قمة استثنائية الخميس ببروكسل لقادة منطقة اليورو لدراسة أزمة الديون

المفوضية الأوروبية تثق في قدرة البنوك «الراسبة» في اتخاذ خطوات لتعزيز رأسمالها

مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل («الشرق الأوسط»)
TT

قالت المفوضية الأوروبية ببروكسل، إنها على ثقة في أن البنوك التي رسبت في اختبارات الصلابة المالية، ستتخذ الإجراءات الضرورية لتعزيز رأسمالها. وذكر بيان مشترك لمفوضي الشؤون الاقتصادية والنقدية، أولي رين، والأسواق الداخلية والخدمات المالية، مايكل بارنير: «نأمل في أن تتخذ البنوك التي لم تستطيع تجاوز الاختبارات الخطوات الضرورية لتعزيز رؤوس أموالها». ورحبت المفوضية بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، بالإعلان عن نتائج اختبارات الضغط، التي أجريت على البنوك، وقالت إنها تعد خطوة أخرى في عملية الإصلاح.

وقال البيان الأوروبي: «إن إصلاح القطاع المصرفي في الاتحاد الأوروبي، يعد عنصرا مهما من عناصر الاستجابة الشاملة للأزمة الراهنة».. وأشار بيان الاتحاد الأوروبي إلى، أن النتائج سلطت الضوء على أن الغالبية العظمى من البنوك الأوروبية الآن، أقوى بكثير، وأكثر قدرة على مقاومة الصدمات. وأضاف: «نحن نتوقع أن تتخذ البنوك التي فشلت وتلك التي لا تزال تظهر نقاط ضعف كبيرة، جميع الخطوات اللازمة لتعزيز وظائفها الرئيسية». وذكر البيان أن المفوضية الأوروبية ستقدم خلال أيام مقترحات تطالب من خلالها البنوك، بالاحتفاظ بالمزيد من رؤوس الأموال، وتقديم شروط للمرة الأولى، تتعلق بالسيولة والإفراط في الاستدانة، حتى تتمكن البنوك من مقاومة الأزمات والضغوط المالية بشكل أفضل.

وجاء ذلك بعد أن نشرت الهيئة الأوروبية المصرفية، التي نفذت اختبارات الضعط، النتائج قبل يومين، حيث أظهرت أن ثمانية من أصل 90 بنكا أوروبيا، فشلت في اختبارات الضغط، وهي خمسة بنوك إسبانية، وبنك نمساوي، وبنكان يونانيان، وأن 16 بنكا أوروبيا كانوا في منطقة الخطر. وتقيس هذه الاختبارات مدى قدرة البنوك الأوروبية على الصمود أمام أي أزمة مالية أخرى، وأجريت اختبارات الملاءة العام الحالي على 90 مؤسسة مالية من 21 دولة أوروبية، تمثل 65 في المائة من الأصول المالية الأوروبية، وأفاد محافظ البنك المركزي الإسباني، ميجل أنخل فرناندث أوردونييث، عقب نشر نتائج الاختبارات، بأنه لا يتعين على أي مؤسسة مالية إسبانية زيادة رأسمالها بسبب نتائج اختبارات الملاءة.

من جهة أخرى، أعلن رئيس الاتحاد الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، عن الدعوة إلى قمة أوروبية استثنائية يوم الخميس المقبل في بروكسل، وأشار فان رومبوي في بيان الدعوة، إلى أن القمة ستكون مكرسة لتدارس التدابير الرامية إلى ضمان استقرار منطقة اليورو، وكذلك البحث في مستقبل تمويل اليونان التي تعاني من أزمة الديون السيادية، وتتعرض منطقة اليورو حاليا إلى ضغوط المضاربين بسبب ضعف الثقة، والمشكلات التي تعاني منها اليونان، بالإضافة إلى خطورة الوضع المالي، وتعاظم المديونية لدى كل من إسبانيا وإيطاليا وغيرهما، وسيعمل المشاركون على تدارس كيفية متابعة تمويل اليونان في ظل خلافات حول طريقة التمويل، ومشاركة القطاع الخاص في ذلك.

