قمة أوروبية حاسمة اليوم.. واليونان تتنفس الصعداء

أثينا: تصريحات ميركل تحبط محاولات التوصل لحل جذري

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل القمة الأوروبية (أ. ف. ب)
TT

يعقد قادة دول منطقة اليورو اليوم قمة استثنائية في بروكسل، تعتبر من أهم القمم الحاسمة للاتحاد الأوروبي ومستقبل عملته الموحدة.

وستبحث القمة سبل مواجهة أزمة الديون وتحقيق الاستقرار المالي في منطقة اليورو ومساعدة اليونان.

وتأتي هذه القمة لتحدد المصير المستقبلي لليونان بشأن وضع خطة جديدة لمنحها قرضا آخر لحماية نظامها المالي حتى منتصف 2014 على الأقل، وطريقة إشراك المصارف والمؤسسات الخاصة في خطة منح القروض، واستعدادا للقمة، توصل مسؤولون في منطقة اليورو من خلال مؤتمر عبر الهاتف إلى 3 خيارات أساسية لإشراك القطاع الخاص في حزمة الإنقاذ الثانية لليونان، الخيار الأول يتمثل في إعادة شراء ديون اليونان وتعزيز ائتمان القطاع العام، ما يرجح أن يؤدي ذلك إلى خفض التصنيف الائتماني لليونان إلى وضع التخلف الانتقائي أو التخلف الشامل عن التسديد.

ويرتكز الخيار الثاني على اقتراح المصارف الفرنسية بتمديد أجل الديون، وهو لا يشمل تعزيز ائتمان القطاع العام. أما الخيار الثالث فتحدث عن فكرة فرض ضريبة على القطاع المالي، على غرار ما يحدث في فيينا مع المصارف الخاصة، ولا سيما المصارف اليونانية التي تحوز نسبة كبيرة من ديون أثينا، ولكن هذا الخيار لن يؤدي إلى خفض تصنيف اليونان إلى التخلف الانتقائي عن التسديد.

وتناقش القمة اليوم خطة إنقاذ لليونان تفاديا لانتقال أزمة الديون إلى إيطاليا أو إسبانيا، اللتين لا تزالان تحت ضغط الأسواق، ومارست الولايات المتحدة الأميركية ضغوطا إضافية في هذا الاتجاه على دول منطقة اليورو.

لكن موقف برلين لا يزال متأرجحا، إذ بعدما حذرت من عدم مشاركتها في قمة اليوم، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن ألمانيا تتوقع نتيجة جيدة، لكن ألمانيا لم تتراجع عن موقفها المطالب بضرورة مشاركة المصارف الدائنة لليونان في خطة الإنقاذ الثانية لأثينا، رغم التحفظات القوية للبنك المركزي الأوروبي.

وفي تصريح اعتبرته أثينا بالسلبي، قللت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من فرص التوصل إلى حل لأزمة الديون اليونانية خلال قمة منطقة اليورو الطارئة اليوم، حيث قالت ميركل إنه لن يكون هناك أي شيء «مذهل» مثل إعادة هيكلة الميزانية اليونانية، ولكن سوف تكون هناك حاجة إلى المزيد من الخطوات المهمة، مما يعني عدم التوصل الكافي لإنهاء الأزمة بل سوف يخلق لها ذيولا جديدة.

من جانبه جدد جان كلود تريشيه رئيس المصرف المركزي الأوروبي اعتقاده بأن من الضروري تجنب أي تخلف عن السداد ولو جزئي من جانب اليونان، وإلا فإن البنك سوف يتوقف عن تمويل القطاع المصرفي اليوناني، وسوف يحاول القادة الأوروبيون التوصل إلى اتفاق بشأن منح اليونان حزمة إنقاذ ثانية على أمل تهدئة الأسواق المالية ووقف انتقال المشاكل المالية إلى دول أخرى.

وتوجه رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أمس إلى بروكسل ليستغل وقت ما قبل عقد القمة للقاء نظرائه هناك، ومحاولة كسب ثقتهم في التوصل لحل جذري، فيما ذكر مراقبون أن باباندريو قد يلملم أوراقه ويعود إلى أثينا إذا شعر بأن القمة لن تتوصل إلى حل، وفي اتصالات هاتفية بزعماء المعارضة اليونانية أطلعهم باباندريو على أجندته للقمة الأوروبية التي تتضمن بنودا واضحة وصريحة وهي تمديد فترة سداد الديون، وتقليل نسبة الفوائد على القروض ربما لأقل من 4%، وشراء السندات اليونانية القديمة وضمان توفير السيولة لليونان وحماية النظام المصرفي.

من جانبه، قال وزير المالية اليوناني إيفانجيلوس فينيزيلوس إن الحكومة اليونانية لم توافق أبدا على حل يؤدي إلى فشل انتقائي، وإن ما تسعى إليه الحكومة هو استمرارية الدين وقانونية شرطين: تغطية المتطلبات المالية لليونان من دون مشاكل، وضمان سيولة النظام المصرفي، وبخصوص الدفعة السادسة من القرض الأوروبي المقدر بإجمالي 110 مليارات يورو، والمنتظر تخصيصها لليونان خلال سبتمبر (أيلول) المقبل، أوضح فينيزيلوس أن ممثلي ما يسمى بـ«الترويكا»، وهم خبراء من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي، سوف يعودون إلى اليونان في 16 أغسطس (آب) المقبل.

وقال فينيزيلوس إن السيناريو الأسوأ في قمة الخميس هو أن لا يكون هناك حل، لأن أسوأ الحلول هو حل أيضا، وشن فينيزيلوس هجوما قويا على زعيم المعارضة إندونيس ساماراس أثناء مخاطبته نواب الحزب الحاكم بشأن التطورات المتوقعة في اجتماع القمة، حيث قال إن رئيس حزب الديمقراطية الجديدة يراهن على انهيار البلاد.

من جهة أخرى، شهد معدل البطالة في اليونان أول تراجع له خلال أبريل (نيسان) الماضي وذلك بعد 10 أشهر من الصعود المتوالي دون توقف، حيث كشفت بيانات إحصائية عن انخفاض معدلها إلى 15.8% من 16.2% في مارس (آذار).

في نفس الوقت، دخل أمس سائقو سيارات الأجرة في اليونان في إضراب مفتوح لليوم الثالث على التوالي، احتجاجا على قرار الحكومة إعادة تنظيم مهنتهم، وبعد فشلهم في مفاوضات التوصل إلى حل مع الحكومة، وخصوصا مع وزير النقل يانيس راغوسيس، وأغلقت سيارات الأجرة (التاكسيات ذات اللون الأصفر) الطرق العامة والسريعة في العاصمة أثينا، ولكن نيابة أثينا هددت ببدء ملاحقات جزائية ضد أصحاب التاكسيات، لتسببهم باضطراب في حركة السير وشل الحركة في البلاد، وخصوصا في الموسم السياحي.

ويأتي قرار إعادة تنظيم ترخيص سيارات الأجرة في اليونان في إطار فتح عدة مهن «محمية» في اليونان من بينها سائقو الشاحنات والمحامون والمهندسون والصيادلة، الذي بدأ العام الماضي تحت ضغط الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وهما الجهتان الأساسيتان الدائنتان لليونان، ووفقا لبنود مذكرة موقعة بين أثينا والدائنين.