بين دول القارة القديمة حول سبل تسويته تثير اضطرابا كبيرا في الأسواق. وأعلنت وكالة التصنيف المالي فيتش، الأربعاء، أنها خفضت علامة اليونان 3 نقاط إلى «سي سي سي» مقابل «بي» قبل ذلك، في غياب أي خطة مساعدة جديدة «ذات مصداقية وممولة» من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي إلى هذا البلد الذي يواجه صعوبات خطيرة. وفي مطلع الأسبوع، خفضت وكالة موديز علامة الديون السيادية لآيرلندا وهددت بتخفيضها أكثر في المستقبل. وفي الخامس من يوليو (تموز) خفضت علامة البرتغال على المدى الطويل 4 نقاط، وأرجعت البرتغال إلى فئة استثمارات «المضاربة».

وأوضح مدير التنمية الاقتصادية في اللجنة الاقتصادية لأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي اوسفالدو كاسيف أن أميركا اللاتينية «لا تواجه أزمة»، لكن الوضع في أوروبا «يحمل مستوى من الشك لا يمكننا ضبطه. لكن لا يبدو ضبطه وشيكا اليوم نظرا إلى الظرف (انتقال العدوى)».

وأبدى بعض المسؤولين السياسيين مثل وزيري الاقتصاد المكسيكي والنيكاراغوي مؤخرا قلقهما إزاء الأزمة الأوروبية. وأقرا بأنه لا توجد حتى الآن أي مدعاة للقلق، لكنهما أكدا أنهما يراقبان عن كثب تطور الملف. ولفت الخبراء الذين توجهت إليهم وكالة «فرانس برس» بالسؤال إلى أن أميركا اللاتينية محصنة ضد أي مفعول دومينو ما دام أن هذه الأزمة لا تؤثر على صادرات المواد الأولية بشكل كبير. وإن اقتصرت المشكلة على اليونان مع نمو صيني متين دائما وحلت الولايات المتحدة مشكلة ديونها «فإن عواقب الأزمة في أميركا اللاتينية لن تكون كبيرة جدا»، كما رأى إدواردو بلاسكو من شركة الاستشارات المالية الأرجنتينية «ماكسينفر». لكن إن تدهور الوضع مع انتقال أزمة الدين إلى إيطاليا على سبيل المثال فإننا «سنواجه مشكلة خطيرة جدا على المستوى العالمي مع توقع عواقب صعبة جدا جدا».

والوضع أصبح اليوم أكثر غموضا بسبب جمود المفاوضات السياسية الرامية إلى تفادي أي تخلف للولايات المتحدة عن الدفع، لكن بلاسكو أوضح «أن (صادرات) المواد الأولية تصمد بشكل جيد تماما في الوقت الحاضر». ويؤكد سيباستيان بروزو من مؤسسة ستاندارد أند بورز أن القارة تحظى «بدرجة كافية من المرونة والحرية لجهة إدارتها المالية». ورأى أنه في السنوات الأخيرة «انخفضت مستويات الدين بعد مراجعتها بالنسبة لمعظم هذه الدول، لذلك فإن ضرورات التمويل طفيفة وتظهر الميزانيات عجزا ضعيفا»، وخصوصا «أن القسم الأكبر من دول المنطقة» قلص جزءا من ديونه محليا «ما يسمح لها بأن تحظى بخيار لم يكن موجودا من قبل».