يأتي ذلك بعد أيام من اختتام اجتماعات وزراء المال والاقتصاد الأوروبيين ببروكسل، وجرى خلالها الموافقة على توصيات تتعلق بتنفيذ المبادئ التوجيهية للسياسات الاقتصادية الأوروبية، وذلك كجزء من إصلاح أوسع للحوكمة الاقتصادية. وحسب مصادر المجلس الوزاري الأوروبي، سيكون الغرض من القمة التحرك السريع لمواجهة التطورات السلبية في الأسواق المالية الأوروبية، ولتفادي حدوث حالة من عدم الثقة في الأسواق الإيطالية والإسبانية، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد حل نهائي للأزمة في اليونان، من منطلق الخوف من انتقال العدوى إلى دول أخرى، وعلى هامش الاجتماعات تعهد الاتحاد الأوروبي بمساندة البنوك التي لن تحقق نجاحا في اختبارات الضغط، وذلك في محاولة لمواجهة أي احتمالات لحدوث أزمة بنكية في ظل الظروف الراهنة. وفي التوقيت نفسه التقى رئيس المجلس الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، رئيس الحكومة الإسبانية، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، لبحث المخاطر المتعلقة بأزمة ديون مدريد بعد تفاقم الوضع، نتيجة ارتفاع عائدات السندات الإسبانية إلى أعلى مستوياتها مطلع الأسبوع الماضي. وناقش فان رومبوي مع ثاباتيرو الوضع المالي للاتحاد الأوروبي بشكل عام، بعد تأثر إسبانيا وإيطاليا جراء تفاقم أزمة ديون اليونان، والشكوك المتعلقة بحزمة المساعدات الثانية لها. وكانت عائدات السندات الإسبانية قد قفزت، الاثنين الماضي، لتحقق أعلى مستوياتها منذ تأسيس منطقة اليورو عام 1999، حيث ارتفع الفارق بين سندات الديون الإسبانية مقارنة بنظيرتها الألمانية إلى 335 نقطة.

ويرى ثاباتيرو أن الديون الإسبانية تواجه مشكلات نتيجة الشكوك المتعلقة باليونان، وحزمة الإنقاذ الإضافية، ومشاركة جهات التمويل الخاصة فيها. وفي ختام الاجتماع دعا رئيس الوزراء الإسباني، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، دول منطقة اليورو إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل على حل أزمة الديون اليونانية بشكل سريع؛ لاستعادة ثقة الأسواق، وضمان الاستقرار الاقتصادي للمنطقة. وقال ثاباتيرو في مؤتمر صحافي، إن السبيل الوحيدة لحل أزمة الديون التي تجتاح اليونان وتهدد المنطقة، تتمثل في إيجاد «صيغة أوروبية جادة وصارمة»، بعيدا عن إشراك البنوك والمؤسسات المالية الخاصة. وحث ثاباتيرو الدول الأوروبية القوية، ومن بينها ألمانيا، على الالتزام بمسؤولياتها، وعدم المخاطرة باستقرار العملة الموحدة، مشددا على ضرورة إيجاد رد «سريع واضح وقوي»؛ لتهدئة الأسواق. وذكر أن إسبانيا أدت واجباتها المالية إزاء الأزمات في اليونان والبرتغال وآيرلندا، وأنها ملتزمة بمساندة دول المنطقة لتجاوز الصعوبات الحالية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

