منطقة اليورو تعمل على جبهتين لإيجاد حلول للدول المتعثرة

دول اتخذت خطوات داخلية.. والبعض الآخر ينتظر قرارات اتحادية

أزمة الديون وجع رأس كبير لمنطقة اليورو («الشرق الأوسط»)
TT

وثيقة تتضمن عدة توصيات، من بينها إصدار سندات ديون لمنطقة اليورو، أو تأسيس وكالة للاستقرار المالي لمساعدة الدول التي تعاني من أزمات، وأيضا بأن تكون مساعدات الإنقاذ «فعالة على أرض الواقع» لمساعدة الدول، تلك كانت توصيات مؤتمر عبر الفيديو لقادة الأحزاب الاشتراكية في أوروبا، وضم عددا من الشخصيات التي تتولى مناصب كبيرة ومنها رئاسة الحكومة. ويأتي ذلك في وقت بدأت الاتصالات فيه بين العواصم الأوروبية لتنسيق المواقف قبيل انعقاد القمة الاستثنائية المقررة الخميس القادم في بروكسل، وخصوصا أن هناك تباينا في المواقف حول نقاط تتعلق بآلية تنفيذ الخطط التي ينوي التكتل الأوروبي الموحد الإقدام عليها في إطار مساعدة الدول التي تواجه أزمة الديون السيادية، وفي الوقت الذي بدأ فيه التنسيق بين العواصم الأوروبية بدأت إجراءات على الصعيد الوطني في إطار سياسة التقشف، بينما انطلقت دعوات في دول أخرى تطالب بخطوات أوروبية اتحادية، وحدث ذلك في دولة بدأت تظهر عليها أعراض أزمة الديون السيادية وطلبت بالفعل مساعدة، وهي البرتغال، لتكون الدولة الثالثة بعد اليونان وآيرلندا، ودول أخرى ازدادت التكهنات بشأن اقتراب انتقال الأزمة إليها مثل إسبانيا وإيطاليا.

ففي البرتغال دافع الرئيس انيبال كافاكو سيلفا عن ضرورة خفض قيمة اليورو أمام الدولار كي يتمكن الاتحاد الأوروبي من كسب مزايا تنافسية والخروج بشكل أسهل من الأزمة الاقتصادية الحالية. وأضاف كافاكو سيلفا: «إنني أود أن يكون اليورو أقل قيمة لإمكانية قيام الدول الأوروبية بمزيد من المنافسة».

وأبدى الرئيس البرتغالي دعمه «لرفع قيمة الدولار شيئا قليلا»، مضيفا أن خفض قيمة اليورو سيسهل عودة ظهور الصناعة والتجارة الأوروبية، لأن أسعار منتجاتها ستكون متاحة بشكل أكبر للمستهلكين من دول العالم الثالث.

يشار إلى أن الرئيس البرتغالي الخبير بالاقتصاد طرح خلال الأسابيع الأخيرة عدة أفكار لخروج بلاده من الأزمة الاقتصادية التي تشهدها، مثل تشجيع استهلاك منتجات زراعية وطنية لخفض العجز التجاري.

يذكر أن حكومة البرتغال قد طلبت رسميا في أبريل (نيسان) الماضي الحصول على خطة إنقاذ مالي بعد أن اشتد حولها الخناق بسبب أزمة ديونها السيادية، لتصبح ثالث دولة بمنطقة اليورو تطلب مساعدات مالية بعد اليونان وآيرلندا، وتصل قيمة الحزمة إلى 78 مليار دولار.

وفي إسبانيا تقدم وزير الدولة الإسباني لشؤون الاتحاد الأوروبي، دييغو لوبيث غاريدو، باقتراح باسم الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا، ينص على قيام الاشتراكيين في أوروبا بشراء ديون اليونان المطردة لكي تتمكن أثينا من خفض أسعار الفائدة.

وأوضح غاريدو في تصريحات لوسائل إعلام أوروبية أنه تقدم بهذا المقترح خلال اجتماع اشتراكيي أوروبا السبت عبر «الفيديو كونفرانس»، الذي جاء قبيل القمة الاستثنائية التي سيعقدها قادة منطقة اليورو الخميس المقبل.

وأضاف أن مسألة شراء الاشتراكيين الأوروبيين لديون أثينا كان أحد مقترحاته خلال هذا الاجتماع، مبينا أنه أكد ضرورة التركيز في الوقت الراهن على وضع اليونان وتقديم المساعدة المالية التي تحتاج إليها لوقف عملية عدم استقرار الأسواق المالية.

وأشار إلى أن النواب الاشتراكيين طالبوا خلال اجتماع السبت قادة دول الاتحاد الأوروبي بتوحيد جهودهم لمواجهة أزمة الديون واتخاذ خطوات حاسمة لتهدئة الأسواق.

شارك في هذا الاجتماع أيضا بجانب النواب الاشتراكيين في أوروبا رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو ورئيس حزب الاشتراكيين الأوروبيين بول نيروب. وأكد غاريدو خلال الاجتماع على ضرورة أن تصبح مساعدة اليونان واحدة من أولويات الاشتراكيين الأوروبيين، لذا عرض عليهم شراء ديون أثينا.

ودافع غاريدو عن فكرة إصدار سندات أوروبية موحدة لدعم منطقة اليورو، وهو مقترح يلقى معارضة ألمانيا. واختتم الاجتماع بإصدار وثيقة تتضمن عدة توصيات، من بينها إصدار سندات ديون لمنطقة اليورو أو تأسيس وكالة للاستقرار المالي لمساعدة الدول التي تعاني من أزمات، كما طالبوا بأن تكون مساعدات الإنقاذ «فعالة على أرض الواقع» لمساعدة الدول.

ومن المعروف أن اليونان تواجه عجزا مطردا في موازنتها رغم خطة الإنقاذ التي حصلت عليها من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بقيمة 110 مليارات يورو العام الماضي، لمواجهة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها.

وفي روما وافق البرلمان الإيطالي نهائيا الجمعة الماضي على خطة تقشف صارمة بقيمة ثمانية وأربعين مليار يورو بهدف خفض عجز الموازنة الإيطالية في عام 2014 وتهدئة الأسواق المالية. الخطة تشمل خفضا ضخما لأوجه الدعم الإقليمي والتسهيلات الضريبية للأسر، علاوة على خفض الشريحة الكبرى من المعاشات.

إقرار البرلمان الإيطالي لخطة التقشف جاء بعد أن أقرها مجلس الشيوخ في إجراء غير مسبوق في سرعته في إيطاليا شبهه رئيس الجمهورية الشيوعي السابق جورجيو نابوليتاني بالمعجزة، في حين أبدت النقابات معارضتها لهذا الإجراء التقشفي رغم السرعة القياسية التي تمكنت خلالها الحكومة الإيطالية من إعداد وتمرير خططها التقشفية في البرلمان ومجلس الشيوخ، إلا أن السكينة لم تعد إلى الأسواق الأوروبية، وبدا المشهد الإيطالي منقسما على خطة هي الأولى في تاريخه، وبدت إيطاليا تصوت عكس رغبتها وذلك للوفاء بالتزاماتها الأوروبية.

ويقول المراقبون إن استجابة إيطاليا للخضات المالية التي عصفت بالأسواق الإيطالية الأسبوع الماضي في ما بات يعرف أزمة الديون الأوروبية، أتت وسط رفض الشارع والنقابات التي تعتبر خطة الـ48 مليار يورو مجحفة بحق فقراء إيطاليا الذين زاد عددهم عن ثمانية ملايين فقير بحسب آخر الإحصاءات، وهي الشرائح الأساسية التي تطالها هذه الخطة التي ستستمر لأربع سنوات. وبهذا تتجه إيطاليا التي تعد ثالث أكبر اقتصاد أوروبي لركوب حافلة الأزمة التي سبقتها إليها اليونان وآيرلندا، ولتكون على جدول القمة الأوروبية الاستثنائية التي أعلن عنها الخميس المقبل في الحادي والعشرين من الشهر الحالي.