مشيرا إلى أنها اتخذت، على صعيد داخلي، جميع الإصلاحات الاقتصادية الممكنة، لدعم اقتصادها وتأدية واجباتها المالية، وأكد ثاباتيرو خلال الأيام الماضية، أن الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها حكومته خلال الأشهر الماضية كافية للحيلولة دون تفاقم أزمة ديون إسبانيا، ومنعها من طلب مساعدات أجنبية مثلما حدث مع اليونان والبرتغال. وفيما يتعلق بإيطاليا، فقد قال وزير المالية الألماني، فولفغانغ شويبله، إن حكومات منطقة اليورو «مطالبة في هذه الأوقات المتوترة بالتصدي لمخاطر اتساع عدوى أزمة المديوينة»، مقرا بأن منطقة اليورو تمر بأوقات صعبة بسبب الديون التي تعاني منها بعض دولها، ومطالبا حكومات الدول الأعضاء بتوحيد سياستها من أجل الخروج من الأزمة. ونفى شويبله شائعات عن أن إيطاليا تحتاج بعد اليونان إلى مساعدات مالية من المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي، قائلا إن نظيره الإيطالي «قدم مشروع موازنة جيدا»، وإن جميع الشكوك حول حاجة الحكومة الإيطالية لهذه المساعدات «ستتبدد فور موافقة البرلمان الإيطالي على مشروع القرار» المشار إليه، وهو الأمر الذي تحقق الجمعة الماضية. وجدد شويبله في التصريحات ذاتها انتقاداته لوكالات التصنيف الدولية، ملمحا إلى نيته اتخاذ إجراءات وقائية ضد الأحكام التي تصدرها هذه الوكالات.

وقال شويبله في هذا الخصوص: «أعتبر أن احتكار ثلاث وكالات تصنيف للسوق وتحكمها به يمثل إشكالية»، مطالبا بتأسيس مزيد من وكالات التصنيف في إطار احترام مبدأ المنافسة، الذي يعتبر أبجديات اقتصاد السوق، وشددت عواصم أوروبية على أن إيطاليا لم تطلب أي مساعدة مالية، وهي دولة صناعية كبيرة تستطيع تجاوز ديونها، وأن البعض لديه ثقة بمقدرة الحكومة الإيطالية على تجاوز مسأالة الديون، من خلال سياسة تقشف من الضروري أن تنتهجها.

واعتبر البعض أن إيطاليا دولة حيوية لا تعاني من مشكلات خارجية مثل معاناة اليونان، وأعربت دول أوروبية في الوقت نفسه عن ارتياحها لسياسة التوفير التي انتهجها رئيس الوزراء، سيلفيو بيرلسكوني، بخفض مصاريف الدولة إلى نحو 48 مليار يورو سنويا حتى عام 2013، وأنه لا حاجة للأوروبيين حاليا أن يقوموا بوضع أموال أكثر في صندوق النقد الأوروبي للمساعدات الطارئة للدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد. يذكر أنه في مسعى لإيقاف امتداد عدوى أزمة الديون إلى دول أوروبية أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا، وعد وزراء مالية دول منطقة اليورو في بروكسل بتوفير وسائل جديدة لحماية الوحدة النقدية الأوروبية من أي خطر، وذلك بزيادة حجم القروض الخاصة بعمليات الإنقاذ المالية، إلى جانب تمديد مهلة تسديد الديون، والتخفيض من نسب الفوائد المعمول بها، وستطبق مثل هذه الإجراءات على اليونان، التي سبق أن حصلت على قرض أول تجاوزت قيمته مائة مليار يورو، لكن الإجراءات تلفها الضبابية في هذه المرحلة، وذلك لا يعني أن أزمة الديون ستختفي عن منطقة اليورو بحسب مسؤولين. أولي رين، المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والمالية: «نحن بصدد تكثيف جهودنا الجماعية لمواجهة الأزمة، باتخاذ إجراءات تتضمن قرارات لدعم المرونة والمراقبة، فيما تعلق بتسهيل الاستقرار المالي الأوروبي». وأعرب وزراء الدول الـ17 الأعضاء في منطقة اليورو عن القلق إزاء التطورات التي تشهدها السوق المالية الأوروبية، والخوف من أن تمتد أزمة الديون التي تواجهها اليونان إلى دول أخرى مثل إسبانيا وإيطاليا.

وأصدر الوزراء عقب اجتماعهم بيانا عاما تعهدوا من خلاله باتخاذ إجراءات وتدابير لمواجهة انتقال أزمة اليونان الاقتصادية إلى دول أوروبية أخرى. وأكد الوزراء أيضا التزامهم «المطلق» بالحفاظ على الاستقرار المالي في منطقة اليورو؛ تحقيقا لهذه الغاية، مبدين الاستعداد لاتخاذ مزيد من التدابير لتحسين قدرة المنطقة على مقاومة مخاطر استفحال تداعيات الأزمة.